على الرغم من التحذيرات الشديدة والمتكررة التي يوجهها الدفاع المدني للمواطنين قبل وبعد هطول الأمطار لتوخي الحذر والابتعاد عن أماكن تجمعات السيول وبطون الأودية ورغم ما تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي من مقاطع مؤلمة ومفجعة لأشخاص جرفتهم السيول بمركباتهم ولقوا حتفهم بأبشع الصور وأسوأء المناظر، إلاّ أنه مازال هناك الكثير من المراهقين ومن فاقدي البصيرة المتهورين تستهويهم المغامرات المهلكة داخل بطون الأودية والأماكن التي غمرتها مياه الأمطار، غير مبالين بخطورة تلك الأفعال وشناعة تلك التصرفات العبثية، التي ربما يفقدون حياتهم بسببها في أدنى لحظة. وفي كل موسم من مواسم الأمطار تتجدد ظاهرة التهور والمغامرات في السيول وتتجدد معها معاناة رجال الدفاع المدني الذين مهما كان لديهم من إمكانات لن يستطيعوا تغطية جزء مساحته مئات الكيلومترات من براري المملكة الشاسعة التي تتنوع فيها التضاريس المعقدة. ماذا بعد وتداولت شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديوهات لبعض المتهورين وهم يقتحمون الأودية مع سبق الإصرار، غير مبالين بتحذيرات الدفاع المدني وغير مبالين بالأشخاص الموجودين بتلك المواقع الذين حاولوا ثنيهم عن رأيهم ومنعهم من المخاطرة بأرواحهم، وكانت النتائج الواضحة في المقاطع كارثية. أحد المقاطع الذي استفز الدفاع المدني قاموا بوضعه في حسابهم في تويتر تحت هاشتاق #ماذا_بعد وطالبوا من المواطنين المشاركة في التعليق على الفيديو من أجل المساهمة في التوعية، بعض المغردين انتقد بلطف وطالب باستحداث نظام العقوبات لردع المتهورين، والبعض منهم هاجم المغامرين في السيول وقالوا: إنهم لا يستحقون الاهتمام بهم، وطالبوا من الدفاع المدني ألا يهرع لنجدتهم. المغرد عاصم الرميح قال: أخي المتهور إذا كان لك محبون فلا تفجعهم، وإذا لم يكن لك محبون فلا تشغل الناس بهمك، وتذكر قول الله تعالى: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة». وعلق طلال العتيبي قائلاً: ما يفعله بعض الشباب من تحدي السيول بمركباتهم واستعراض قيادتهم المتهورة في الأودية وتجمعات الأمطار لا ينم إلاّ عن تدني مستوى الوعي لديهم ورعونة التفكير وسلبية التصرف ومخالفة المنطق. سلوك خطير وأكد د.زيد بن عبدالله بن دريس –باحث في علم الجريمة- على أن من يتجاوز تعليمات وتحذيرات الدفاع المدني فقد قام بسلوك إجرامي خطير يؤدي بالنهاية إلى التهلكة لنفسه وللآخرين، مضيفاً أنه يجب على الجهات المختصة وضع حد لهذا السلوك من أجل ردعه، حيث إن السلوك الإنساني لا يرتدع أحياناً إلاّ بعقوبات سريعة وفعالة تجمح من سريان هذا السلوك المنحرف أو الإجرامي، وهذا ما تم مشاهدته أثناء هطول الأمطار وارتفاع مجرى السيول إلى مستويات عالية جداً تفوق المركبة أو الفرد نفسه، مشيراً إلى أنه لا توجد حتى الآن أي عقوبة صريحة تجاه من يقوم بمثل تلك الأفعال، وبالتالي استمرار ما نشاهده من استهتار من قبل بعض الأشخاص بحياتهم وحياة الآخرين وتدمير الممتلكات الشخصية من أجل المغامرة في مواقع السيول، مؤكداً على أن إقرار الغرامات المالية والسجن يُعد مطلباً أساسياً لمثل هذه التصرفات. حيطة وحذر وقال الشيخ الدكتور سعد السبر -إمام وخطيب جامع الجارالله بالرياض-: إن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق لعبادته وجعل أرواحهم أمانة بين أيديهم ليس لهم حق التصرف عليها بالاعتداء بالقتل أو التعذيب أو الاعتداء على العقل بالخمور والمسكرات، مؤكداً على أن الشريعة جاءت بحفظ الضروريات الخمس الدين والنفس والعقل والمال والعرض، ومنع الاعتداء عليها بأي طريقة كانت أو بأي سبب مهما كان إلاّ بالحق الشرعي بإقامة الحدود والقصاص في النفس بشرط أن يُقيمها الحاكم أو نائبه فقط، ذاكراً إننا نشاهد البعض عند نزول الأمطار يتوجه إلى الصحراء ويتتبع المطر ومواقع نزوله ويتجول في الطرقات مع ما تقوم به الأجهزة الأمنية من تنبيه وتحذير للجميع من عدم الخروج وقت الأمطار، والانتباه وأخذ الحيطة والحذر، مبيناً أننا نسمع أخباراً عن حوادث المطر إمّا الوفاة، أو الإصابة بإعاقات، أو غرق للسيارات، أو غرق للبعض، فهذه مخالفات واعتداء على النفس وتعريضها للخطر والقتل. وأضاف: قال الله تعالى: «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً»، ومع كل هذه المخالفات في هذه التصرفات ستدخل الأحزان والهموم على الأسرة والمجتمع، ناصحاً أنه يجب على الشاب الحذر واتباع التعليمات والمحافظة على نفسه وممتلكاته ووطنه وأهليه. الدفاع المدني يبذل جهوداً في إنقاذ الغارقين