نتائج التحقيقات التي كشفت عنها النيابة العامة، بشأن مقتل المواطن جمال خاشقجي، جاءت لتؤكد مجدداً أن المملكة عنوان للصدق والشفافية، وأنها ماضية في استجلاء الحقائق بشأن الحادث، رغم ما تتعرض له من محاولات اصطياد في الماء العكر، تمارسها قوى الشر، التي تتربص بالمملكة، وتحاول أن تتصيد لها الأخطاء، بهدف تأليب الرأي العام ضدها. سدت نتائج التحقيقات التي تم الإعلان عنها من جانب النيابة العامة، الطريق أمام محاولات التأويل واختلاق الأحداث غير الصحيحة بشأن الحادث، تشويهاً لدور المملكة في المنطقة، خاصة في ظل التأثيرات القوية، خليجياً، وإقليمياً، ودولياً، التي تنعكس عن السياسة الحكيمة للمملكة. وبقراءة سريعة لبيان النيابة العامة تتضح الحقائق التالية: أولاً: أن المملكة التزمت، ومنذ بداية الحادث في سبتمبر الماضي، الحكمة في إدارة الأزمة، ولم تنزلق إلى محاولات قوى الشر، أو تتأثر بها، أو تسعى لإخفاء الحقائق، وإنما التزمت الهدوء والصمت، وتعاملت مع القضية من بعدها الإنساني، رغم حملة الأكاذيب والافتراءات التي تعرضت لها، وأخذت شكلاً ممنهجاً، غير أن المملكة لم تعبأ بتلك الحملة، والتي تم تسخير أدوات إعلامية، لمحاولة تشويه صورتها دولياً، وقامت باستجلاء حقيقة مقتل المواطن جمال خاشقجي، وأعلنتها صراحة للرأي العام المحلي والدولي، بكل صدق ووضوح. ثانيا: أن المملكة طالبت الجانب التركي، وفور وقوع الحادث، بتشكل لجنة مشتركة لكشف ملابساته، وذلك إيماناً من جانبها بضرورة مشاركة الجانب التركي في البحث عن أسباب الحادث، باعتبار المجني عليه كان يعيش على أرضها، وهناك قواسم مشتركة يمكن أن تساهم في كشف ملابسات الحادث، وقد جاء بيان النيابة العامة مؤكداً أن المملكة، وإمعاناً في إظهار الحقائق دون مواربة، طلبت من تركيا، موقع حادث القتل، تزويدها بنسخة من محتويات الهاتف النقال لخاشقجي، والتسجيلات الإلكترونية المحيطة، وشهادة الشهود، وأن المملكة، حتى الآن، في انتظار الرد من الجانب التركي. ثالثا: كشفت التحقيقات الأولية لفريق النيابة العامة أن المناقشات التي تمت بين خاشقجي، وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول، أدت إلى حدوث شجار، واشتباك بالأيدي مع المواطن جمال خاشقجي، مما أدى إلى وفاته، ليأتي بيان النيابة العامة مؤكداً ذلك، مضيفاً إليه مزيداً من الحقائق تتعلق بطريقة القتل، وكان نتيجة التحقيقات الأولية توقيف 18 شخصاً، جميعهم من الجنسية السعودية، بهدف الوصول إلى كافة الحقائق وإعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين في القضية وتقديمهم للعدالة. رابعا: لم تتستر النيابة على محاولات البعض بإصدار تقارير مضللة، تهدف إلى توريط أبرياء في القضية، وتبرئة ساحة متهمين حقيقيين، وهو ما كشف عنه بيان النيابة، الذي أكد أن تقريراً مضللاً لنائب الاستخبارات العامة السابق، كان سبب تأخير ظهور بيان رسمي من المملكة بخصوص جريمة القتل، وعن اختلاف الروايات التي صدرت، أرجع البيان أن ذلك يرجع إلى أن مسرح الجريمة خارج المملكة. خامساً: كشف بيان النيابة تفاصيل الجريمة، منذ التخطيط لها، وأثناء وقوعها، وتصرفات المشاركين فيها بعدها، وهو ما يعنى أن النيابة في المملكة، حرصت على إظهار الحقائق أمام الرأي العام المحلي والدولي، دون التأثر بمحاولات التشويه المتعمدة التي تستهدف المملكة، خاصة في إعلام بعض الدول المعروف عنها، الرغبة في استثمار الحادث للنيل من المملكة. أن المملكة بدورها الرائد في المنطقة، والعالم، لا يمكن لها أن تخضع للابتزاز، أو التأويل، أو تحريف الحقائق، وهو الأمر الذي تسعى إليه بعض الدول، والتي بدت محاولاتها ظاهرة واضحة، في أعقاب قرار الرباعي العربي، بشأن قطر، أو تحالف دعم الشرعية في اليمن، وظهر بشكل أكثر وضوحاً في أعقاب مقتل المواطن جمال خاشقجي، حيث نالت الإجراءات التي تتبعها المملكة، والتي كشفت عنها تقرير النيابة العامة الأخير، استحسان الدول العربية، ودول العالم، التي ثمنت جميعها الموقف السعودي من القضية، والشجاعة في إظهار الحقائق، مما يسد الطريق أمام المغرضين والمتربصين بالمملكة.