أمور لم نكن نعرفها في المملكة. الشحاذة بالأطفال أو بأصحاب العاهات أو بالنساء المنقبات بشكل شامل في عز الحر أمام إشارات المرور والمساجد. في الثلاثين أو الأربعين سنة خفت مهنة الشحاذة في شوارع الرياض. ولكن هذا لا يعني اختفاءها بل اتخذت استراتيجيات جديدة. كثير من الشحاذين صاروا لا يظهرون سوى في رمضان وغالباً أمام قصور الأغنياء الذين يتباهون باحتشاد الفقراء أمام بيوتهم. كغيرهم من التجار اقتحم الشحاذون النت وخاصة تويتر فانتقل معهم أغنياء التباهي بالصدقة فسادت كلمة (تعال على الخاص). ونشاهدهم أيضاً يندسون في الهاشتاقات بأسماء نسائية على الغالب وقضايا نسائية يطلبون تسديد فاتورة كهرباء أو إيجار أو المساهمة في دية قاتل. في السنوات القليلة الماضية بدأت تطل أمام أبصارنا أخطر أنواع الشحاذة. تلك المرتبطة بالاتجار بالبشر. شراء الأطفال من ذويهم البائسين أو اختطافهم ثم تهريبهم داخل المملكة ونثرهم في الشوارع. يقال إن معظم هؤلاء من اليمن. تستغل العصابات الظروف الصعبة التي يعيشها الإنسان اليمني جراء انقلاب الحوثي فتختطف الأطفال أو تغري أهالي الأطفال المشردين ثم تحضرهم تهريباً إلى المملكة. تضعنا هذه الظاهرة أمام مجموعة من التحديات. أخلاقية وأمنية واجتماعية، كيف نتعامل مع هؤلاء الأطفال المختطفين من أماكن بعيدة. ما السبل التي يجب أن نتخذها لرعاية طفولتهم واحترام آدميتهم ثم إعادتهم إلى ذويهم إذا كانوا مختطفين والأشد صعوبة إذا اضطررنا إلى رعايتهم. الطفل لا جنسية له. كل دولة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن رعاية الطفل الذي يقع في حيازتها. في يوم قريب سنواجه أطفالاً مجهولي الهوية، ساقتهم العصابات عبر الحدود واستخدمتهم ثم تخلت عنهم. المجرم الذي يسرق أو يستأجر طفلاً من أهله لن يتردد في استخدام الطفل حسبما تملي عليه أطماعه. يحصل في بعض الدول أن تؤجر العصابات الأطفال على الشاذين جنسياً. يستخدمون أيضاً في توزيع المخدرات والخدمات الإجرامية الأخرى. الأمور السيئة تتطور إلى الأسوأ والتربح باستخدام الأطفال لا حدود له. مشكلة الشحاذين الأطفال في الرياض كما ألاحظ ما زالت صغيرة ومحدودة. بيد أن نجاح هذه التجارب الصغيرة سوف يقود إلى تحسين العمليات وتوسيع الاستخدامات ودخول عصابات أكثر احترافية، سينتقل استخدام الأطفال المهربين من الظهور عند إشارات المرور والمساجد إلى تحت الأرض إلى الظلام حيث يقدمون خدماتهم للشاذين ومدمني المخدرات. ستنقلهم العصابات من الشحاذة إلى الأعمال الأخطر أمنياً وأخلاقياً. إذا لم نتصدَّ للظاهرة في حجمها الصغير بحزم لا يلين سوف ندفع أثماناً باهظة إذا تفاقمت. Your browser does not support the video tag.