توّجت العديد من الأسر اجتماعاتها الدورية بين جميع أفرادها بإنشاء صناديق خيرية خاصة بالأسرة يساهم فيها الجميع وفق ما تتفق عليه الأسرة.. وكانت لهذه الصناديق إسهامات قوية ومباشرة في زيادة أواصر التكافل الاجتماعي فيما بينها، بل إن هذه الصناديق وحسب ما يتحدث القريبون منها أسهمت في علاج كثير من المسائل والقضايا والمشكلات المالية التي حدثت لبعض أفراد الأسرة، ولاشك أن الصناديق الأسرية، لها انعكاسات طيبة على كل فرد من أفراد الأسرة بخصوصهم، وعلى الأسرة بعمومها، «الجزيرة» طرحت على مجموعة من المتخصصين وأهل الرأي عن الكيفية المناسبة لتنمية مثل هذه الخطوات الإيجابية في الأسرة، وعن الحل الأمثل لاستثمار هذه الصناديق، لتحقيق عوائد اقتصادية تساعد على تحقيق الوفرة الاقتصادية لأفراد الأسرة، وتلبي احتياجات الجميع ،إضافة إلى تجربة عدد من الأسر في «الصناديق العائلية». مكافحة البطالة بداية يؤكد د.عبدالرزاق بن حمود الزهراني أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.. أن الصناديق الأسرية ظاهرة صحية، تتفق مع مبادئ التكافل الاجتماعي في الإسلام، ومبادئ صلة الرحم، والتكاتف والتعاون في مواجهة مشكلات الحياة المادية، فضلاً عن أن تلك الصناديق تقوم بتقوية الروابط بين الأقرباء، وإشعار كل فرد منهم أنه لا يواجه الحياة بمفرده، وأن لديه نظام دعم اجتماعي ملموس، فضلاً عن ذلك فإن الصناديق الأسرية يمكن أن تسهم في حل الكثير من المشكلات، فهي يمكن أن تسهم في مكافحة البطالة بمساعدة الشاب الجاد على فتح عمل يدر عليه دخلاً يكفيه لمواجهة متطلبات الحياة، ويمكن أن تسهم تلك الصناديق في مكافحة العنوسة والتقليل منها وذلك بمساعدة الشباب على الزواج، وتحمل تكاليف العرس وتأثيث المنزل، كما أنها يمكن أن تساعد في حل مشكلات الإسكان، وذلك بمساعدة الشباب على تكوين منزل يقيه عبء الإيجار، ومن فوائدها أنها تساعد الأسر على مواجهة الكوارث بروح الجماعة، وتحمل أعبائها، مثل الديات، وحوادث السيارات، والكوارث المختلفة، ثم إن تلك الصناديق لها دور في إيجاد قنوات لتوزيع الثروة، من خلال مساعدة المقتدرين لغير المقتدرين من الأسر القرابية، وقد أصبحت الصناديق الأسرية ظاهرة صحية منتشرة في المدن والقرى، وتعمد بعض الأسر إلى إيجاد أوقاف تنمي أموال تلك الصناديق، وبعضها يعمد إلى اختيار فريق من الأسرة لاستثمار تلك الأموال وتنميتها لحساب الصندوق، وأغراضه المحددة مسبقاً، مقابل مكافآت رمزية للعاملين على الصندوق والساعين إلى تنمية موارده، وفي نهاية كل عام يتم اجتماع للأسرة، ويقدم فيه القيمون على الصندوق تقريرهم للحاضرين، ويستمعون إلى آرائهم ومقترحاتهم حول أداء الصندوق، إن وجود مثل تلك الصناديق يجنب البعض اللجوء إلى القروض الربوية، ويقوي العلاقات الاجتماعية، ويشعر أفراد الأسرة أنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ويجب أن يقوم الصندوق على أسس سليمة، وأن تحدد موارده، ونفقاته، وأن يكون قائماً على حسن النوايا، وأن يكون هدفه المساعدة والتكافل والتعاون في موجهة متطلبات الحياة. نظام الصناديق ويوضح الشيخ عبد المجيد بن محمد العُمري أمين مجلس (أسرة العُمري) أن من الظواهر الحميدة الآخذة في الانتشار في هذا الوقت ظاهرة « الصناديق العائلية « وهي مما يعين على تأليف القلوب وجبر الخواطر وصلة الأرحام، وهي من الأعمال المباركة التي يرجى منها الثواب الدنيوي والأخروي ففيهما أمور مرغوبة في صلة الرحم، والصدقة، أو الزكاة، ومن يسهم فيها يرجى له المحبة عند الله وعند خلقه ويوسع الله في رزقه ويبارك الله في عمره ويدفع الله عن صاحبها كل سوء ومن المعلوم أن أفضل الصلة هي ما كانت على القريب فالبعيد فالأبعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة» رواه أحمد والترمذي. ونحن ولله الحمد والمنة ما نزال نرى ونسمع في مجتمعنا عن الصناديق العائلية وعن التكافل الاجتماعي بين الأسر وهذا مما يزيد الألفة والمحبة والتآلف والتراحم ويضاعف البركة للجميع وفي كل أسرة من الأسر هناك من يقدمون التضحيات والمساهمات الإيجابية في خدمة أهلهم وأسرهم وهم من الموفقين بكل تأكيد للخير ومن المرضي عنهم بإذن الله سبحانه وتعالى إذا أحب عبداً وفقه لعمل الخير وهؤلاء من أصحاب الهمم العالية والعقل الراجح والخلق الرفيع والشهامة أما من يبخل على أهله وأسرته فإنه محروم من الخير من أهل الصفات السلبية المقوته. والأسر المثالية بترابطها وتعاونها وتكاتفها تقدم إنموذجاً لمجتمعها فيما يجب أن تكون عليه الأسرة بل والمجتمع بأسره ولقد رأينا ثمار هذه الصناديق لدى الأسرة ولله الحمد بتعاون أعضائها شيباً وشباباً، سواء لسد الاحتياجات أو للمساعدة في الزواج أو الإعانة على التعليم أو أي أمر عارض من نكبات الدهر ونوائب الزمن وعلى مدى خمس وعشرين في صندوق أسرتنا (أسرة العُمري) نرى أن الصندوق أسهم في تحقيق أهداف كثيرة. ولا يتساهل أي إنسان بالقليل فالقليل مع القليل كثير والبناء الواحد الشاهق الارتفاع مكون لبنات عديدة، وكذلك الحال بالنسبة للصناديق الأسرية يجب أن يسهم بها الجميع كل قدر طاقته. وفي الختام إني أضع تساؤلاً لوزارة الشؤون الاجتماعية ماذا عن نظام الصناديق العائلية التي طرح في مجلس الشورى قبل عدة أعوام ولماذا لا يتم الاستئناس بآراء بعض القائمين على الصناديق العائلية والاستفادة بما لديهم من تجارب ومقترحات. أهميتها في المجتمع ويقول الشيخ خالد بن إبراهيم السويلم عضو مجلس إدارة صندوق السويلم الخيري أن من توفيق الله سبحانه أن شرعت الكثير من الأسر المعروفة بإنشاء وتأسيس صناديق للعائلة تحت مسميات عديدة ((الصندوق الخيري للأسرة، أو التعاوني أو العائلي)) ويقتصر نشاطه على أفراد العائلة كباراً وصغاراً، ورجالاً ونساءً وفق رسالة واضحة وأهداف نبيلة محددة ومن هذه الصناديق صندوق أسرة السويلم الخيري (صلة وبر) والذي تأسس في عام 1416ه ولاشك فيه أن إنشاء هذا الصندوق يعني لعائلة السويلم الشيء الكثير، حيث إنه يعتبر جزءًا مهما في تاريخ وكيان هذه العائلة الكريمة المستمدة تعاليمها من شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تحقيقاً لقوله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وقوله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى). وتتجلى رسالة الصندوق في تحقيق التواصل الأسري والتكافل الاجتماعي والرقي بأبناء العائلة وفق ما جاءت به الشريعة السمحة, ومن أبرز أهدافه، تحقيق التكافل بين أبناء الأسرة والسعي إلى كل مايؤدي إلى التواصل والتراحم، إقامة حلقات التعاون والتواصل ومد جسور الترابط والتكافل بين أفراد الأسرة، إذكاء روح المحبة والتعارف والمودة والتآلف بين أبناء الأسرة، مساعدة المحتاجين من أبناء الأسرة مساعدة غير القادرين من شباب الأسرة على الزواج بإعطائهم منحة، النظر في الحالات الطارئة التي تحدث لأفراد الأسرة والبحث عن الحلول المناسبة لها واتخاذ ما يلزم حيال ذلك، صرف الزكوات والصدقات الواردة للصندوق في مصارفها الشرعية على مستحقيها من أبناء الأسرة، تقوية الإحساس وتنمية الشعور لدى أفراد الأسرة بأن لهم مرجعاً بعد الله عند الحاجة، العمل على كل ما من شأنه رفع مستوى أفراد الأسرة من كافة الوجوه والنواحي قدر الإمكان، تكوين المجالس واللجان المتنوعة لضمان سير الصندوق على ضوء الخطط المرسومة، وكذا الإعداد والترتيب للاجتماع العام للأسرة والاجتماعات المهمة الأخرى. ويوضح السويلم أن القائمين على هذه الصناديق هم من أبناء هذه الأسر وأعلم بأحوالها وأعرف بشؤونها ومن أهل الفضل والعلم ومن كبار رجالات الأسرة وممن لهم خبرة كبيرة في مختلف المجالات التربوية والعلمية والعملية بل إن البعض من كبار رجالات الدولة، وممن أيضاً كان لهم مسيرة حافلة في العمل الحكومي وتقاعدوا ورغبوا في الاستمرار في مسيرة العطاء وتقديم العون والمساعدة والمشورة لأبناء أسرهم و لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن صناديق الأسرة (العائلية) لها دور كبير في تحقيق الأمن الاجتماعي وتعزيز القيم الدينية والوطنية وتسهم كثيراً في الرفع من مستوى الأسر وأبنائها من ذوي الحاجة من خلال دعمهم بالبرامج التي لها دور كبير في تنمية مهاراتهم وتعزز قدراتهم ومكانتهم في المجتمع، والتخفيف من حدة الفقر والعوز الذي هو مفتاح لكل آفة ومشكلة، وفي بعض الآثار يُروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الناس عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله) فأحب الناس إلى الله عز وجل الذي يسعى في نفع الناس وأيضاً ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة رواه أبو داود، كما يذكر عن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه (لو كان الفقر رجلاً لقتلته).