قضية اختفاء الصحفي جمال خاشقجي ليست الأولى التي يستغلها الإعلام المعادي، ولن تكون الأخيرة التي تنسج خيوطها من خيالات مريضة ونفوسٍ حاقدة، فمنذ بداية القصة وجوقة الحقد ترمي «السعودية العظمى» بدائها، مرة بصور مفبكرة، ومرة بقصص كاذبة، وكلها ضمن طوفان إعلامي هادرٍ من الاتهام والتشكيك، الذي ولله الحمد تكسّر على صخرة الإعلام السعودي وبالذات المغردون من الشباب. المغرد السعودي أثبت أنه أقوى بمرات عديدة من شبكة تلفزيونية عابرة للقارات، كانت تعتقد أنها الوحيد القادرة على توجيه الرأي العام العربي. وبرهن كذلك على أنه أشد تأثيراً من جيوشٍ إلكترونية مرتزقة، تثير الغبار ولا تصدق أبداً. كانت ولاتزال قناة الجزيرة تعتمد في تأطيرها الإعلامي على الكذب المتواصل، وتلفيق المعلومات، وخلط الأوراق، لتبدو كما لو كانت قصة خبرية صحيحة، لكن المغرد السعودي كان لها بالمراصد، فكل تغريدة أو تقرير تنشرها الجزيرة أو توابعها من قنوات الظل أو المغردون المرتزقة؛ تحذف بعد دقائق أو ساعات قليلة، بعد أن يكشف المغرد السعودي الشاب زيفها واختلاق قصتها وتفليق صورها. بل حتى صحيفة «النيويورك تايمز» بكل عراقتها لم تسلم من ذلك، فحذفت خبراً نشرته بعد أن أثبت شبابنا زيفه! لم يعد من السهل الكذب على الجمهور كما كانت تفعل الجزيرة قبل سنوات، فمستوى وعي وثقافة السعوديين ارتفع وتجاوز عنان السماء، بل إن بعض المغردين أضحى وسيلة إعلام بحدٍ ذاته، مثل: «نايفكو»، وطراد الأسمري، وعبدالعزيز السعيدي، ومنذر آل الشيخ، ومنصور البلوشي، وغيرهم كثير، الذين يحققون ويجمعون ويحللون المعلومات، ثم يقدمون قصة حقيقة تُجبر «الجزيرة» بكامل غطرستها على حذف التغريدات، وكذلك حذف التقارير من موقعها الإلكتروني، بل وشرح أسلوب نسب التصاريح والمعلومات إلى وسائل إعلام مجهولة مدعومة، والتي تتحول بقدرة قادرة إلى معلومات يزعم أنها محايدة، ليس هذا وحسب، بل دشن أولهم على تويتر بعنوان #كشف_المسعور لملاحقة كذبات وتلفيقات الإعلام المسعور، الذي يهدف فقط لتشوية صورة مملكة الإنسانية. بالتأكيد لابد أن يستغل إعلامنا الحكومي والخاص هؤلاء المبدعين، فهم أقدر وأفضل من غير السعوديين ممن يعلمون في بعض مؤسساتنا الإعلامية، فما حك جلدك مثل ظفرك، فهم أفهم لواقعنا وحياتنا، وأكثر كفاءة مهنيّة وخبرة إعلامية، ممن يتعلم ويتدرب في وسائل إعلامنا، ثم ينتقل وقد نما ريشه وطال لسانه، ليمسي بوقاً حقيراً لا يتوقف عن شتم من احتضنه وطوّره! المغرودن السعوديون ثروة وطنية، لابد أن تطعّم بهم مؤسساتنا الإعلامية، لابد أن نعمل على تطويرهم وتدريبهم، لكي لا يقع أحدهم في مأزق قانوني أو أخلاقي، وحتى لا ينتهك أحدهم قانوناً دولياً أو التزاماً مهنياً، ولكي لا ينقلب حماسه إلى وبالٍ عليه وعلينا، فهم ثروة وطنية لن تنمو، ولن تكبر من دون احتضان واهتمام. Your browser does not support the video tag.