انتهت فعاليات مهرجان الجونة السينمائي ومهرجان الإسكندرية السينمائي وأصبح الجميع في انتظار انطلاقة مهرجان القاهرة السينمائي بعد ستة أسابيع تقريباً، بعدما تم الإعلان عن إلغاء دورة مهرجان دبي السينمائي لهذا العام والاكتفاء بإقامته كل عامين بدلاً من إقامته بشكل سنوي، لتعود مصر وتتسيد المشهد السينمائي كراعية أساسية لأهم المهرجانات العربية السينمائية، بعدما كانت الإمارات العربية المتحدة قد اقتربت من أن تشاركها هذه الأهمية بالمناصفة، دون أن نتجاهل مهرجانات سينمائية أخرى في عدة دول عربية أكثر تواضعاً من هذه المهرجانات الثلاثة. إلا أننا شهدنا خلال متابعتنا لمهرجاني الجونة ثم الإسكندرية السينمائيين فروقات واضحة وكبيرة في مدى جدية الإعلام أثناء تغطيته للمهرجانين ومقدار الاهتمام الذي حظيت به الأفلام المشاركة بدلاً من أمور أخرى أقل أهمية وقيمة. الناقد العربي القدير ماهر منصور أكد ل"الرياض" أن ما يحدث هو أن المهرجانات السينمائية العربية المهمة بدأت في التراجع خلال السنوات الأخيرة، والسبب أننا خسرنا مهرجانات عديدة بينها مهرجان أبوظبي السينمائي ومهرجان الخليج السينمائي، وكذلك مهرجان دمشق السينمائي، فضلاً عن غياب مهرجان دبي السينمائي هذا العام. لافتاً إلى أن ما بقي من المهرجانات السينمائية العربية يتفاوت مستواه بين التظاهرة السينمائية الحقيقية، وبين منصة لعرض الأفلام تغلب عليها المجاملات. ويتابع منصور قائلاً: "من يتحمل مسؤولية هذا التشتت كل من يغيب عنه سؤالاً مهماً هو: من أدعو لتغطية فعاليات مهرجاني؟ فلكل وسيلة إعلامية سياسة واضحة لا تخفي نفسها، وتوجهات كل وسيلة وصحفييها باتت معروفة، وبالتالي لا أستغرب إن جاءني صحفي وكل همه السؤال عن ملابس هذه الفنانة وما أثاره على السوشيال ميديا. فهذا الإعلامي وتلك الوسيلة لم تغير طبيعة توجهاتها بين ليلة وضحاها. وبالتالي من وجه الدعوة لها لتقف على السجادة الحمراء يتحمل مسؤولية ما سيصل من مهرجانه إلى الناس"، مؤكداً أن الرداءة باتت سمة لكثير من منصات وسائل الإعلام التي بات همها تقديم أي مادة من شأنها أن تحصد أكبر عدد من إعجاب ومتابعة رواد السوشيال ميديا، بوصفها مؤشراً لانتشار حضورها الإعلامي، والسعي خلف حصد اللايكات جعل وسائل الإعلام تلك تفقد صوابها وبوصلتها الإعلامية. وعن تحليله لما حصل في الجونة من تجاهل للأفلام والأبطال والتركيز على مشاهد السجادة الحمراء المثيرة للجدل، وما إذا كان يرى أنها كانت مقصودة من قبل المنظمين ليتم تداول اسم المهرجان على أكبر مساحة ممكنة، قال: "لا أرى أن القائمين تقصدوا ذلك ففي قائمة حضورهم العديد من النقاد المهمين، لكن كل المهرجانات تحرص على الخروج بكثير من البهرجة الإعلامية لفعالياتها ولاسيما حفل الافتتاح، فيحرصون على رمي أكبر عدد ممكن من الكاميرات على السجادة الحمراء وفي أروقة المهرجانات. هذه البهرجة أعتقد كانت خادعة، إذ كانت أصوات الإعلام المتحدثة عن فساتين النجوم في المهرجان أعلى بكثير من أصوات أفلامه، وثمة مشكلة أخرى بدت بطبيعة تغطية الناقل الرسمي للمهرجان. فبالنظر إلى صفحاتهم على السوشيال ميديا والخاصة بتغطية فعاليات المهرجان، يتبين بسهولة أنهم تعاملوا مع المهرجان من ناحية مادية استهلاكية بحتة، لا كقيمة ثقافية مهمة، لقد ظلموا المهرجان وأفلامه المهمة". ومع اقتراب فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي، تمنى الناقد ماهر منصور أن يتم استقطاب أصحاب الاختصاص، بغض النظر عن العلاقات الخاصة، فالأمر برأيه لا يتطلب من القائمين على المهرجان أكثر من ساعات على محرك البحث "غوغل" لتقليب الصحف والمواقع، والخروج بقائمة أسماء تبوح مقالاتها بما عندها، وتعد بالشكل المفترض لفعاليات المهرجان. لافتاً إلى أنه يجب التفكير بالمهرجان السينمائي بالذات على أنه قيمة ثقافية تستحق مواكبة إعلامية بالمقدار ذاته. مهرجان الجونة Your browser does not support the video tag.