هناك قاعدة بسيطة جداً يتبناها من يريد الوحدة وينبذ الفرقة والتناحر. تقول هذه القاعدة: «عندما تكون في حال دفاع عن وطنك وفي صراع مع عدو خارجي أو مستعمر، فلا تحاول كسب المزيد من الأعداء من أهلك وأصدقائك». هذه القاعدة البسيطة عرفها داهية تونس الحبيب بورقيبة فلم يكترث لدعوات التحالفات وكسب الأعداء، وحجته أنه يخوض معركة استقلال وليس كسب الأعداء. هذا الدرس البسيط لم يتعلم منه الأشقاء العرب. ومعها اختفت قواعد الثقافة العربية «أنا وابن عمي على الغريب». ففي الشأن اللبناني على سبيل المثال، يظهر علينا كل يوم ناعق وكأنه في إعلام مخطوف أو مستأجر-وهو كذلك- ليضيف لقائمة أعداء لبنان خصوماً أو أعداء جدداً. فالتحالفات الحزبية لم تقدم للبنان الكثير من الأصدقاء بل أعداء في شكل تراكم يصعب تفكيكه طالما أن هناك من الكثير من فصيلة «براقش» والراغب في القيام بدورها لكي يجني عليه أو ينعق لتخريبه. ولعل آخر الأمثلة ما نطق به مرتزق سفيه عبر إحدى القنوات في إساءة لأمير الكويت والذي لم يرَ أو يعرف منه لبنان سوى المواقف الإيجابية. ومثل ناعق الضاحية هذا، نجد أن هناك ألف ناعق في الجانب الفلسطيني تجاه الخليج وتحديداً المملكة التي تقف بكل وضوح مع كل فلسطيني، ولكنها تترفع عن الخوض في مهاترة مع كل أحمق ينفث سماً. ولكن الموقف الأميركي الجديد تجاه كل من يؤجج بالشتم والسب والتحريض ضد المصالح الأميركية لن ينجو من عقوبة وفق ثقافة وسياسة ترامب الجديدة. فزمن الضجيج والموت لأميركا قد ولى، وها هي إيران تدفع الثمن ولحقت بها المقاومة الفلسطينية و»الحبل على الجرار» كما يقولون. هذه الثقافة الأميركية ستظهر مع دول أخرى إذا لم يتم التعامل مع السفهاء من قبل أصحاب القرار والسلطة. فمسألة العون والمساندة في زمن الدبلوماسية وحدها قد ولى. فنحن في زمن الدبلوماسية الرقمية حيث كل ناعق بات يجد صداه لدى من لا يقبله ويصده. بل ويضغط على حكومته برسالة إلى متى نقدم العون لسفهاء يشتمون ولا يثمنون وسط صمت من المسؤولين عنهم. فالرسالة الجديدة «اربطوا سفهاءكم، فقد طفح الكيل» بنا. بل وقد يكون الرد الشعبي من الجانب الآخر أشنع مما يتخيل هذا السفيه. فوقف العون الأميركي عن وكالة الغوث الفلسطينية كشفت لهم وجهاً جديداً وحقيقة لهذا التحريض الإيراني لبعض اللبنانيين والفلسطينيين وبدون تحمل مسؤولية تجاه القضية، حتى أموال الخمس باتت تؤخذ من فقراء الشيعة وتتدفق على القطاع وبشكل انتقائي مما يدفع الشاب الفلسطيني لكي يصبح خنجراً في خاصرة أخيه في الضفة الأخرى. ولن يعرف هؤلاء ذلك الوجه الإيراني القبيح إلا بالاكتواء بنار نتائجه. Your browser does not support the video tag.