مدينة الفاو الأثرية عاصمة مملكة كندة الأولى، وتبعد حوالي 700 كيل إلى الجنوب الغربي من مدينة الرياض في المنطقة التي يتداخل فيها وادي الدواسر ويتقاطع مع جبال طويق عند فوهة مجرى قناة تسمى الفاو، وتقوم أطلال مدينة الفاو على أطراف الربع الخالي، اتخذها الكنديون عاصمة لملكهم منذ القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن الرابع للميلاد قبل أن يغادروها ويتخذوا من نجد مركزا لحكمهم وقوع الفاو على الطريق التجاري هو الذي جعلها مدينة متكاملة، فقد أظهرت أعمال التنقيب التي قامت بها جامعة الملك سعود بإشراف ومشاركة ميدانية من قِبل الأستاذ د.عبدالرحمن بن محمد الطيب الأنصاري أطهرت معلومات مهمة حول تطور مدينة الفاو حيث تبين أنها نمت تدريجيًا من نقطة عبور الطرق التجارية الممتدة من جنوب الجزيرة العربية والمتجه شمال شرق إلى الخليج العربي وبلاد الرافدين وشمال غرب الحجاز وبلاد الشام إلى أن أصبحت مركزًا اقتصاديًا ودينيًا وسياسيًا وثقافيًا في وسط الجزيرة العربية، وحاضرة قوية لدولة كندة في مراحلها الأولى. كانت (الفاو) مدينة غير مسورة حيث لم يعثر لها حتى الآن على سور أو ما يدل على وجود سور لها، وهذا يعني أن هذه المدينة ذات الموقع الاستراتيجي المهم، كانت مدينة تجارية مفتوحة للقوافل التجارية الآتية من الممالك العربية المختلفة؛ فهي محمية طبيعيًا حيث تشكل المظاهر الجغرافية المحيطة بها وقاية طبيعية لها كجبل طويق من الشرق، إلى جانب أن سكان الفاو بنوا بوابات في الجهات الشمالية والغربية والجنوبية. واستعمل السكان في بناء مدينتهم اللبن المربع والمستطيل، كما استعملوا الحجر المنقور والمصقول في الأسس وبناء المقابر، واستخدموا الجبس المخلوط بالرمل والرماد في تبليط الجدران الداخلية للمباني، ودعموا مبانيهم بالأبراج المربعة والمستطيلة، وقد عثر في قرية عمائر وآثار كثيرة منها: سوق الفاو و المعابد، والمنازل والوحدات السكنية حيث يتسع بعض غرفها حتى تصل إلى عشرة أمتار طولًا وثلاثة أمتار عرضًا، ويظهر من الآثار القائمة للفاو وجود الاهتمام بالخانات أو الفنادق لسكن القوافل التجارية العابرة، ويلاحظ الدقة في استقامة المباني وضبط زواياها القائمة متعددة الأشكال ومختلفة في المساحات،كما تعد مدينة (الفاو) من أهم معالم الأثرية في الوطن الغالي حيث تضم عناصر مهمة في حياة مجتمع مملكة كندة العربية الأولى ومملكة كندة العربية الثانية التي سقطت في عهد امرؤ القيس وقد بكى بعض مواقعها حيث قال: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول وحومل فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لما نسجتها من جنوب وشمأل ومن تتبع تاريخ الفاو يظهر اهتمام سكانها بالكتابة والرسوم اهتمامًا كبيرًا، فهي موجودة على سفوح الجبال وفي الأسواق و المعابد وعلى اللوحات الفنية وفي المدينة السكنية وعلى شواهد القبور والفخار والمواد الأثرية الأخرى. وأخيرًا فإن الفاو مدينةٌ أثرية أخفى الزمنُ أهم معالمها وكثيرًا من أسرارها وتمثل مستقبلًا ثقافيًا لمن يبحث عن الثقافة والاكتشافات العلمية.