«من فيض».. من دواخل الأسماء التي يستضيفها هذا الفضاء، نحاول مقاربة جوانب مخزونها الثقافي والمعرفي، واستكناه بواطنها لتمطر، ثم تقديمها إلى الناس، مصطحبين تجاربهم، ذكرياتهم، ورؤاهم في الحياة ومن حولهم، وذلك على شاكلة أسئلة قصيرة وخفيفة في آن معا. اتسم عمله في ميدان الصحافة بالوقار، فسمي ب «شيخ»، ولأنه ارتبط بعشق رياضة الوطن، وتعددت ميوله بين أكثر من ناد، اكتمل نجمه في هذا الميدان، وبات يعرف وسط المشتغلين بالصحافة الرياضية ب «شيخ الصحفيين الرياضيين». ضيف «من فيض» في مساحة هذا العدد، هو الأستاذ فوزي بن عبد الوهاب خياط رئيس تحرير صحيفة الندوة الأسبق والكاتب الرياضي المعروف. خياط.. أفصح للمختلفين معه قبل المتفقين إزاء طروحاته، السر الدفين وراء كتابته معصوب العينين حينما يتعلق الطرح ب «سيد المهاجمين العرب والآسيويين – حسب وصفه- ماجد عبد الله»، وأماط اللثام حول إغاظته لجماهير الهلال والتقليل من حجم نجمهم الأسطوري –حسب وصفه- سامي الجابر، فضلا عن فصول معاناته في درب الصحافة إبان رئاسته لتحرير صحيفة الندوة، من ذلك ارتضائه براتب زهيد لا يتماشى مع ما يتقاضاه رؤساء تحرير الصحف الأخرى، وأخذه لمستحقاته بعد تقديمه لخطاب استقالته بالتقسيط المريح. • اختزل لنا ذاتك في كليمات ؟. أشمخ بالثبات لأتحدى الألم بالأمل. • هل تنتمي إلى جيل «الفلكة» أم إلى جيل «التربية الحديثة» ؟. وهل غابت الفلكة عن جيل التربية الحديثة ؟!. • تدرجت محررا، فرئيس قسم، فمدير تحرير، فنائب رئيس تحرير، ثم رئيسا للتحرير.. ماذا عنى لك هذا التدرج ؟. سوية التأهل لأداء مسؤولياتي بنجاح. • هل حقق فوزي خياط شهرته بالكتابة الرياضية أم من خلال عمله في الصحافة؟. بالاثنين معا. • هل تؤمن بأن باب الرياضة يؤدي إلى كرسي رئاسة التحرير ؟. لا.. وإلا لأصبح كل محرر رياضي رئيسا للتحرير.. المسألة هنا ترتبط بالموهبة والكفاءة والاقتدار. • هل تؤيد طغيان المادة الرياضية في صحفنا على المواد الصحفية الأخرى ؟. أنا لا أؤيد الطغيان بشكل عام !. • من أخذ بيدك في صحيفة الندوة ؟. أستاذي ومعلمي حامد حسن مطاوع –يرحمه الله-. • من الصحافي الذي خذلك ؟. واحد كانت عنايته بهندامه أكبر من اهتماماته بعمله !. • ومن فاجأك بروزه ؟. أيضا واحد أحب عمله أكثر من محبته للترزز !. • من الكاتب الذي تنصحه أن «ينطم»؟. واحد ما فتئ يكذب على الناس بتاريخه الصحافي (الطويل) وبإنجازاته الصحافية (الهلامية) ؟!. • والشاعر الذي تشير عليه أن «يضف» عفشه ؟. كثيرون.. أتذكر مين والا مين. • قرار صحافي ندمت عليه ؟. عندما قمت بتزكية أفعى الأمس، ظنا مني بأن الزمن علمه كيف يكون سويا.. وإنسانا. • من من الرياضيين لم يأخذ حقه كاملا؟. كثيرون.. لكن الموسيقار فهد الهريفي أبرز من أضاء في الملاعب، فنا وابتكارا، وعندما اعتزل لم يقم له حتى حفل اعتزال!. • كنت في الندوة والآن تكتب في عكاظ.. ما هي أبرز الفروقات ؟. يعني أنت ما تعرفها ؟!، يكفي «عكاظ» أنها في القمة يا سيدي. • لو خطبت الندوة ودك مجددا.. ماذا أنت فاعل ؟. خلاص.. أنا مؤمن جدا بضرورة أن يأخذ الشباب المتعلمين والواعين والمؤهلين، الفرصة الكاملة في صناعة صحافة حضارية متقدمة. • نظرية «المحرر الرياضي مشروع ناجح لرئاسة التحرير» من مكتشفها ؟. تركي السديري رئيس تحرير صحيفة الرياض، والدكتور هاشم عبده هاشم رئيس تحرير صحيفة عكاظ السابق. • من ينافسك على حب الأهلي، والوحدة، والنصر ؟. كل عشاق الفن الراقي.. والعراقة الحافلة بالتحدي، والمهارة السامقة كنخلة. • من اللاعب الذي راهنت عليه وخسرت؟. أتمنى ألا يكون ياسر القحطاني. • ما رأيك في كرة القدم النسائية؟. لا تعجبني، لأنها ضد طبيعة المرأة الرقيقة والناعمة. • تكتب في عكاظ تحت عنوان «على المكشوف» ما الذي تنوي كشفه تحديدا؟. منذ أن بدأت أكتب «على المكشوف» إبان صدور عكاظ أسبوعيا، وأنا أمسك بقلمي مثلما أمسك ديوجين بمصباحه في رابعة النهار، بحثا عن الحقيقة. • ثلاثة يطربك لعبهم، وكتاباتهم، وغناؤهم.. من هم ؟. أطرب للعب ميسي ورونالدو واكزافي. وأقرأ بنهم للأساتذة محمد أحمد الحساني وصالح الشيحي وعبدالله الفوزان. وأستمع لفنان العرب محمد عبده وأنغام وميادة الحناوي. • ما هي الأسس التي يحتاجها الكاتب والصحافي المبدع، ليوجد كتابة مقروءة؟. أولا الفكر الصحيح والسوي، ثم الأسلوب القوي والجميل، ثم القدرة على العرض الناجح لأفكاره. • متى يجب على الكاتب أن يتوقف عن العطاء ؟. عندما يشعر أنه غير راض عما يكتب. • معظم من يكتب اليوم في نظرك.. ما هو دافعهم الأول للكتابة ؟. الكتاب الكبار الذين يتوسدون ذاكرة القراء ويحظون بمتابعتهم، يظل هدفهم ودافعهم للكتابة، هو خدمة الصالح العام، بعيدا عن كتاب الغفلة. • من هو الكاتب الذي تنصحه بالتوقف؟. رأس مال الكاتب هم القراء، فاذا لم ينجح الكاتب في الفوز برضاهم ومتابعتهم، فعليه أن يتوقف. • كاتب تحس أن غيابه عن الساحة خسارة؟. فنان الحرف.. وحريف الكلمة.. الإنسان الرائع الأستاذ عبد الله عبد الرحمن الجفري – يرحمه الله-. • ما الخطأ الذي تشعر إزاءه بأعلى درجات تأنيب الضمير ؟. عندما أخطئ بحق إنسان. • لو أردنا أن نحدد العهد الزاهر لصحيفة الندوة.. هل هو في عهدك أم في عهد من سبقك أم في عهد من خلفك ؟. في عهد الأستاذ حامد حسن مطاوع –رحمه الله-. • قولك إنك قدمت استقالتك من منصبك كرئيس تحرير.. يناقض ما درج عليه رؤساء التحرير بالتمسك بمناصبهم ؟. ليس صحيحا، فالدكتور هاشم عبده هاشم قدم استقالته، وأنا قدمتها لأنني شعرت بحاجتي للراحة، وأن صحتي لا تسعفني للركض بالشكل الذي أريده وأتمناه. • راتبك الشهري كرئيس تحرير لم يتجاوز ال (15) ألف ريال.. هل مسمى رئيس تحرير أغناك عن المطالبة بما يتقاضاه غيرك من رؤساء التحرير ؟. كنت نائبا لرئيس التحرير وراتبي أكبر من هذا الرقم.. ولكني تسلمت رئاسة التحرير وإمكانات الندوة تقارب الصفر، فضحيت من أجل الندوة ولحين تتحسن الظروف. • أيهما أثقل في ميزان الصحافة.. المسمى الوظيفي، أم العائد المادي ؟. قطعا المسمى الوظيفي له أهمية قصوى.. وإلا ما عمل رؤساء تحرير الندوة جميعهم في حدود ال (25) ألف ريال، وزملائهم يتسلمون راتبا شهريا مائة ألف ريال أو يزيد. • هل خرجت من الندوة مثقل الجيوب، أم طالبا للستر ؟. الحمد لله، أنا قانع بكل شيء يسره الله.. والستر دوما هو الأهم. • استلمت مستحقاتك من الندوة (870) ألف ريال بالتقسيط.. ما هذا الوفاء ؟. أولا أنا تسلمت نصف هذا المبلغ عند تقديمي للاستقالة.. ثم تم جدولة المتبقي على (17) قسطا.. وتلك هي إمكانات الندوة، وأنا تعودت ألا أطلب المستحيل. • ما التركة التي ستخلفها لأبنائك جراء عملك في الصحافة 45 عاما ؟. الستر.. والسمعة الحسنة والحمد لله. • قولك: «خرجت من الندوة مرفوع الرأس بما حققته لها».. يحسب لك أم عليك ؟. والله العظيم لم أقل هذا أبدا.. وما حققته الحكم الوحيد عليه هم القراء. • ماذا حققت تحديدا ؟. قلت لك، اسأل الناس فهم الذين يحكمون، لكني أشهد الله بأني قد قدمت شبابي وعمري بكل إخلاص، فإن أصبت فلي أجران، وإن فشلت فلي أجر اجتهادي. • ضعف الندوة كمؤسسة إعلامية.. هل هو نابع من ضعف كوادرها، أم بتخلي رجالات مكة عن دعمها ؟. الندوة في الحقبة الأخيرة، لم تكن تملك المال أبدا.. وهذا بالطبع أدى إلى ضعف اختيار العاملين أو معظمهم. • كتاباتك تنبئ بأهلاويتك المفرطة، وإعجابك بماجد جعلك نصراوي الهوى والميول، ومولدك ونشأتك شكلا منك فارسا تدافع عن فرسان مكة.. ما سر هذا التمازج ؟. هذا يعني بوضوح، بأني لا أتعصب لناد واحد دون آخر، وأن الكرة عندي استمتاع وليست حرقا للأعصاب. • إغراقك في مديح الاتحاد ونجمه محمد نور، حينما فاز على الهلال في نهائي كأس الأبطال، وتناسيك لميولك الأهلاوية.. حبا في الاتحاد، أم كرها في الهلال ؟. مديحي للاتحاد، هو إنصاف له بعد الفوز المستحق، وكذلك محمد نور الذي يعتبر الآن أفضل لاعب سعودي على الإطلاق. • لماذا أثرت حنق الهلاليين عليك، حين وصفت أحد أهداف ماجد عبد الله في الهلال ب «كوبري الموينع» ؟. تقدم يومها ماجد بالكرة من منتصف الملعب وتخطى الموينع ثم تخطى حارس المرمى الهلالي، وكان بإمكان ماجد أن يصوب الكرة عندها داخل المرمى، لكنه انتظر عودة الموينع الذي وقف على خط المرمى، وعندها وضع ماجد الكرة بين ساقيه.. إذن هو كوبري صريح فلماذا يغضبون ؟!. • ألم تجد وصفا أجمل وقعا على نفوس النصراويين وأخف حدة على مسامع الهلاليين.. أم أنك قصدت الإغاظة بالترصد؟. لا أدري.. لقد نسيت. • يقال: «إنك تكتب معصوب العينين، حينما توجه بوصلة قلمك تجاه ماجد عبد الله».. ما صحة هذه العبارة ؟. ** لقد كتبت كثيرا.. ولم أجد أخطر ولا أحلى ولا أروع من الكتابة عن سيد المهاجمين العرب والآسيويين ماجد عبد الله. فماجد ليس لاعبا عاديا ولا هامشيا، فهو العملاق الذي لم تشهد مثله بلادنا.. وربما لن تشهد أبدا. • إجماع النقاد الرياضيين، في المفاضلة بين ماجد عبدالله وسامي الجابر، بأن الأول أفضل مهاريا، والثاني أكثر إنجازا للوطن.. ألم يردع في نفسك تحاملك على الجابر ؟. ** أنا لا أتحامل على الجابر.. أنا أحكم بحياد مطلق، فالفارق بين مستوى ماجد ومستوى الجابر كبير جدا، يسقط أي محاولة للمقارنة.. وعلينا أن نحكم ضميرنا، فنكف عن عبث المقارنة. • ألا ترى في قولك: «لم يولد مهاجم سعودي في مستوى ماجد..»، تهميشا لإبداعات سعيد غراب، وإنجازات الجابر؟. أنا صادق أبدا بإذن الله، فالزمن يمضي ولا أحد يعوض الملاعب ذلك الفارس المدهش.. وصدقني ما يحدث هنا يحدث في كل العالم.. فلم تتعوض مصر الخطيب، ولم تتعوض الجزائر الأخضر بللومي، ولم تتعوض المغرب التيمومي، ولم تتعوض فرنسا بلاتيني، ولم تتعوض الأرجنتين مارادونا ولم تتعوض ألمانيا رومنيجة.. وهكذا. • وصفت حفل اعتزال ماجد عبدالله بالخرافي، وتمنيت أن يكون حفل الهريفي مشابها له.. هل عصبة العينين أحكمت وثاقها لتمنعك من مشاهدة حفل اعتزال الجابر ؟. أبدا.. فالواقع يؤكد بأن هناك فارقا كبيرا بين حفلي اعتزال ماجد والجابر.. فارقا واضحا لا يحتاج إلى مداولة. • تحاملك على الهلال.. دفعك لوصف محترفه «رادوي» بالجزار، وأنه أتى بما لم يأت به الأوائل، وتناسيت ما كان يفعله صمدو الأهلي ومصطفى إدريس العالمي ؟. نعم صمدو كان جزارا، ومصطفى إدريس كان خشنا جدا، ورادوي جزار بكل حرافة.. فلماذا يغضبون ؟!. • ما صحة ما أشيع، من أنك أول من وصفت الفريق الكروي الأهلاوي ب «فرقة الرعب» ؟. صحيح.. أنا من أطلق مسمى «فرقة الرعب» على فريق الأهلي لكرة القدم. • وما الداعي لذلك ؟. كان الأهلي ولم يزل، هو أرقى فريق يلعب كرة قدم، وهو من حول الكرة إلى رسالة حب.. وزجاجة عطر.. وباقة ورد.. ومرت سنوات طويلة احتكر خلالها الأهلي الانتصارات والكؤوس والإبهار، فكان «فرقة الرعب» بحق وحقيق. • عندما تريد اعتزال الآخرين.. أين تذهب ؟. إلى أعماق نفسي. • لديك عدة رسائل لمن توجهها.. وماذا تقول فيها ؟. صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالله بن عبد العزيز: ستظل أبدا أيها الإنسان.. الإنسان.. تخفق بالحب وتمنحه للناس أجمعين.. وفاء.. هتافا إنسانيا رائعا. معالي الدكتور محمد عبده يماني: أنت رجل الخير.. تقدم أبدا تلويحة الالتفاف، لتمسح الدمعة وتزرع البسمة بقلبك الكبير. معالي الدكتور عبد العزيز خوجة: تملأ الساحة عملا وإنجازا، ويمتد ساعدك الأشم لمؤازرة مواقع الإنجاز. أنت الرائع الحافل أبدا بالعمل الدؤوب. معالي الدكتور غازي القصيبي: سنظل أبدا يا سيدي بانتظار إبداعاتك.. فقصائدك أبدا مزدهية بالشموخ والإبداع. الأستاذ عبد الله عمر خياط: حاولت أبدا أن أرتقي وفاء لك، أنت الساعد الأشم الذي يعلمنا رفاهية الحب.. والالتفاف، ليكون الأبقى في زمن الصراعات الدامية. الأستاذ محمد صادق دياب: أيها الطيب أبدا. ما زلت أتهجى ابتسامتك، لأتعرف على أبجدية القلب الذي ينبض حبا، والقلم الذي يأتي لنا بالإبداع. الأستاذ عدنان كاتب (رئيس مؤسسة مطوفي حجاج جنوب آسيا): ترتقي أبدا منصة العمل الناجح، وتشكل حضورا مزدهيا بالصبر والعزم والإنجاز. جمعت بين التفوق والنفس السمحة الحافلة بالطيبة. لقراء صحيفة عكاظ المتألقة أبدا: هل شعرتم بالرضا عن هذا الحوار الماراثوني.. إذا رضيتم فشكرا، وإذا أزعجكم، فإن سامي التتر هو السبب. ورمضان كريم قبل الزحمة. فوزي عبدالوهاب خياط • كاتب صحافي رياضي، من مواليد عام 1368ه. • بدأ مشواره الصحافي في صحيفة البلاد وقريش والرائد، ثم أصبح محررا ملتزما بصحيفة عكاظ إبان صدورها أسبوعيا، وتواصل معها الى ما بعد عهد المؤسسات الصحفية. • بدأ كاتبا بالندوة عام 1392ه ثم محررا متعاونا، وتفرغ للصحافة عام 1397ه، حيث عمل محررا بالقسم الرياضي، ثم رئيسا للقسم لما يقارب (16)عاما، ثم سكرتيرا للتحرير، ثم مديرا للتحرير ثم نائبا لرئيس التحرير، ثم رئيسا للتحرير لمدة عامين تقريبا، ومن ثم قدم استقالته لظروفه الصحية. • يكتب الآن كل اثنين في صحيفة الندوة «المقال الاجتماعي» حديث الاثنين، وفي صحيفة عكاظ المقال الرياضي كل يوم أربعاء «على المكشوف»، وفي صحيفة البلاد كل يوم جمعة من الأدب الوجداني «كلام متعوب عليه»، ويقدم برنامج «كلمة محبة» يوميا من إذاعة البرنامج الثاني. • صدرت له ثلاثة كتب، لمن الكأس «رياضي»، مدينة العطر أنت «أدب وجداني»، غشقة قلم. وتحت الطبع «من عينيك ابتكر غدي».