تقع قرية الفاو في الجهة الجنوبيةالشرقية من مدينة الرياض في محافظة وادي الدواسر، في هذه المنطقة الشاسعة من الأراضي كانت توجد مملكة قديمة عاصمتها الفاو، وهي مملكة كِندة سميت بهذا الاسم نسبةً إلى قبيلة كندة. إن موقع قرية الفاو على الطريق التجاري الذي يربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها الشرقي جعل منها قريةً لها أهمية خاصة، وكان لهذه القرية علاقات وثيقة مع الممالك التي كانت في جنوب الجزيرة العربية مثل سبأ، وحمير، وحضرموت، مما سهّل الحركة التجارية في المنطقة، وقد وُجدت نقوش تدل على أن هذه القرية استمرت عاصمة لمملكة كندة من القرن الرابع قبل الميلاد وحتى أوائل القرن الرابع الميلادي، وقد تم العثور على مقبرة تعود إلى أحد ملوكها واسمه معاوية بن ربيعة، ويُعتقد بأنه عاش في القرن الثاني الميلادي. وأول من اكتشف هذه القرية الأثرية هم موظفوا شركة أرامكو أثناء تنقيبهم عن النفط في المنطقة، فبدأت مراحل البحث والتنقيب عن آثار هذه المنطقة، ففي العام 1976 قامت جمعية التاريخ والآثار بجامعة الملك سعود برحلات استطلاعية إلى منطقة الفاو فوجدت نقوشا وكتابات تدلّ على أنّ سكانها كانوا يسمّون قريتهم بالجنة، وأظهرت النقوش والكتابات بأن هذه المنطقة نمت بشكلٍ تدريجي من منطقة عبور للقوافل التجارية إلى نقطة أو محطة تجارية مهمة، فقد كانت القوافل التجارية تنطلق منها متجهة إلى مناطق الخليج العربي، وإلى بلاد الرافدين، وبلاد الشام، والحجاز فأصبحت هذه القرية مركزاً اقتصادياً، ودينياً، وثقافياً. وعندما ينمو قطاع اقتصادي يتبعه نمو قطاعات أخرى، فقد دلت النقوش والكتابات على أن أهل منطقة الفاو عملوا بالزراعة واهتموا بها اهتماماً كبيراً، فعملوا على حفر أعدادٍ كبيرةٍ من آبار جمع مياه الأمطار، وشقوا القنوات لجلب مياه هذه الآبار إلى داخل المدينة، فزرعوا النخيل وكروم العنب، كما زرعوا الحبوب، وربوا الأبقار والجمال والماعز، والخيول التي كان يستخدمونها في حروبهم. Your browser does not support the video tag.