لا يمكن لأي من بطولات كرة القدم أن تقتصر إثارتها على ما يحدث في الملعب، إذ إن ردود الفعل - وإن تفاوتت - على ما يجري في الميدان جزء من طبيعة اللعبة لكن من غير المنطقي أن ينتقل كل ما تحمله المباريات من تنافس وتحدٍ بين أطرافها إلى خارج المستطيل الأخضر، ويكون الصوت العالي في القنوات والوسائط الإعلامية سائداً. في العقد الأخير كانت الكرة السعودية تعاني من هذه النقطة تحديداً، صخب وتصريحات نارية وقضايا وجدل، وقرارات تحكيمية وانضباطية وشطحات إعلامية لا تنتهي، في وقت كان العمل على مستوى الميدان في أدنى درجاته وهو ما أنتج مسابقات قوية إعلامياً وربما جماهيرياً في بعض الفترات، لكنها ضعيفة فنياً لدرجة أن المتابع بدأ يشك أن ما يشاهده هو فعلاً يمثل كرة القدم بالمقارنة مع ما يتابعه من مباريات في البطولات الأوروبية. الخطوات الأخيرة والدعم غير المسبوق من هيئة الرياضة وتمكين الفرق من تحسين نوعية وجودة التعاقدات - إن على صعيد المدربين أو اللاعبين الأجانب - تهدف بالمقام الأول لرفع مستوى اللعبة من الجانب الفني؛ ليكون الدوري السعودي وهو الذي يحمل مسمى استثنائياً وهو اسم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في مصاف بطولات الدوري القوية عالمياً. هذا التوجه لقي ترحيباً واسعاً من كل الرياضيين والجماهير حتى بلغت درجة الترقب ذروتها قبيل انطلاقة بطولة الدوري الاستثنائية، غير أن ما يعكر صفو هذه المنافسة هي لغة التصريحات والتغريدات الغريبة بين رؤساء الأندية، وهم الذين لن يكونوا قادرين على جلب كل تلك الأسماء لولا الدعم الحكومي التاريخي. تناسى معظم هؤلاء الرؤساء أن كرة القدم لغة تُمارس في المعشب الأخضر، وأن الفوز والخسارة وكل الأحداث تنطلق من هذا الميدان لا غيره، كلنا مع الإثارة وكلنا نريد أن نستمع لتصريحات ذات صدى إعلامي؛ كوننا إعلاميين نبحث عن مادة دسمة، لكن هذا لن يحدث بشكل طبيعي إلا مع ارتفاع وتيرة التنافس والتحدي والتقارب النقطي بين الفرق. لا يزال أمامنا 28 جولة ستكون مليئة بالأحداث الساخنة، وستفرض الإثارة نفسها، وستهيّئ للرؤساء البيئة الخصبة لتصريحات رنانة نارية وفق لغة تتناسب مع الكرة السعودية والمسمى المهم الذي تحمله هذه المسابقة، لذا فإنه من المبكر إطلاق التصريحات والتغريدات في ظل عدم اتضاح أي من معالم المنافسة. Your browser does not support the video tag.