إن دين الإسلام يحث على الوفاء والصلة والصدقة والإحسان ورد المعروف، لا سيما لمن كانوا سبباً في وجود الإنسان، وهم الآباء والأمهات والأجداد والجدات، ومهما بذل المسلم من المعروف والإحسان إليهم فإنه لن يفهم قدرهم ولا شيئا من حقهم، جاءَ رجلٌ إلى عمرَ بنَ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ فقال: إنِّ لي أماً بلغ بها الكبرُ، وإنها لا تَقضِي حوائِجَها إلا وظَهري مطية لها، وأوضِّئها وأَصرِف وجهي عَنها، فَهل أَدَّيتُ حَقَّها؟ قَال: لا، قَال: أليس قَد حملتها على ظَهرِي، وحبست نفسِي عليها؟ فقال عمر: إِنها كانتْ تصنع ذلك بكَ وهي تتمنَّى بقاءَكَ، وأنتَ تَصنَعُه وأنتَ تتمنى فِراقَها، ولكِنكَ مُحسنٌ، واللهُ يُثيبُ الكثيرَ على القليلِ. وأخرجَ البخاريُ في الأدبِ المفردِ أنَ ابنَ عمرَ رضي اللهُ عنهُما شهدَ رجلاً يمانياً يطوفُ بالبيتِ، وهو يحَمَلَ أُمَهُ وراءَ ظَهرِهِ يَقُولُ: إني لها بعيِرُها المذَلَّلُ، إن أُذْعِرَتْ رِكَابُها لمْ أُذْعَرْ، اللهُ ربي ذُو الجلالِ الأكبرِ، حمْلتُها أكثرَ مما حَمَلتْنِي، فهل تُرى جازيتُها يابنَ عمر؟ قالَ ابنُ عمرَ: لا، ولا بزفرةٍ واحدةٍ. لقد كابد الأجداد والآباء نصب هذه الدنيا وعانوا الأمرين؛ لأجل أن يحيوا الحياة الكريمة العفيفة؛ ولأجل أن ينفقوا على ذويه وأهليهم فلهم علينا حق عظيم، وإن ما ننعم فيه من خير ونعمة وسعة رزق لم يكن لولا فضل الله تعالى ثم نصب أولئك وجهدهم وعناؤهم. وإن من أجمل ما يوصى به السعي في إنشاء الأوقاف وإشراك الآباء والأجداد في ثوابها، والعمل على أن يكون هناك وقف على صلة الرحم كأن ينشأ بهذا الوقف صالة للمناسبات وتكون مكانا لاجتماع الأرحام والأقارب فيكون هذا الوقف مساندا للتقارب والتواصل، ومعززا لمعاني التكافل الاجتماعي والرعاية الاجتماعية للأسر فالأقربون أولى بالإحسان والمعروف. ومما يذكر فيشكر إقرار وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لنظام الصناديق العائلية، ومن أبرز أهدافها: تعزيز الصلة وبث روح التكافل والتآلف والرحمة بين أفراد العائلة وإصلاح ذات البين والتعاون على البر والتقوى والمساهمة في تنظيم أوجه الإحسان بين أفراد العائلة. وقد نصّت رؤية المملكة 2030 على تمكين القطاع غير الربحي من التحوّل نحو المؤسسية، والعمل على تعزيز ذلك بدعم المشروعات والبرامج ذات الأثر الاجتماعي، وتسهيل تأسيس منظمات غير ربحية للأسر وأصحاب الثروة بما يسهم بنمو القطاع غير الربحي بشكل سريع. لذا فإن على عمداء الأسر ورؤساء القبائل ورجال الأعمال ومحبي الخير السعي لإقامة الأوقاف والصناديق العائلية وإعداد اللوائح والآليات المنظمة لها واستشارة أهل الخبرة في ذلك؛ كي تكون رافدا من روافد الخير والعطاء في هذه البلاد المباركة حماها الله من كل سوء وأتم علينا نعمه ظاهرة وباطنة ورزقنا شكرها بطاعته والبعد عن معاصيه. Your browser does not support the video tag.