أكّد الأمين العام لجائزة الملك فيصل العالمية د. عبدالعزيز السبيل أنّ الحاجة ماسة لوقفة تأملية لحال الجوائز العربية التي تأثرت بدورها بالتطور التقني ووسائله، وأخذت الجوائز زخرفها وإزينت وتنوعت وأنبتت من كل عطاء بهيج. جاء ذلك خلال حفل انطلاق "منتدى الجوائز العربية" مساء أمس في الرياض، الذي تنظمه الأمانة العامة لجائزة الملك فيصل في إطار احتفالها بمرور أربعين عاماً، بمشاركة 23 جهة مانحة للجوائز، ثلاث منها محلية، وعشرون لتطوير سبل التعاون في المجال العلمي والثقافي والتبادل المعرفي بين مؤسسات الثقافة العربية المانحة للجوائز. الحاجة للتعاون ورحب د. السبيل بالمشاركين والحضور نيابةً عن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس هيئة الجائزة، منوهاً: "جائزة الملك فيصل تعتز بأخذ المبادرة للدعوة لعقد هذا المنتدى، الذي يأتي انطلاقاً من قناعتها بأن ثمة ضرورة ماسة للتقارب والتفاهم والتعاون بين الجوائز العربية، ووضع أسس تجعل جوائزنا تتجه إلى أفق أكثر رحابة، وأكبر تأثيراً، وأصدق تعبيرًا في حرصها جميعاً على خدمة ثقافتنا العربية، والثقافة الإنسانية.. يلتئم هنا جمع ثلاث وعشرين جائزة عربية من شنقيط إلى المنامة، شرفونا بحضورهم، ومنحونا فرصة لقائهم، متطلعين جميعاً إلى الخروج بعدد من التوصيات، التي تعزز العمل الثقافي العربي المشترك". منتدى دائم وبين د. السبيل في كلمته أنّه يتمنى ويطمح أن يكون هذا اللقاء منتدى دائماً للجوائز العربية، تسعد جائزة الملك فيصل باستضافة مقره، وعقده بشكل دوري، مبيّناً أنّ هذا أحد الموضوعات التي ستتم مناقشتها في اجتماعات مسؤولي الجوائز، مشيراً إلى أنّهم في جائزة الملك فيصل أرادوا استثمار هذا الحضور العربي لرموز ثقافية مميزة، في إيجاد حوار ثقافي حول الجوائز. عمق التاريخ وشدد د. السبيل على أنّ الجوائز العربية تضرب في عمق التاريخ الثقافي العربي، سجلها العصر الجاهلي في أكثر من صورة، فمدائح حسان لملوك الغساسنة وإجزال العطايا له إحدى صورها، وصور أخرى سجلتها خيمة النابغة في سوق عكاظ الذي كان يمنح الشعراء والشواعر ألقاباً تعزز مكانتهم، وتحدد الأفضل من بينهم. وتحول الأمر في الإسلام إلى تقدير رمزي بمستوى عالٍ، تمثل في أن منح المصطفى صلى الله عليه وسلم بردته النبوية لكعب بن زهير بعد إنشاده قصيدته الشهيرة: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول ومع استقرار الخلافة أصبح الشعراء يفدون على الولاة والخلفاء فيمنحونهم خير الأوصاف، وهؤلاء من جانبهم يكافئونهم بالأصفر الرنان. وفي النصف الأول من القرن العشرين، نجد أسلوباً آخر، فقد التقى جمع من الشعراء سنة 1927 في دار الأوبرا المصرية احتفاء بشوقي، وخاطبه حافظ بقوله: أمير القوافي قد أتيت مبايعا وهذي وفود الشرق قد بايعت معي وأصبحت صفة "أمير الشعراء" خير جائزة معنوية، قطفها أحمد شوقي. ندوات واجتماعات وتزامناً مع انطلاق المنتدى عُقدت ندوتان كبريان حول الجوائز العربية، الندوة الأولى تتحدث عن "أثر الجوائز في الحراك الثقافي والعلمي في العالم العربي"، وشارك فيها الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب د. علي بن تميم، والأمين العام لجوائز فلسطين الثقافية د. أسعد عبدالرحمن، ورئيس جائزة أبي القاسم الشابي عز الدين المدني، والرئيس التنفيذي لمؤسسة عبدالحميد شومان فالنتينا قسيسية، والمدير العام لمؤسسة الفكر العربي هنري العويط. وتناولت الندوة الثانية التأثير المباشر للجوائز لحائزيها في مسيرتهم العلمية والإبداعية شارك فيها أربعة من الباحثين والمبدعين، الذين حصلوا على جوائز مميزة في مسيرتهم الحياتية، ليعبروا عن رؤاهم تجاه الفوز، وأثره في رحلتهم العملية والإبداعية. وسيُعقد اجتماع مغلق لمسؤولي الجوائز، للتعرف على المعايير وآليات عمل الجوائز العربية، والقواسم المشترك بينها وأوجه الاختلاف، بهدف تبادل الخبرات والتجارب المتباينة. تشجيع المفكرين وفي حديث خاص ل"الرياض" شدد رئيس دائرة الثقافة في الشارقة عبدالله محمد العويس على أنّ الجوائز العربية بما تتميز به من مكانة علمية وثقافية في الوسط العربي تساهم بشكل واضح وكبير في تحفيز المسيرة العلمية، وتشجيع المفكرين والعلماء من أبناء الأمة العربية في المجالات الثقافية المتنوعة. وأضاف: "تأتي مشاركة الدائرة تلبية لدعوة تلقتها من الأمانة العامة لجائزة الملك فصيل، حيث تحرص الدائرة على المشاركة بهذه المنتديات التي تشكل قنوات تواصل بين الجوائز العربية، من أجل المزيد من التبادل المعرفي ومناقشة الواقع المحيط ومستقبل الجوائز في الوطن العربي، للوصول بها إلى أعلى المستويات من خلال السعي لاتساع نطاق المشاركة من قبل المبدعين والواعدين". جانب من حضور حفل منتدى الجوائز العربية Your browser does not support the video tag.