بعد أكثر من شهر من التكهنات والتسريبات الملوثة بالمؤامرات والأجندات المعادية جاء بيان النيابة العامة السعودية بشأن نتائج التحقيقات المتعلقة بمقتل الصحفي جمال خاشقجي ليغلق الباب أمام كل من كان يحاول تسييس القضية واستغلالها للنيل من المملكة وقادتها. هنا.. توقفت أبواقهم قليلاً لتغيير مسار التغطية والتركيز على نقاط هامشية أبعد ما تكون عن الموضوع الرئيسي المتعلق بمقتل (مواطن) سعودي مهما تعددت توصيفاتهم له. لا يهمهم وجود واحد وعشرين شخصاً رهن التحقيق ولا توجيه الاتهام الرسمي لنصفهم تقريباً ولا حتى مطالبة الادعاء العام بإعدام خمسة أشخاص منهم بعد تورطهم المباشر فيما جرى في القنصلية في اسطنبول، فأهدافهم أبعد من ذلك بكثير. كانوا يريدون من مقتل خاشقجي أن يكون عنوان حملتهم الرخيصة ضدنا، فتارة يسوقون له في الأوساط السياسية بالمعارض الذي يريد تغيير الحكم في بلاده رغم نفيه لذلك -رحمه الله- أكثر من مرة حتى على قنواتهم.. وتارة هو الصحفي المطالب بحرية التعبير عندما يتم الترويج له في أوساط الإعلام الغربي، لعلمهم أن أي زميل مهنة لن يتردد في التعاطف معه والتركيز على قصته، فكان لهم ما أرادوا حين احتل خبر اختفائه ومن ثم مقتله عناوينهم الرئيسية لأيام وحظي بتغطية واسعة لم يشهدها العالم في قضية مماثلة من قبل. حتى مآسي الشعب السوري مع كيماوي الأسد.. المعتقلات الجماعية لأقلية الأويغور في الصين.. مآسي الروهينغا في ميانمار..الاغتيالات الروسية للمعارضين في أوروبا.. والاعتقالات والإقالات التي شملت عشرات الآلاف من المعارضين لأردوغان ومسرحية اعتقال القس الأميركي في تركيا والإفراج عنه بعد محاكمة هزلية بالتزامن مع أزمة خاشقجي لزيادة الضغط على المملكة.. كل ذلك اختفى من قنواتهم وأعمدتهم الصحفية المطالبة بحقوق الإنسان والعدالة والحرية. ورغم تقديرنا الكامل لتاريخ الأستاذ جمال والسنوات الطوال التي أمضاها في خدمة وطنه من خلال الصحافة والعمل الدبلوماسي إلا أن المبالغة التي رافقت أزمته وهذا التضخيم المتعمد لشخصه وأدواره ليس الهدف منه تمجيده أو تقدير مواقفه بل النيل من الوطن الذي ينتمي إليه وجعل منه جمال خاشقجي. في الأخير.. ورغم فداحة الجرم وما تبعه من حملة على المملكة إلا أن ذلك لا ينفي عن المتورطين واعتزازهم بهذا الوطن الذي عرفوا بالإخلاص له والدفاع عنه في أزمات مصيرية كالمواجهة في اليمن وتلك المستمرة مع قطر، ولعل هذا ما ضاعف من شراسة الحملة الإعلامية التي تعرضوا وتعرضنا لها.. هنا يقال للأسف (غلطة الشاطر.. بمليون).