نسمع نصائح كثيرة لتطوير الذات، ولكننا لا ننفذ 99 في المئة منها.. تمر علينا كتب كثيرة تنصح وتُرشد وتوجه، ولكننا لا نتقيد بها فترة طويلة.. ورغم هذا لا أجد أفضل من الكتب لتغيير حياتنا نحو الأفضل.. أفضل ما تفعله لتطوير شخصيتك والرقي بأفكارك هو أن تقرأ كتابا، وتجعل القراءة عادة يومية.. حين تقرأ كتابا تكسب خلال وقت قصير (وبلا عناء أو تعب) خلاصة أفكار وتجارب ومعارف أنفق المؤلف كامل عمره من أجلها. الكتب الرائعة تمنحك تجارب لن تضطر إلى خوضها، وأفكارا لم تتصور وجودها، وأعمارا تساوي حياة مؤلفيها.. لا يوجد كتاب صعب بل كتاب تصر على إكماله كي تقطف ثمرته وتفهم فكرته كاملة.. صحيح أن القصص والروايات (والكتب التي تناسب ميولك) ممتعة وسهلة الهضم، ولكن إن اكتفيت فقط بقراءة السهل والممتع وما يناسب ميولك فقط، فلن تضيف شيئا جديدا إلى حصيلتك الفكرية. مشكلتنا أن «أمة اقرأ» لم تعد تقرأ أو تقتني الكتب أصلا.. ندفع عن طيب خاطر خمسين ريالا ثمنا لبيتزا نفرزها في اليوم التالي، ولكننا نرى المبلغ نفسه غاليا على أي كتاب يرثه أبناؤنا من بعدنا.. القراءة ونسبة التوزيع أصبحت من مؤشرات التقدم والتخلف بين الشعوب - والعمق والسطحية بين أي مجموعة بشرية. لا أعتقد أننا ندرك فعلا دور الكتب في تغيير حياة الفرد والمجتمع والتاريخ بأكمله.. لا أكاد أحصي عدد الكتب التي صنعت العظماء وانعطفت بالتاريخ وغيرت أفكار البشرية.. الكتب المقدسة مثلا قلبت حياة المجتمعات، وغيرت حركة التاريخ، وشكلت معتقدات الملايين.. كتب مثل «مبادئ كونفشيوس» و«رأس المال» و«ثروة الأمم» و«الدولة اليهودية» تأسست عليها دول وأوطان.. كتب مثل «أصل الأنواع» و«مبادئ نيوتن» و«النظرية النسبية» و«دورة الأفلاك» و«مقدمة ابن خلدون» غيرت إلى الأبد طريقة تفكيرنا ونظرتنا للحياة. ولأن الأفكار العظيمة يمكن ضمها داخل «كتاب»، أعتقد أن أفضل ما تفعله لتحسين حياتك والرقي بأفكارك هو: قراءة كتاب واحد في الشهر. نعم.. كتاب واحد في الشهر.. حاول أن تبدأ بهذه العادة من السنة الميلادية الجديدة، وتنشرها بين أفراد أسرتك قبل حلول السنة المقبلة.. واعتذر عن إضاعة وقتك إن كنت تفضل البيتزا..