تمر هذه الأيام ذكرى تأسيس أول مجلس تنسيقي بين المملكة العربية السعودية والعراق، المجلس الذي وضع أسسا صحيحة للعلاقات ما بين البلدين الشقيقين بعد انقطاع تجاوز أكثر من ربع قرن فضلاً عن وضع تنسيق عالي المستوى بين البلدين المتجاورين في مختلف المجالات، حيث حقق المجلس علامة فارقة في تقدم مستوى العلاقات بين البلدين الشقيقين، وباتت العلاقات بين البلدين الجارين أمام مرحلة جديدة من التطور والنمو. وهنا تستعرض "الرياض" أبرز محطات المجلس: فكرة ولادة المجلس التنسيقي تعود فكرة إنشاء المجلس التنسيقي إلى الجانب السعودي الذي اقترحه بعد اجتماعات وفد وزارة الخارجية العراقية مع خارجية المملكة في الرياض بالشهر الثالث من العام الماضي، والتي اتسمت بالجديّة والبحث المعمّق في عدد من القضايا المهمة التي ركزت على فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين والمبنية على الثقة المتبادلة، وفقاً للناطق الرسمي للوزارة آنذاك أحمد جمال. وأضاف جمال أن "الجانب السعودي اقترح تشكيل المجلس التنسيقي العراقي السعودي بالإضافة إلى بحث عدد من المواضيع المتعلقة بإعادة فتح المنافذ الحدودية والنقل الجوي المباشر وتسهيل الإجراءات الخاصة بالحجاج والمعتمرين العراقيين وكذلك الزوار السعوديين للعراق". وأشار جمال إلى أنه "تم التطرق أيضاً إلى فتح آفاق التعاون في مجال النفط والتكرير والطاقة كذلك إعادة إعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش وتشجيع الاستثمار وعمل الشركات السعودية داخل العراق". وبخصوص الجانب الأمني، ذكر جمال إنه "تم المحاولة إلى إيجاد تنسيق أمني في مجال الاستخبارات وتبادل المعلومات، مع التأكيد على التعاون بين البلدين داخل كافة المنظمات الدولية والإقليمية وضرورة إيقاف التصريحات الرسمية ذات الطابع التحريضي والعمل على تحقيق زيارات متبادلة عالية المستوى". إجراءات سبقت تأسيس المجلس زار رئيس مجلس الوزراء العراقي المنتهية ولايته حيدر العبادي، المملكة في يونيو من العام الماضي، بعد زيارة لوزير الخارجية عادل الجبير إلى بغداد في فبراير الماضي، للمرة الأولى لوزير خارجية سعودي منذ سنوات طويلة. كذلك تم افتتاح منفذ عرعر الحدودي بين المملكة والعراق في أغسطس الماضي، وصولا إلى قيام شركة طيران ناس بإطلاق أول رحلة تجارية بين الرياضوبغداد منذ 1990. كما أعلنت الشركة العامة للمعارض والخدمات التجارية العراقية في وزارة التجارة، عن مشاركة أكثر من 60 شركة سعودية في الدورة 44 لمعرض بغداد الدولي، فيما أكدت مشاركة واسعة من دول عربية وأجنبية للدورة التي ستقام تحت شعار "حررنا أرضنا وبتعاونكم نبنيها". انطلاق المجلس رسمياً شهد يوم الأحد 22 أكتوبر 2017 إطلاق المجلس رسمياً من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. وجرى الاحتفال بانطلاق أعمال "مجلس التنسيق السعودي العراقي" بحضور وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، وجاءت الخطوة في إطار التقارب الذي بدأ بين بغدادوالرياض، بعد قطيعة دامت نحو 27 عاما. وذكر خادم الحرمين أمام العبادي والوفد العراقي المرافق له إن "الإمكانات الكبيرة المتاحة لبلدينا تضعنا أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة فاعلة لتحقيق تطلعاتنا المشتركة". وأضاف "إننا نواجه في منطقتنا تحديات خطيرة تتمثل في التطرف والإرهاب ومحاولات زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا مما يستدعي منا التنسيق التام لمواجهة هذه التحديات". وعقد الجانب العراقي بعد تأسيس المجلس التنسيقي، اجتماعه الاول برئاسة وزير التخطيط ووزير التجارة وكالة سلمان الجميلي ورئيس المجلس وبحضور الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق، وعدد من الوزراء، وأكد الجميلي خلال الاجتماع، أن رئيس الوزراء يولي عمل هذا المجلس اهتماماً خاصاً لما يمثله من أهمية في ظل اهتمام الأشقاء السعوديين بالعلاقة مع العراق، وسياسة الانفتاح الإيجابي التي تنتهجها الحكومة العراقية لتحقيق علاقات مثالية مع جميع دول العالم وفي مقدمتها دول الجوار، مشيرا إلى أن الجانب السعودي شكل هو الآخر مجلساً تنسيقياً وهو يعمل على قدم وساق لإنجاز جميع الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاستثمارية والثقافية للنهوض بواقع العلاقات بين البلدين. ووقتها كشف الجميلي عن تشكيل ثماني لجان متخصصة في كلا البلدين تحت خيمة المجلس التنسيقي تتولى كل لجنة من هذه اللجان إنجاز المهام الموكلة إليها، وستكون جميع الفعاليات والنشاطات الاقتصادية والسياسية تمر عبر هذا المجلس، مضيفا أن المجلس بجانبه العراقي يتكون من الرئيس وهو وزير التجارة، و13 عضوا من الوزراء والوكلاء وممثلي الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة. وحطت طائرة للخطوط الجوية السعودية، في مطار بغداد الدولي، للمرة الأولى منذ 27 عاماً، في إطار التقارب الأخير في العلاقات بين البلدين، وكان على متن الطائرة مدير الطيران المدني ومدير الخطوط السعودية والسفير العراقي لدى المملكة. محطات مشرقة برعاية المجلس التنسيقي هنأت المملكة في العاشر من ديسمبر، العراق حكومة وشعبا بمناسبة تحرير الأراضي من آخر معاقل تنظيم "داعش"، واصفة الانتصار ب"النصر الكبير". وقالت خارجية المملكة في تصريح صحفي نشرته على موقعها الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "نهنئ جمهورية العراق الشقيقة حكومة وشعباً بمناسبة تحرير أراضيها من آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي". وأضافت، أن "انتهاء حرب العراق ضد داعش الإرهابي نصر كبير على الإرهاب في المنطقة"، مشيرة إلى إننا "نتطلع بأن ينعم العراق وشعبه الشقيق بالأمن والاستقرار والتقدم والرخاء". وكشف وزير الخارجية عادل الجبير، أن المملكة تعهدت بتخصيص مليار دولار لمشروعات استثمارية في العراق و500 مليون دولار إضافية لدعم الصادرات العراقية، بناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد، الحريصين على الوقوف مع العراق في كافة أزماته والمساهمة في استعادة وضعه الطبيعي، جاء ذلك خلال مشاركته في مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار بلاد الرافدين بعد الانتصار على تنظيم "داعش" الإرهابي. كما وصل إلى بغداد في 23 من فبراير من العام الماضي، وفد إعلامي سعودي كبير يضم رؤساء تحرير وعدد من مسؤولي وسائل الاعلام السعودية بدعوة من نقابة الصحفيين العراقيين، وزيارة الوفد الاعلامي السعودي تأتي بعد انقطاع دام 28 عاماً، حيث كان باستقبال الوفد الإعلامي الذي يضم نخبة من رؤساء المؤسسات الصحفية ووسائل الاعلام، نقيب الصحفيين العراقيين مؤيد اللامي، والتقى الوفد الصحفي بالرئاسات الثلاث وبعض الوزراء كما زار الوفد شبكة الاعلام العراقي وشارع المتنبي، وعلى هامش الزيارة، وقعت نقابة الصحفيين العراقيين وهيئة الصحفيين السعوديين، اتفاقية تعاون مشترك بين البلدين. وتنتظر العلاقات العراقية - السعودية محطة جديدة بعد الانفراج السياسي الذي يشهده العراق لتشكيل حكومة جديدة تتطلع إلى الانفتاح مع جميع الدول العربية والاقليمية والعالمية وفق المصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤون البلدان الاخرى. ولم يحدد حتى الآن موعد انعقاد المجلس التنسيقي بين البلدين الشقيقين في العاصمة العراقيةبغداد بشكل رسمي، بعد انعقاده العام الماضي بالرياض. وساهمت خطوات المملكة الجادة منذ تأسيس المجلس التنسيقي، في تطوير العلاقات مع بغداد بعد أن شهدت شدا وجذبا وتقاطعات استمرت لأكثر من عقدين، وتمتلك السعودية سفارة نشطة في العاصمة بغداد ساهمت في تقريب العلاقات بين البلدين. المجلس يشمل ثماني لجان متخصصة تتولى إنجاز المهام الموكلة إليها Your browser does not support the video tag.