تتسابق المنظمات والشركات إلى استقطاب القادة المؤثرين، الذين سيحدثون تغييراً وتطويراً في منظماتهم، لإيمانهم بأن القائد المحنك يصنع ما لا يصنعه غيره في التغيير، والتطوير، والتأثير في العاملين، بتوجيه دفة المنظمة نحو تحقيق الأهداف بأقل تكلفة، وأقصر مدة، وأكثر جودة، وأعلى ربحية، فالقيادة كما عرفها (ليكرت): قدرة الفرد في التأثير في فرد أو مجموعة، وتوجيههم لكسب تعاونهم، وتحفيزهم على العمل بأعلى درجة من الكفاية، في سبيل تحقيق الأهداف الموضوعة. والمؤسسات والمنظمات التربوية تحتاج كغيرها من المؤسسات إلى قيادات أكْفَاء يقودونها لتحقيق الأهداف العلمية والتربوية؛ لأنهم الذين يصنعون تغيراً إيجابيا في منظماتهم باستثمار طاقات العنصر البشري وتوظيفها في سبيل تحقيق الأهداف. لكن هل كل (معلم) مؤهل للقيادة في مؤسساتنا التربوية؟ وهل من كانت لديه علاقات اجتماعية عالية يكون قائدا كما توحي نظرية السمات؟ أم من كان لديه زخم من الشهادات والخبرات يكون قائدا كما توحي نظرية التعلم؟ أم من كانت لديه صفات شخصية وكاريزما مظهرية يكون قائدا كما توحي نظرية الرجل العظيم؟ من يا ترى هو القائد؟ هل نختاره لتلك الصفات؟ أم لا بد من معايير تشمل تلكم الصفات وغيرها مما بني على أسس علميّة ومنهجية؟ فالمعايير أدوات لضمان الانضباطية في العمل، وهي وسائل الرقابة التي تضعها المنظمة لاختيار أفضل القيادات، والمعايير يُستطاع من خلالها وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وهي تُعدّ مُحصلة لكثير من الأبعاد السلوكية والاجتماعيّة والعلميّة والتربوية، ويمكن من خلال تطبيقها الوصول إلى الهدف الذي من أجله وضعت هذه المعايير. لذا ينبغي وجود مصفوفة من المعايير تختص بالقيادات الفاعلين الذين يحدثون فرقاً وتغييراً في العمليات التربوية والإدارية؛ وتتبنى القيادات العليا دعمها ومتابعة تفعيلها. عندها ستصب المحصلة النهائية في مصلحة تلك المنظمة، وعندما تضع المنظمة المعايير لاختيار قادتها، ستجد أفضل المرشحين لها، وعندما تضع المنظمة المعايير لاختيار قادتها، ستحقق الأرباح، وتقلل الهدر في ثرواتها، وعندما تضع المنظمة المعايير لاختيار قادتها، ستقضي على المحسوبية في عملياتها، وعندما تضع المنظمة المعايير لاختيار قادتها، لن يتقدم إلا الكفء، الذي يستطيع قيادتها وفق التطلعات والطموح، وعندما تضع المنظمة المعايير لاختيار قادتها، ستحقق الرضا الوظيفي لدى العاملين فيها؛ لأن من أولوية القادة الناجحين كيفية شحذ همم العاملين والتأثير فيهم؛ ليحققوا أهداف المنظمة، ولا يكون ذلك إلا بعد تحقيق الرضا الوظيفي لهم، وعندما تضع المنظمة المعايير لاختيار قادتها، ستتفادى الأخطاء، وتتجاوز المخاطر -بإذن الله-، وعندما تضع المنظمة المعايير لاختيار قادتها، ستوضع خطة استراتيجية للمنظمة تُبنى فيها الرؤية، وتُرسم الرسالة، ويُحلل الواقع، وتُحدد المعالم، وتُبنى الأهداف الاستراتيجية، والفرعية، وتوزع المهمات، وتُحدد المدد للمشروعات، ويُتابع الإنتاج، وتُتجاوز العقبات، وعندما تضع المنظمة المعايير لاختيار قادتها، ستفتح آفاق استثمار جديدة للمنظمة، كل ذلك بإذن الله وتوفيقه.