لم تصمد الفبركات الإعلامية الجديدة التي نسجتها وسائل إعلام قطرية وتركية طويلاً؛ إذ سرعان ما انكشف زيفها بعد محاولات حثيثة لاستغلال صور سائحين سعوديين داخل صالات مطار أتاتورك بإسطنبول، واتهامهم بالمشاركة في مؤامرة بنيت على روايات كاذبة وهشة وكذلك متضاربة يعتريها الكثير من الثغرات. ويبدو أن اختيار صور المواطنين السعوديين، جاءت بعناية كبيرة، في محاولة لربطها باختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي المختفي في إسطنبول منذ الثاني من أكتوبر الماضي، بيد أن ظهور الصور في ساحة المطار الاعتيادية نسفت رواية أنهم قدموا بطائرتين خاصتين، كما أن أحد المواطنين ظهر برفقة زوجته، ما يؤكد أنهم كانوا في رحلة سياحية إلى تركيا. اللافت أنه ومع إصرار وسائل إعلام قطرية والتسريبات التركية على الزج بصور سعوديين في قضية اختفاء خاشقجي، فاتهم ما خرجت به السلطات الأمنية التركية على الوكالة الرسمية، من أنها أخضعت طائرة خاصة لتفتيش دقيق قبيل مغادرتها، ليتأكد للسلطات التركية عدم وجود ما يدعو إلى الريبة. كما أن الإصرار على الطائرتين الخاصتين، وضع ناشري الأخبار المزيفة في موقع محرج، عقب انتشار صور السعوديين (المراد شيطنتهم) في صالات الركاب الاعتيادية في المطار الذي يكتظ بالمسافرين. ويبدو أن دخول وكالة الأناضول التركية على خط الأخبار الكاذبة، ورط صحيفة نيويورك تايمز، التي حذفت خبرا يشير إلى مزاعم تورط 15 سعودياً بصورهم في قضية اختفاء خاشقجي من على صفحتها ب«تويتر»، وكتبت معتذرة «ملاحظة المحررين: لقد قمنا بحذف تغريدة حول هذه القصة». ورشق مغردون الصحيفة بالانتقادات قائلين «سوف تحذفون المزيد منها»، فيما ذهب آخرون إلى افتراضية «ماذا لو كانت قناة الجزيرة وأخواتها» على ذات النهج من حذف الأخبار الزائفة «ما الذي سيتبقى هناك.. لا شيء.. هم يعيشون على الكذب»! من جهته، سخر الباحث التركي، رسول طوسون، في صحيفة ستار التركية من المعلومات التي تنسب إلى مصادر تركية وأجنبية حول اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قائلاً إن «خاشقجي لم يكن يواجه اتهامات من بلاده، ولم يكن اسمه مدرجاً على لائحة المطلوبين بالنسبة للسلطات السعودية، ولهذا لم يكن يتخوف من إجراء معاملات رسمية في بعثات بلاده الدبلوماسية». وأشار إلى أن تصريح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بترحيب المملكة بالحكومة التركية للدخول في مبنى القنصلية غيّر من طبيعة الأحداث، بعد أن كان ثمة إصرار على أن خاشقجي لا يزال في القنصلية «ما يعني أنه ليس في القنصلية». وألمح رسول إلى محاولات قناة الجزيرة القطرية استغلال الحدث والإساءة للسعودية بقوله: «نحن بضعة أشخاص من الإعلاميين الأتراك نجيد اللغة العربية. ولهذا أنا من بين الأشخاص الذين تطلب القنوات والإذاعات الناطقة بالعربية رأيهم باستمرار، حيث تأتي اتصالات كثيرة إلى درجة لم نعد نستطيع الإجابة عليها، كما أنني أنتقي القنوات التي أجيب عليها بسبب انعدام المبادئ لدى البعض منها، وفي معظم الأحيان أرفض المشاركة لكنني أشارك في القنوات التي تملك تأثيراً على الرأي العام العالمي من أجل شرح الحقائق».