من التوصيفات التي ينطوي تحتها عدد من المسائل في المعاملات المالية؛ هذه «المواطأة» المشار إليها في العنوان. وإجادة هذه التوصيفات تساعد على ضبط الأحكام لا سيما في المعاملات المالية. والمقصود بالمخارج، هي: التي يسميها الفقهاء: «الحيل» والحيل نوعان: 1/ نوع محرم: وهي التي يتوصل بها إلى أمر حرّمه الشرع، وقد تكون الوسيلة ذاتها مباحة، فإن كانت الوسيلة - أيضاً - محرمة؛ كان التحريم مضاعفاً. يقول عن ذلك ابن القيم: وسائر الحيل التي تعود على مقصود الشارع وشرعه بالنقض والإبطال، غاياتها محرمة، ووسائلها باطلة لا حقيقة لها. 2/ والنوع الثاني: يتوصل لها إلى أمر جائز، أو مرغوب لدى الشرع، وقد يكون فيه: مساعدة المكلَّف على فعل ما أمر الله تعالى به، وترك ما نهى عنه، والتخلص من الحرام. ولذلك قال الشعبي لما سئل عن الحيل؟ قال: لا بأس بالحيل فيما يحل ويجوز، وإنما الحيل شيء يتخلَّص به الرجل من الحرام، ويخرج به إلى الحلال. وهذا النوع من الحيل لا بد أن يتوفر فيه أمور: أ - ألا تخالف وسائلها نصاً شرعياً. ب - ألا تناقض أغراضها مقاصد الشرع الحكيم . ج - ألا تؤول إلى مفسدة خالصة أو راجحة. وعلى ذلك: فالمقصود ب: «المواطأة على المخارج الشرعية» هو النوع الثاني من الحيل، فإذا اتفق طرفان على إجراء معاملة مالية، تضمنت مواطأة واتفاقاً على إجراء هذا النوع من: «الحيل والمخارج» فإن ذلك سائغ في النظر الفقهي؛ لأنه اتفاق على إبرام عقود وتصرفات جائزة أصل، يتوصل بها إلى تحقيق أهداف ومقاصد مشروعة. ومن أبرز التطبيقات لهذا النوع في المعاملات المالية المعاصرة: المواطأة على التورق. فيتفق العميل مع المصرف على أمرين: أن يشتري سلعة محددة من المصرف أو غيره، بثمن مؤجل معلوم، وأن يوكل المصرف ببيع تلك السلعة لحسابه إلى طرف ثالث لا علاقة للمصرف به، بثمن معجل، وذلك من أجل حصول العميل في النهاية على النقد الذي هو في حاجة إليه. قال ابن القيم: فالفرق بين النوعين (الحيل المحرمة والجائزة) ثابت من جهة الوسيلة والمقصود اللذين هما: المحتال به، والمحتال عليه، فالطرق الموصلة إلى الحلال المشروع هي الطرق التي لا خداع في وسائلها، ولا تحريم في مقاصدها.