أكد عدد من العلماء في مؤتمر مجلس الفقه الإسلامي الدولي في دورته 32 بالمدينةالمنورة ل"الرياض" أن انفتاح المملكة تجاه التنوع المذهبي صد دعاة الانقسامات , عزز التعايش والتسامح بين مواطنيها , وأن صور التآخي تقوم على التصور الإيجابي للآخر والالتقاء بالمشتركات العقدية والوطنية , والبعد عن كل ما يثير الضغائن والعداوات , مشيرين إلى أن الأعداء يسعون للعب بورقة الطائفية والمذهبية ويراهنون عليها , مستغلين الاختلاف الثقافي والمعرفي والذي يلجمه دائما الإدراك العميق لما يحاك ويدس , وكذلك تجذر وتعمق التلاحم بين القيادة والشعب , وتكريس قبول المختلف والدفع باتجاه حرية الممارسات المذهبية في نطاق الشريعة الإسلامية , مؤكدين أن الإسلام استوعب حضارات وأجناس وأعراق وأنتج نسيجا مترابطا ومتكاملا وأن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أصلتا للتعايش الذي لا يضاده سوى الغلاة والمتشددون. الحرية والكرامة وقال خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة سعيد صبري : نثمن سياسة المملكة العربية السعودية التي تنشر وتشيع العدل والحرية والكرامة بين جميع المواطنين دون تمييز مذهبي , وهذه السياسة قديمة حديثة بدأت منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز – رحمه الله - , حيث يعطى المواطنون جميعا نفس الحقوق المشروعة والحرية الكاملة. وأضاف : ديننا الإسلامي العظيم يقوم على الشورى والعدل ومن مبادئ الشورى إقرار التعددية , وكل مسلم يقول " أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أن محمدا رسول الله " هو مواطن في بلده المباركة , مشيدا في سياق حديثه بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله - للقضية الفلسطينية منذ أن كان أميرا للعاصمة الرياض. وحول الدور الرائد للمجمع الفقهي أكد خطيب الأقصى أن المجمع يمثل دول العالم الإسلامي , ولا يعيق انضمام أي عالم إلى عضويته وهذا سر ريادته , فهو مجمع رائد أكاديمي فقهي موضوعي وبالتالي يستوعب جميع الأمة الإسلامية بمذاهبها ومدارسها المتنوعة. اللحمة والسلام النفسي من جهته شدد ممثل مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف د. عبدالله بن مبروك النجار على أن سر الأمن والاستقرار الذي تشهده المملكة هو العلاقة الوثيقة بين القيادة والشعب والسلام النفسي الذي يعيشه المواطنون. وقال : واقع الحال في المملكة يؤكد ما وصلت إليه من قدرة على استيعاب المعارف المختلفة والأفكار المتنوعة التي تجمع أبناء الوطن الواحد على كلمة سواء , وهذا يتجلى بوضوح في القيادة التي لا تفرق بين مواطن وآخر لتوجهه المذهبي والفكري , فكلهم في الانتماء والولاء سواء , وهذا ما جعل المملكة تنعم بأمن واستقرار لا مثيل له , يشهد العالم أجمع , وكذلك السلام النفسي الذي يلمسه الإنسان في وجه كل " سعودي ". وأضاف : اختلاف الأفكار سنة إلهية , ولكن المرفوض هو تحول المذهبية إلى صراع يهدد كيان الدول ويعرضها للمخاطر , فذلك إفساد في الأرض محرم وممنوع شرعا , ولا يحق لأحد استغلال الاختلاف الفكري لفرضه على المجتمع. التوحد الإسلامي وأكد عميد كلية الشريعة بجامعة الكويت سابقا د. عجيل النشمي أن المجمع الفقهي يمثل الإجماعي الفقهي فهذا العصر يحتم ألا تكون الفتوى فردية في القضايا المستجدة " اقتصادية , طبية , فقهية .. " والتي تحتاج لأهل الاختصاص , فالفقيه لا يستطيع أن يبدي رأيه في قضية محاسبية مثلا دون أن يطلع على الرأي الاقتصادي , والمجمع يقوم بهذا الدور , وهو يمثل كل الدول مع اختلاف مذاهبها وتوجهاتها , وهي صيغة من صيغ التوحد للعالم الإسلامي. قيادة العالم الإسلامي وقال مفتي الديار المصرية سابقا د. علي جمعة : جهود المملكة في نصرة الإسلام والمسلمين , وفي عرض كيفية أن يعيش المسلم حياته في العصر الحديث من غير مشكلات , وفي تعايش تام مع العالم , وفي سلام مهم ينبغي جميعا أن ندعوا إليه , جهود غير منكورة , تذكر فتشكر. وأضاف : جانب من هذه الجهود تبرز من خلال المؤتمر الفقهي , ورعاية منظمة التعاون الإسلامي , وكذلك مجهودات مجمع الفقه الذي يجمع الدول الكثيرة التي تمثل في هذا المجمع , وتربوا على 57 دولة , 44 منها لها مندوبون دائمون من أجل بحث المشكلات , مشيرا إلى أن المجمع أسس عام 1984م , وأنتج أكثر من 76 مجلدا ضمت أبحاثا هامة ورصينة وصلت لاختيار فقهي مستنبط من تراث المسلمين , وعرضت مسائل تهم المسلمين في العالم أجمع , لترتقي مكانة المجمع إلى مرتبة عالية راقية فائقة , وكل ذلك برعاية المملكة التي لا يقف دورها عند رعاية الحرمين الشريفين فقط , بل دورها أشمل وأعم , ويجب علينا أن نحافظ عليها وأن تكون في قيادة العالم الإسلامي. دور مشرف وتاريخي وقال رئيس المجمع العالي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ محمد علي تسخيري : نستطيع بكل قوة أن نقول إن تشكيل مجمع الفقه الإسلامي هو أروع إنجاز من إنجازات منظمة المؤتمر الإسلامي التي تبدل اسمها إلى منظمة التعاون الإسلامي , ومجمع الفقه الإسلامي استطاع من خلال انفتاحه على كل المذاهب الإسلامية , ومن خلال الحرية الممنوحة لأعضائه أن يقدم خدمة كبرى في المجال الفكري والفقهي , والحقيقة أن دور المملكة العربية السعودية في دعم هذا المجمع واستضافته مرات ومرات , هذا الدور دور لا يمكن إنكاره , ودور مشرف لها ولتاريخها. خدمة الإسلام وأكد قاضي محكمة النقض العليا بباكستان محمد تقي العثماني أن المؤتمر يجمع علماء الأمة الإسلامية للنظر في القضايا العصرية في المدينةالمنورة التي خرجت منها أشعة الهداية والنور للعالم , وقال : لقد كانت الانطلاقة الأولى للمجمع من المسجد الحرام لدراسة الموضوعات الفقهية التي تهم المسلمين , ونحن نشكر المملكة على اهتمامها بكل ما يخدم الإسلام والمسلمين. الأصالة والريادة وأشاد وكيل وزارة العدل والشؤون الإسلامية في مملكة البحرين د. فريد المفتاح بالدور الذي تضطلع به المملكة والذي يعد مفخرة لكل المسلمين , مشيرا إلى أن دورها كبير وشامل وممتد لا يمكن حصره بمؤتمر , فالمملكة منذ أن تأسست على يد الملك عبدالعزيز – رحمه الله – وهي تتولى وترعى وتقوم على العناية والرعاية بالقضايا الإسلامية وحل كثير من الإشكالات التي تواجه المسلمين , والسياسة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله - إحدى الشواهد الرائدة والمشرفة إقليميا وعالميا , وحرصهم أيضا على تقديم الصورة الحضارية للإسلام , لافتا إلى أن المملكة تحتضن اجتماعات المجمع لمناقشة قضايا محورية وموضوعات حيوية وهامة ومنها ما يخص التطرف والإرهاب وكذلك الموضوعات الشرعية الاختصاصية الدقيقة , رافعا شكره وتقديره لقيادة المملكة على إسهاماتهم الكريمة والسخية للعالم العربي والإسلامي. د. عبدالله النجار د. عجيل النشمي Your browser does not support the video tag.