لكل فرد منا قوة فعالة لمواجهة أي صعوبات تحيط بنا، ومصدر هذه القوة تكمن من النفس التي بداخلنا. فهي التي توجهنا لفعل أي شيء سواء تلقائياً أو لا إرادياً أو مُسبقة في التخطيط والتفكير. فالتفكير هو الأنجع في تسهيل الأمور مهما كانت صعوبتها، فعمليتها استخدام العقل بكل حكمة وتروي. فكثير من الناس فشل في مواجهة مشاكله الاقتصادية والاجتماعية؛ بسبب عدم التفكير بقوة عقله، وإنما استخدم قوة عاطفته فقط من دون الرجوع إلى العمل بالعقل. وهذا الخطأ يقع فيه دائماً الإنسان الفرد وربما حتى المجتمعات والدول. ولكَ أن تقرأ تاريخ المجتمعات القديمة كيف تراجعت ثقافتها وأخلاقها بسبب الولوج بالعواطف والظواهر الشكلية، سواء هذه الظواهر ظاهرها خير أو شر، يجب التروي والتفكير بما يرشدنا العقل حول البت في حلها والخروج من أزمتها أو العمل بمقتضاها إن كانت صالحةً للجميع أو للفرد بشكلٍ خاص. عندما أشارت آية قرآنية (إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ فتبينوا) هي دعوة للتفكير والتعقل مهما كان حجم هذا الأمر وتهويله؛ فالحكم على الظواهر لا يأتي بنتيجة مرضية ربما تتفاقم الأزمة تلو الأزمات ويصعب تفكيك أي إشكالية وقعت على عاتق المجتمع. فالآية هنا نسفت قوة العاطفة في استخدامها وقت الأزمات لأن هذا ليس مكانها ولا مرادها. قوة العاطفة يكمن استخدامها في المحبة للناس والعطف على المحتاجين، فالعاطفة لا تعرف عقلاً حين ترى إنساناً مظلوماً أو فقيراً أو محتاجاً لإنقاذه من أمرٍ فيه جللٍ على حياته، فهذه النزعة الإنسانية يشترك فيها جميع البشر؛ ربما أعتى طغاة العالم سوف تجد بجانبهم شيئا من العاطفة ولكن المؤسف لم يستخدموها كما ينبغي استخدامها في فعل الخير واجتناب الشر. عندما أباد ستالين الملايين من شعبه لفرض المبادئ الشيوعية وقهر الملكية الخاصة للبت في تطبيق الملكية العامة لتكون مشاعاً على الجميع، لم يحتكم بعقله بل استخدم قوة العاطفة بسبب حبه المفرط بالاقتصاد الاشتراكي. ولنا في هتلر أسوة سيئة في هذا المضمار عندما أباد الأعراق غير الآرية وخاصة المحرقة التي أحدثها بحق الملايين من اليهود ليس إلا كرهاً بهذه الأعراق المختلفة عن عرقه. ومن المعلوم أن الكراهية نقيض المحبة فهي تندرج في سلم العاطفة. إذاً المحبة والكراهية سمات عاطفية لدى الإنسان ويجب أن يتدخل العقل بالاحتكام في شأنها لئلا تنفلت الأمور عن نصابِها ويتخبط بينها. Your browser does not support the video tag.