تناقلت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي وبشكل واسع اسم «جبل طويق» وطاف الاسم بقاع العالم على خلفية ما تضمنته كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في ثنايا حديث سموه في مؤتمر مبادرة الاستثمار بالرياض عند ما قال بأنه يعيش بين شعب عظيم وجبار، وأن همة السعوديين مثل جبل طويق، ولن تنكسر إلا إذا انهد الجبل وتساوى بالأرض. وأعادت العبارة بمعانيها العميقة والبعيدة السؤال عن هذه الجبال ذات الأهمية التاريخية والأدبية وعرف من لم يكن يعرفها بأنها أحد أهم المعالم الجغرافية في الجزيرة العربية وقلب إقليمي اليمامة التاريخي ومناطق نجد وأن «طويقاً» بحسب اللغويين تصغير وتمليح لكلمة طوق. وجغرافياً هي الهضبة الصخرية التي تركزت حولها معظم حواضر منطقة نجد إضافة إلى كونها منبعاً للعديد من الأودية المعروفة والمنبسطات التي يضم أحدها واحداً من أكبر مشروعات المدن الترفيهية بالعالم «مدينة القدية» إحدى المبادرات الاستثمارية التي تدعم رؤية 2030 .. ويسمى الجبل أيضاً ب»جبل العارض» أو «عارض اليمامة»، وظل هذا الاسم القديم معروفاً حتى العصور الحديثة، وعلى اسم عارض اليمامة الذي يشكل حاجزاً بين قرى سدير من الشرق، وقرى الوشم من الغرب على هذا سميت منطقة العارض التي تشمل الرياض والمزاحمية والحريق وحوطة بني تميم والدرعية وضرماء والعيينة وغيرها من المحافظات والمدن لوقوعها عليه. وعلى مر العصور ظل طويق رمزاً من رموز الشجاعة والشموخ كما بقي بتكويناته الجغرافية ملاذاً آمناً للإنسان وأيضاً طرائد الصيد وطوقاً يصد الأعداء والغزاة الذين يستحيل عليهم تجاوزه أو حتى التفكير بمحاولة تخطي حماه ولهذا بقي في أمثالنا الشعبية مضرب مثل في القوة والصمود ومثالاً للرفض والتحدي الذي لا يقبل التراجع حينما يطلب أمر مستحيل فيرد «طويق».. الرحالة الإنجليزي جيرالد غوري أثناء دخوله الرياض عام 1934م ورؤيته لهذا الحزام المتميز وصفه بالعمود الفقري لمنطقة نجد. إلا أن رحالة غربيين ومؤرخين آخرين يعدونه طوق نجد وحرزها والعمود الفقري لجزيرة العرب، وقالوا في وصف هضبة نجد بأن أكبر هضابها (عمود الجزيرة العربية الفقري) جبل طويق الذي يمتد من جنوبي تجويف المندفن، قرب الطرف الجنوبي الغربي للربع الخالي شمالاً إلى الرياض لمسافة حوالي 400 ميل ثم ينحرف إلى الشمال الغربي لمسافة 200 ميل أو أكثر مكوناً الحد الغربي لسدير ‘ ثم تغطيه رمال الدهنا بعد الزلفي مباشرة، ويصل ارتفاعه في الجزء الأوسط منه في منطقة الرياض في بعض الأماكن إلى حوالي 3500 قدم وحافاته مهولة تصل في الغالب إلى ارتفاع حوالي 800 قدم عن سطح السهل الذي تحته. وكان اسم طويق وعارض اليمامة حاضرًا في الأدب العربي منذ العصر الجاهلي إذ تناوله العديد من الشعراء كما ورد في العديد من القصائد الشعبية مثل قول الأمير محمد السديري: عانين من نجد ملجا المستريب من زبنها ما تجيه النايبات عانين من شامخٍ مجده قديم من «طويق» العز شرقٍ من مرات مشمخراتٍ اخشومه للسحاب مثل سلّات السيوف المصلتات ويقول محمد السياري: عديت بالرجم الطويل الموالي بطويق كل الناس ما يجهلونه جلست في راسه وحيدٍ لحالي مدهال شيبانٍ قبل يدهلونه خطلان الأيدي مكرمين السبالي ملح القهر بيدينهم يشغلونه ياما وياما في زمان مضالي مشيت باطرافه وهم يقنصونه بعض الحزوم أزين على كل حالي ليصار راعي الحزم ربعه يجونه ولما كان الجبل ملاذاً لطرائد الصيد عموماً والوعول خصوصاً ربما جاء اختيار محمية الوعل لهذا السبب في الهضبة الكبيرة ضمن سلسلة تلك الجبال جنوب الحريق وغرب حوطة بني تميم بمساحة تزيد على 1800 كم/ مربع والتي كانت نواتها قطيعاً صغيراً من الوعول المتبقية بحالتها الفطرية التي سرعان ما تنامت بعد توفير الحماية لها وفي العام 1990م وبحسب الهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية تم توطين أعداد من ظبي الأدمي وهو ظبي الجزيرة العربية وتنامت أعدادها بشكل جيد ومع اتساع مساحة هذه المحمية واستيعابها لأنواع كثيرة من الطرائد والوحوش والزواحف تجددت المطالب بتوسيع هذه المحمية باتجاه الرياض التي تفصل بينها حوالي 180كم. الشاعر عبدالعزيز المقبل والملقب بشاعر طويق يوثّق في إحدى قصائده حقيقة كونه أحد الملاذات الصعبة لطرائد الصيد خصوصاً الوعول حينما قال: يا طويق ياما بك طلعت وتمشيت وسبرت حذرات ترب الحجاريف يا طويق ياما بك لحالي تمخليت وأمسيت في روس الحجايا المشاريف يا طويق ياما بك تسمعت وأوحيت وقش الوعول مداحمات المهاييف مشارف جبل طويق نهاية العالم البطين ويظهر جبل طويق Your browser does not support the video tag.