ماذا تفعل عندما تتوقف عن الكتابة لفترة طويلة، وخاصة كتابة المقال اليومي، وتفكر بالعودة؟ أعرف ماذا يحدث لنا في حالة الرياضة. نفقد اللياقة البدنية. وأعرف أيضا كيف نستعيد هذه اللياقة بالتدريب التدريجي حتى تستعيد العضلات ذاكرة الحركة والمرونة. هل يختلف الأمر بالنسبة للكتابة؟ نعم.. ولا.. الرياضة أمر شخصي يخصك وحدك. كتابة المقال شأن عام، أي يجعلك مسؤولا أمام الرأي العام، القراء أولا وتوجهات وتوقعات الصحيفة التي استكتبتك. ومن خلالهم ومع التفاعل مع حرفك تتشكل لك هوية ما يرتبط بها قارؤك ومن ثم الرأي العام. عندما تتوقف لفترة طويلة قد تتحول هذه الهوية إلى ظلال في ذاكرة البعض من جيلك، وقد تختفي تماما أو تصبح باهتة. والاحتمال الأكبر أنك تغدو مجهولا غريب الدار في حاضر الأجيال الجديدة. خاصة من لم يقرأ صحيفة مطبوعة في حياته. السؤال الأهم: ماذا عن اللياقة الفكرية وكل ما يخص اللياقة اللازمة لكتابة المقال، والمقدرة على التواصل مع الرأي العام من خلال قرائك؟ هل تفقدها؟ هل تستطيع استعادتها؟ لا.. لا تفقدها حسب استعدادك لها في الأصل، ونعم يمكن استعادتها في حالة عدم التوقف التام عن الكتابة اليومية، وإن لنفسك في تدوينات يومية، وتثق في قوتك ومقدرتك على التواصل بالحرف والفكرة والمعنى. والأهم هو تجربتك الواعية بأن الكتابة مقرونة بالقراءة في حد ذاتها تشعل العقل بالفكرة، بل الكيان كله، ومن الفكرة تولد أخرى وأخرى وهكذا تُخصب الأفكار وتتوالد. ولا أتخيل إنسانا في حاضرٍ تحيط به المعلومات من كل جانب إلا وفكره متقد في كل اتجاه إلى حد الإعياء أحيانا. وعلني هنا أعلل لنفسي وعدي بالعودة للكتابة في صحيفة الرياض بعد انقطاع ليس بقصير، بل والعزوف كليا عنها. وعدٌ... لم ينج من مخاوف وكوابيس وتأنيب ذاتي وألف شيطان وشيطان يستحث الرجوع عنه، ويُذكرني بهناءة العيش وراحة البال بعيدا عن عالم وجع القلب والسهر والقلق... عالم الصحافة. ولكن.. لمعاودة الكتابة لصحيفة الرياض نكهة خاصة، وغرابة.. غرابة في عدم الشعور بالاغتراب عنها رغم فارق الزمن والعمر، والأهم فارق مستجدات العصر التي تهدد بإطاحة ملوك ورموز الصحافة التقليدية عن عروشهم Your browser does not support the video tag.