@ من أبرز الإشكاليات التي يعانيها الواقع الإداري في بعض منظمات القطاع العام في العالم الثالث هوضعف الكفاءة في صناعة القرار في إدارتها العليا، ويدعم ذلك الأوضاع التقليدية التي تشهدها هذه المنظمات التي تحولت إلى قطاعات غير منتجة بالدرجة المطلوبة، وقد أنتجت هذه الإشكاليات عدة إفرازات منها ضعف الحالة المعنوية للعاملين، وقلة وانخفاض مستوى الإنتاجية ورداءة الجودة، والنزاع بين المجموعات داخل المنظمة، وعدم وضوح الأهداف على مستوى المنظمة ككل أو على مستوى إداراتها المساعدة، وعدم ملاءمة هيكل المنظمة أو عدم وجوده أحيانا، وضعف تصميم المهام. @ وإذا كانت (الإدارة بالأهداف) مدرسة إدارية لها وجودها العلمي النظري فإن (الإدارة بالشلة) أصبحت مدرسة عملية موجودة، فالمدير من هذه النوعية والذي وجد نفسه مديراً اعتماداً على معيار شخصي لا موضوعي يعتمد على (شلته) وأصدقائه في إدارة الأهداف وتجسيد المهام، وهذا الاختيار في النهاية خاطئ لأن اختيار هذه النوعية من المديرين قائم على معايير شخصية (شللية) لا موضوعية تسودها الكفاءة والقدرة، مما يؤدي بالتالي إلى ضعف المنظمة وعدم قدرتها على الوصول إلى أهدافها المنشودة. @ ولعله من المهم هنا الإشارة إلى أن السمة المميزة واللازمة لأي دولة عصرية تريد أن تنمو في عصرنا الحالي هي استنادها على المؤسسات، وهذه المؤسسات يجب أن تحتوي على جرعة كبيرة من الكفاءة والقدرة على الإبداع وتغيير الواقع الحاضر بطرق خلاّقة بحيث يختلف الوضع الجديد عن الوضع القديم، وذلك عبر قيام كل مؤسسة بتعديل شامل يلامس فضاءها الداخلي وأفرادها وطريقة إنتاجها وإدارتها لعملياتها، والمحور الجوهري هنا يقوم على تبني المؤسسات لبيئة تنظيمية تُعطي الاتجاهات الإبداعية شرعيتها، وتبلورها في منهج فكري وعملي يقوم على قيم ومعايير وممارسات وظيفية تغرس وتؤصل الإبداع كهدف مؤسسي مطلوب، بحيث يتم تهميش نمط الإدارة التقليدي القديم القائم على المحاولة والمحاولة فقط دون الوصول إلى النجاح . @ من المهم أيضاً الإشارة إلى دور القيادات الإدارية المؤهلة وتأثيرها على حسن إدارة المنظمة، فهذه القيادات ستكون مسؤولة عن الإشراف على وضع السياسات والأهداف والبرامج، وقيادة وتنمية العاملين، وجودة اختيار هذه القيادات أو إبعادها إذا كان الأمر ضرورياً وذلك عنصر أساسي للنجاح، وهو ما يفرض إيجاد وتطوير معايير موضوعية (لا شللية) لاختيار الشخص الأكثر استعداداً للنجاح في مهام القيادة والتغيير والإبداع الإداري، وتوسيع قاعدة اختيار القيادات الإدارية بحيث تضم أفراداً من خارج البيئة الإدارية الحالية للمنظمة، وألا تكون الأقدمية أو المنصب السابق في المنظمة أساساً في الاختيار، وأن يكون التأهيل العلمي (المتخصص) والخبرة العملية الجيدة هما المنطلق فقط في اختيار القيادات العليا للمنظمة. @ إن القادة الإداريين هم بحق وسائل التغيير المرتقب في نمط وأداء أي منظمة تريد تغيير أوضاعها إلى آفاق جديدة متطورة، وعلى قدر تطور معايير اختيارهم وتطوير قدراتهم، ثم على قدر التزامهم بأهداف التغيير ومشاركتهم في صنعه، يكون النجاح هو العلامة البارزة لنجاح المنظمة.