Okaz_onlaine@ للصحافة ذاكرة توغل إلى مواطن من تعب وانكسار وفرح وألق، يستعيدها بين الحين والآخر المشتغلون القدامى في «مهنة المتاعب»، لا باعتبار تلك الفترة كانت تمثل قمة الازدهار ومجد المهنية، بل من باب الاشتياق إلى تلك المعاناة الجميلة وأيامها. ويعد الكاتب الصحفي عبدالله عمر خياط أحد الذين أدركتهم مهنة الصحافة منذ زمن مبكر، وعاصر تفاصيل مهمة في فترات تحول كبرى، كان شاهدا عليها، سواء باعتباره صحفيا أو رئيساً للتحرير أو كاتبا للمقالة. وفي هذا الحوار مع خياط يستعيد كثيرا من الأحداث والمواقف والأسماء التي علقت بذاكرته من صحافة الماضي، وإعلام «الطيبين»، فإلى نص الحوار: • قبل أن تشتغل بالصحافة، ما الذي كان يشدك إليها، ومن كان كاتبك المفضل آنذاك؟ •• الله المعين.. يا عزيزي لا تقل: قبل أن أشتغل بالصحافة ما كان يشدني إليها.. فالصحافة هي عشقي الأول والأخير، وإن كنت قبلها قد عملت محرراً بشرطة العاصمة لست سنوات، فإن تلك الأعوام كانت مجرد وظيفة بدأت من عام 1374ه وانتهت بنهاية عام 1380ه. في الوقت الذي كنت وعدد من زملاء الدراسة بالمدرسة العزيزية الابتدائية منهم: أسامة أحمد السباعي، محمد عمر سعيد العامودي، ومحمد صدقه زيني خياط، أحمد أبو ناصف -رحمهما الله- قد أصدرنا قبل أن أفارق الدراسة عام 1371ه صحيفة اسمها «سندباد الحجاز» تنشر بعض كلمات للزملاء ومختارات لشعراء قدامى ومعاصرين مما كنا نحفظه في دروس الإنشاء. غير أن مديرية المعارف اكتشفت ذلك الإصدار فأوقفته عام 1371ه وبنهاية هذا العام تركت الدراسة وأنشأت مع الزملاء ذاتهم، إضافة إلى علي محمد سحرتي -رحمه الله- ندوة أدبية أسميناها «ندوة سندباد الأدبية» وأقمنا من خلالها احتفالات مسائية حضرها كل من: الكبير عبدالله عريف رئيس تحرير جريدة «البلاد السعودية»، و الشاعر طاهر زمخشري الذي أسهم بإلقاء عدد من قصائده المشهورة، وكذا عبدالرزاق بليلة سكرتير مدير عام وزارة المعارف محمد بن مانع والمشرف على «دنيا الطلبة»، ومن مدارس الفلاح فائز بدر الذي تعين بعد تخرجه من الولاياتالمتحدة بدرجة دكتوراه نائباً لوزير التخطيط فرئيساً لمؤسسة الموانئ بمرتبة وزير، و محمد عبدالله مليباري الذي كان نائباً لسعادة حسن قاضي مدير بريد مكةالمكرمة، واشتهر لاحقاً بكتاباته التاريخية، و عبدالله أحمد الداري سكرتير حسن قاضي، وسكرتير تحرير «حراء»، فسكرتير تحرير مدير مكتب «البلاد» بمكة عندما تعينت مديراً له، فمدير تحرير «عكاظ» ورئيس تحرير عكاظ بالنيابة لمدة عام عندما تم إعفائي من رئاسة التحرير. ومع بداية عام 1378ه وكنت لازلت موظفاً بالشرطة أخذت من أخبارها ما نشرته «البلاد السعودية» التي كان يتلقاها مني عبر الهاتف عبدالغني قستي كبير محرري الجريدة، التي كان يرأسها حسن عبدالحي قزاز، واستصدر لاحقاً بعد تعيين عريف أميناً للعاصمة المقدسة برتبة نائب وزير بأمر من جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز، أمراً من مدير عام الإذاعة والتلفزيون عبدالله عمر بلخير، إثر دمج الصحف، بتسميتها «جريدة البلاد». ويوم أنشأت جريدة «البلاد» مكتباً لها بمكةالمكرمة تم اختيار محمد عمر توفيق مديراً للمكتب بمكةالمكرمة وتعينت والزميل عبدالله عبدالرحمن الجفري بوظيفة محرر غير متفرغ بالمكتب، وفي عام 1380ه تفرغت للعمل محرراً بالمكتب إلى أن تم تعيين محمد عمر توفيق وزيراً للمواصلات -وزارة النقل حالياً- فتعينت مديراً للمكتب إلى أن توليت سكرتارية التحرير بالجريدة لعام 1384ه وكنت أكتب في تلك الفترة تحت توقيع «سكرتير التحرير» ويشهد بذلك المقال الذي استخرجه من جريدة «البلاد» أخي عبدالله خوجه بكه مدير تحرير الجريدة في ذلك العهد وأهدانيه قبل أسبوعين وهو كما تقول الصورة بعنوان «ومرت الأيام» ونشرته «البلاد» بتاريخ حسب ما هو مرقوم بذيل المقال 8/12/1382ه. ويوم واصلت العشق في «عكاظ» استمررت في كتابة المقال اليومي بعنوان «كل يوم» ولكن الوجيه عبدالرحمن عبدالقادر فقيه خلال حفلة العشاء التي أقامها لي بمناسبة تعييني مديراً فرئيساً لتحرير «عكاظ» بحضور عدد من وجهاء مكةالمكرمة وبعض الصحفيين والكتاب اقترح عليَّ تبديل الاسم إلى «مع الفجر» وعلى الفور اتصلت بمدير التحرير «الدرعمي» نسبة لدار العلوم التي تخرج منها عبدالله أحمد الداري لاستبدال الاسم إلى «مع الفجر» وهو مستمر للآن ولله الحمد والمنة، ومقال أسبوعي بعنوان «دارت الأيام». عندما نشأت مؤسسة «عكاظ» للصحافة والنشر التي كان قد أسسها صاحبها الأول أحمد عبدالغفور عطار فتعينت سكرتيراً للجنة التي أصدرت الصحيفة باسم «عكاظ» فتم انتخاب معتوق حسنين مدير عام المؤسسة، وللتاريخ فقد كان معتوق حسنين -رحمه الله- اقتصادياً من الدرجة الأولى، وذات مساء قلت لسعادته: يا سيدي كتاب الصحيفة يشكون من تأخر صرف المكافآت؟! فقال: يا أخ عبدالله أرجو أن تعلم أنني يوم كنت معاوناً لمحافظ مؤسسة النقد وأنا لا أوقع الشيكات إلا بعد التردد 10 مرات، فلا بدع إن تأخرت في صرف شيك المكافآت لاسيما أنها مجرد مكافآت، وليس رواتب كما هو الحال في مؤسسة النقد! وجاء انتخابي مديراً للتحرير مع تولي محمود عارف رئاسة التحرير وبنهاية العام انتهت استعارته من مجلس الشورى عام 1385ه وباستقالة معتوق حسنين مع نهاية العام أيضاً، تم انتخاب عمر عبدربه مديراً عاماً للمؤسسة والذي كان يتولى شخصياً إدارة المؤسسة بالحضور لمقرها مساء كل يوم لمراجعة الحسابات مع عضو المؤسسة رئيس المحاسبة عبدالمجيد علي، حتى وإن كان في الرياض فإنه يستدعي الزميل عبدالمجيد إليها لمراجعة الحسابات وصرف شيكات الرواتب والمكافآت معاً. فالأخ عبدالمجيد علي هو العامود الفقري للإدارة بكافة تخصصاتها، وهو المشرف على إدارة التسويق وجلب الإعلانات وتوضيبها في المطبعة على صفحات الجريدة بالتعاون مع عبدالله الجفري السكرتير الذي كان من مهماته رسم «الماكيت» لجميع الصفحات. وتربطه به علاقة الصحيفة بالجيل الصاعد أذكر منهم: مشعل السديري، والشاعر الأمير محمد العبدالله الفيصل، والشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن، وغيرهم من الجيل الصاعد. وفي اجتماع الجمعية العمومية انتخبتني الجمعية رئيساً للتحرير إلى أن انتهت رئاستي للتحرير بتاريخ 14/12/1390ه. فواصلت كتابة المقال اليومي والمقال الأسبوعي ثم توقف المقال الأسبوعي الذي كان يشغل صفحة كاملة وكان ياسين طه يطلق عليه اسم «المقال المفرشة»، واستمر العامود اليومي -كما ذكرت آنفاً-. ولئن سألت عن كاتبي المفضل فهو معلمي محمد عمر توفيق، و الشاعر الكبير حمزة شحاتة. رحم الله من لقي وجه ربه ممن ذكرت وأسكنهم جنات النعيم، وأمد الله في عمر من لا زال يتنسم الهواء معنا وحفظهم من كل سوء. • هل تذكر أول مادة صحفية نُشرت لك، في أي عام وأين نُشرت؟ •• أول مادة كانت عبارة عن قصة بعنوان «أكبر من الخيال» وقد نُشرت بصفحة «دنيا الطلبة» بجريدة «البلاد السعودية» عام 1378ه. • من تدين له بالفضل في بروزك في المجال الصحفي؟ •• بإجادة الكتابة محمد عمر توفيق، وبالنشر على الصفحات الرئيسية وأهمها الصفحة الأخيرة حسن عبدالحي قزاز رئيس تحرير جريدة «البلاد السعودية»، والشاهد -كما ذكرت آنفاً- مقال «دارت الأيام» المنشور بتاريخ 8/12/1382ه الذي وافاني به عبدالله خوجه بكه -مدير تحرير جريدة البلاد للشؤون السياسية سابقاً- بالمظروف المدون عليه اسمه. • من الذي لا تزال تتذكره من المشاغبين في بداياتك الصحفية؟ •• محمد عبده يماني، وعبدالله عبدالرحمن الجفري، الذي كتب أكثر من مرة يتناقر مع محمد عبده -معركة ولا أبو الحسن لها-، وعبدالله جفري، ومحمد جميل فضل الذي كتب يناقر الجفري بعنوان -لا تسئ الظن بيَّ- وبالمناسبة فقد أخذ الدكتور محمد عبده يماني المنهج لخدمة الإسلام ورسوله العظيم محمد صلى الله عليه وسلم وكتابة القصص عن تاريخ المسلمين كما أخذ مسلكه نجله ياسر محمد عبده يماني في كتابة المقالات العربية بالمناسبات التاريخية. كما أن الجفري كان له نفس الاتجاه ولكن جانب القصص كان أكثر والرومانسية خاصة -رحم الله الجميع-. • من الذي كان يُشعل الغيرة لديك من مجايليك في الصحافة؟ •• أسامة أحمد السباعي، بحكم ثقافته الواسعة التي حظي بها لتوفر المؤلفات المختلفة بمكتبة والده أحمد السباعي، ومن بعده محمد عمر العامودي وأيضاً بحكم توفر المؤلفات بمكتبة والده محمد سعيد العامودي. • هل تذكر شيئاً من ذلك التنافس الذي كان مشتعلاً بين الصحف السعودية، وبعض الأحداث التي مرت بك في تلك الحقبة الزمنية؟ •• التنافس أشعل طويلاً التنافس بين جريدتي «البلاد السعودية» و«البلاد» وجريدة «حراء» ف«الندوة» وخلافهما كان موضوعه وضع مستشفى المجانين «الأمراض النفسية» بالطائف. ومستوى خدماته التي كانت «البلاد» تنافح عنه، و«حراء» ف«الندوة» التي كانت تندد بمستواه الرديء. وقد صحبت الدكتور حسن نصيف وزير الصحة ورجالاتها لتفقد المستشفى فكتبت تحقيقاً عن الوضع الحقيقي الرديء للمستشفى القديم ونشرته «البلاد»، وهو موقف يُحسب للأستاذ حسن قزاز الذي نشر التحقيق رغم أنه يخالف ما كانت «البلاد» تنافح عنه وعن مديره حسين -هكذا اسمه ولقبه- وذلك في مبناه القديم قريباً من مسجد ابن عباس -رضي الله عنهما- والذي انتقل بعد هذه الزيارة إلى مقره الجديد في شهار وكان بعض نزلائه الذين قال لهم الدكتور نصيف وهو يشير إليَّ: هذا المنافس لكم، فأرادوا أن يعطوني «علقة» ولكن الله سلم بقيام صالح جمال حريري مدير عام وزارة الصحة للشؤون الإعلامية بإنقاذي من تلك «العلقة». وفي المقهى الشهير بشهار، كان لي أول لقاء مع طارق عبدالحكيم الذي كان دائم الجلوس في المقهى الرئيس ويلتف حوله محبوه من الشباب وكبار السن، وقد امتدت علاقتي معه حتى وفاته رحمه الله. • هل كان هناك انقسام وصدام أيديولوجي أو مجتمعي حول ما ينشر في صحافة الماضي، أو بين المشتغلين في الصحافة؟ •• كلا، وألف كلا. • ما الصعوبات التي كانت تواجه الصحفيين في السابق، سواء رسمياً أو أهلياً؟ •• الصعوبات في عدم توفر المعلومات بالقدر الذي تحقق للصحفيين حالياً بكثرة المصادر. • ماذا عن سقف الحرية مقارنة بهذه الأيام؟ •• الحرية بقدر ما تستطيع أن تمرره ك«كاتب» فيما ترى أنه من حقك كتابته.. «أنت وشطارتك»! • خلال مسيرتك، ما هي المادة الصحفية التي تعتبرها أجرأ وأعنف ما كتبت؟ •• الحوار الصحفي الذي أجريته مع الملك فهد بن عبدالعزيز، في مدريد بعد أن تعين نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية. وهو ما اعتبره المحللون لا مثيل له في ما قدمته الصحافة السعودية لقرائها. وبالمناسبة فإن للأمير تركي بن عبد العزيز -تغمده الله برحمته- أفضال لدعم الجيل الصاعد وإعانتي بالرأي الرشيد والتوجيه الكريم والملاحظات السديدة لما قد لا أحسن التعبير عنه، أسكنه الله فسيح جنات عدن. وكذا المقالات التي هاجمت بها شركة الكهرباء في المطالبة بتوحيد فولت الكهرباء إلى 220 وضرورة تخفيض الأسعار.. ويمكنكم سؤال عمر عبدالقادر فقيه الذي شغل العديد من المناصب منها وكيل وزارة التجارة والصناعة وآخرها مدير عام السكة الحديدية فوزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس المراقبة العامة ينبئكم عن تلك المقالات التي كنت أكتبها بهدف خدمة المصلحة العامة وفي ذات الوقت كانت علاقتي بجميع الأطراف في غاية المودة والتقدير. فلقد كنت أسهر مع إبراهيم الجفالي -رحمه الله- وأتناول الغداء معه في أغلب الأحيان، وفي الوقت ذاته كان عبدالرحمن عبدالقادر فقيه و عمر فقيه -أمد الله في عمرهما- و محمد فقيه الشاعر الكبير والكاتب المميز الذي كان يشغل وظيفة مدير مكتب وزارة الإعلام بمكة، والدكتور سليمان فقيه، و صالح فقيه أول من أقام مستشفى في القطاع الخاص وأعقبه الدكتور عرفان من أعز الأصدقاء والمحبين لي وتبعاً لذلك توطدت العلاقة مع عزيزي الدكتور مازن سليمان فقيه أمده الله بالمزيد من التوفيق والسعادة لما يقدمه مستشفى فقيه والمنشآت الطبية التابعة له من خدمات إنسانية. وبالمناسبة فقد شاهدت وزير الصحة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة وهو في غاية السرور خلال زيارته التفقدية للمستشفى. .. في الوقت الذي نشرت له «عكاظ» لاحقاً تصريحاً بتاريخ 23/6/1438ه قال فيه: «إن هناك تحديات كبيرة، وشيئا من عدم الرضا عن المنشآت الصحية، ونهدف إلى أن نرتقي بخدماتنا في الفترة القادمة، وبالتأكيد يحتاج ذلك إلى وقت، نحن نعمل عليها ضمن برنامج التحول 2020م. والواقع أن للمستشفيات التي أنشأها القطاع الخاص في جدةوالرياض دورا مميزا في تقديم الخدمات الصحية للمواطن والمقيم». كما شاهدت من قبل في ذات الشهر وفي المستشفى وتوابعه بناتنا السعوديات وهن يملأن رحبات وأدوار المستشفى بالخدمات بروح عالية والفرح يتراقص على وجوههن، إذ احتضنهن المستشفى بملحقاته لأكبر عدد منهن رعاهن الله، والوضع كذلك بالنسبة للفتيات السعوديات في العيادات الخاصة للدكتور خالد إبراهيم النوري. • هل تم إيقافك عن الكتابة في الصحافة، وما الأسباب؟ •• أبداً لم يحدث.. صحيح أن الأمر قد صدر بإعفائي من رئاسة تحرير عكاظ نهاية عام 1390ه لكن دون أن أُمنع عن الكتابة ولا ليوم واحد وحتى تاريخه ولله الحمد والمنّة. • هل شعرت أنك تدين لمقص الرقيب بالفضل ولو لمرة واحدة؟ •• لا رقيب لأي كاتب سوى ضميره -كما أعتقد-! • ما هي أبرز المناوشات والمعارك الصحفية التي خضتها مع كتاب وصحفيين آخرين؟ •• المناوشات هي كما ذكرت مع شركة الكهرباء ووزارة التجارة والصناعة، وعن مدير مستشفى باب شريف الذي استغل منصبه لمعالجة عمال وموظفي الشركات والمؤسسات المتعاقدة مع عيادته الخاصة. والذي أُحيل إلى التقاعد بعد هذا المقال، كما أُعفى وزير الصحة بالنيابة من منصبه وإن بقي في منصبه الأساسي وزيراً للمعارف -رحمه الله-. أما الكتاب من زملاء المهنة فكانت مناوشاتي معهم بسيطة ولا أذكر منها شيئاً على الإطلاق فالمحبة كانت تسود علاقتي مع الجميع، إذ لا عداوة ليِّ مع كائن من كان ولا غل في قلبي على أحدٍ سواء كان قريباً أو صحفياً أو صديقا. • هل كتبت تحت اسم مستعار، وما هو؟ •• مقالات معدودة كتبتها بتوقيع «أبو زهير». • هل الصحافة في رأيك رسالة تنويرية، أم انعكاس لطبيعة المجتمع؟ •• الصحافة إن لم تكن تنويرية فلا داعي لإصدار الصحف، وبالنسبة لكونها انعكاسا لطبيعة المجتمع فذلك هو الواقع. • أين تضع الصحافة السعودية مقارنة بالصحافة العربية والخليجية؟ •• بالنسبة للصحافة العربية، وأعني مصر، فهي تبع لخطاها، وبالنسبة للخليجية فهي المنهج لمسيرة تلك الصحف ومجلاتها. • ما الذي تغير عليك في الصحافة بين الأمس واليوم؟ •• المتغيرات كثيرة وأهمها الكُتاب على كثرتهم قليل منهم السمين والغالبية غثاء كغثاء السيل في حين أنهم كانوا يوم كان الرواد هم من يسهمون في كتابة المقالات والقصائد الشعرية كلهم -ولا أستثني منهم أحدا- أصحاب روائع ورأي منير. وأذكر منهم الأساتذة: حمزة شحاتة، حسين سرحان، الشاعر الأمير عبدالله الفيصل الذي كنت أحضر مجلسه صباح كل يوم، والأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز -رحمهما الله- والذي كنت أتناول طعام الغداء على مائدته يوم عيد الفطر كل عام ولا يمر يوم أكون فيه بالمدينة المنورة إلا وأنا في حضرة سموه مع حبيب أحمد محمود و محمد أمين الشنقيطي سفير الأردن، و أسعد شيره، محمد سرور الصبان، ضياء الدين رجب، محمد سعيد العامودي، أحمد محمد جمال عضو مجلس الشورى والذي كتب أشهر وأجود مقال في تاريخ الصحافة السعودية تحت عنوان «سيدهم رغم أنوفهم»، صالح محمد جمال مدير جريدة «البلاد السعودية» فصاحب ورئيس تحرير «حراء» و«الندوة» التي اشترى اسمها من أحمد السباعي بمبلغ 38 ألف ريال لتتحول «حراء» إلى «الندوة» هو الاسم الذي أرجو من صالح كامل أن يستبدل مسمى جريدة «مكة» إلى «الندوة» لتأخذ حظها من الإعلانات وحرية النشر للمواد الصحفية، و أحمد السباعي من أجود كتاب المقال والقصص وقد أنشأ مسرحاً ولكنه لم يفرح بافتتاحه رغم حصوله من قبل على إقامته، ومحمد حسين زيدان، وحسن عبدالحي قزاز رئيس تحرير «البلاد»، عبدالعزيز الرفاعي من كبار موظفي النيابة العامة فعضو مجلس الشورى إلى آخر يوم في حياته رحمه الله، و حمد الجاسر، ومحمد عمر توفيق رئيس ديوان النيابة العامة فوزير المواصلات، والدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، وحسين عرب وكيل وزارة الداخلية فوزير الحج، وحسين نظيف، وعبدالرزاق بليلة، والشاعر محمد عبدالقادر فقيه، والشاعر طاهر زمخشري، والشاعر أحمد قنديل، و ياسين طه والذي كان يشغل منصب ممثل مالي، وحامد مطاوع أمين صندوق جريدة «البلاد السعودية» فمديراً لإدارة جريدة «البلاد» وبقيام المؤسسات الصحفية تولى رئاسة تحرير «الندوة»، وعبدالعزيز ساب سكرتير تحرير «البلاد السعودية».. ومن المتغيرات ارتفاع عدد الصفحات تبعاً لكثرة صفحات الإعلانات والتي انخفضت بشكل مريع في الآونة الأخيرة لتقلص الدخول ما أسهم في حركة البيع والشراء. • كيف ترى مستقبل الصحافة المطبوعة في ظل طغيان وسائل التواصل الاجتماعي؟ •• لقد فُجع القائمون على إدارة الصحف لانخفاض الإعلانات بالأسباب التي ذكرتم يا عزيزي.. ولكن الفجيعة الكبرى جاءت بالخسارة التي لحقت بالصحف أو النشرات الإلكترونية وإفلاس بعضها، الأمر الذي فرض وجوب تصفيتها! • فيما قبل العهد الحالي، من هو أفضل وزير إعلام سعودي في رأيك كصحفي، ولماذا؟ •• بلا خلاف عليه. هو جميل بن إبراهيم الحجيلان -أمد الله في عمره- والذي شغل المنصب من عام 1384ه إلى 1390ه وهو بإجماع الإعلاميين والصحفيين وأصحاب المؤسسات الصحفية «أبو الإعلام السعودي» والذي عمل على تحويل الصحف من الأفراد إلى مؤسسات صحفية، ويذكر أنه بعد الإعلان عبر الإذاعة بقرار مجلس الوزراء تحويل الصحف إلى مؤسسات بتاريخ 14 شعبان 1384ه طلب جميل من أصحاب الصحف حضور الاجتماع الذي سيعقده ليوم 16/8/1384ه وقد تلقيت على الأثر الأمر من حسن قزاز رئيس تحرير «البلاد» وأحد أصحابها بالتوجه برفقة الأساتذة الكرام أصحاب الصحف للرياض وحضور الاجتماع ممثلاً لأصحاب الجريدة وعمدني أنه في حالة وجود خلاف في الرأي الاتصال ب محمد سرور الصبان واستشارته، وقد حدث الخلاف أيضاً إذ عقد أصحاب الصحف ومنهم -العبدلله- ممثلاً لأصحاب جريدة «البلاد» اجتماعاً حال الوصول لفندق الرياض وانضمام أصحاب الصحف بالرياض للحاضرين من مكةوجدة في محاولة لكتابة خطاب يوضحون مرئياتهم فيه مخالفاً لقرار تحويل الصحف لمؤسسات. وفي الموعد المحدد كانوا جميعاً في حضرة جميل الحجيلان بمكتبه معلنين اعتراضهم، ولكن الوزير قال لهم بكل تؤدة: اجتمعت بكم للاستفادة من مرئياتكم حول الصيغة التي يمكن بها تحويل الصحف للمؤسسات وما عليكم إلا أن تبلغوني مساء مرئياتكم. وخرج الجميع إلى فندق اليمامة حيث نزلهم، واتخذوا قراراً بمقابلة الفيصل -أسكنه الله جنته- وإعلامه أنهم أمضوا الليلة لكتابة خطاب من أربعة سطور فلم يتوفقوا فكيف يا ترى سيتم اتفاق أعضاء المؤسسة التي سيكون عدد أعضاءها 15 عضواً وما فوق. وبالفعل تقدم العطار و السباعي لجلالة الملك فيصل وأعلموه -رحمه الله- بذلك. فقال لهم: لا كلام لكم عندي وعليكم مراجعة الأخ جميل -يقصد وزير الإعلام طبعاً-. وفي المساء كان جميل أشد حزماً وأنه لا مجال للتراجع وذلك بعد ما علم بإجابة الفيصل. وللشيخ جميل الفضل في تحويل الصحف إلى مؤسسات. وإقامة المحطات الإذاعية بالعديد من مدن المملكة، وكذا بناء الخطوط الرئيسية للتلفزيون وقد كان ساعده الأيمن في هذا المجال عباس فائق غزاوي مدير عام الإذاعة والتلفزيون من قبل ومن بعد، شغل -رحمه الله- منصبا آخر في حياته سفيراً للمملكة بجمهورية ألمانيا الغربية، ومن بعدهما كان الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي بتعيينه وزيرا للثقافة والإعلام منذ عام 1995م إلى عام 2005م الذي خلف بصمات مشهود له بها. • ما قضيتك الرئيسية التي تشعر أنك نافحت من أجلها صحفياً؟ •• إيصال الكهرباء لكل مدينة وقرية وتخفيض الأسعار، وقد تم ولله الحمد والمنة وصول الكهرباء كما هو مطلوب. لكن المؤسف أن الأسعار بعد انخفاض السعر لفترة قصيرة قامت مؤسسات الكهرباء برفعها لما هو أكثر وأكثر. • هل تشعر أنك استطعت إيصال كل ما تريد أن يصل للرأي العام؟ •• من يقول أنه استطاع أن يوصل كل ما يريد.. فهو مغتر. فالكمال لله وحده.. لأن لكل مخلوق إمكانات بقدرها يكون العطاء. • هل ندمت على عمل صحفي كتبته؟ •• أكذب إن قلت إنني ما ندمت على بعض ما أخطأت أو أخطأت السبيل إليه، فالحديث النبوي الشريف يقول: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون». • موقف لا تنساه في مشوارك الصحفي؟ •• كانت «عكاظ» ك«غالبية الصحف» تتوقف عن الصدور يوماً في الأسبوع، واليوم الذي تتوقف فيه «عكاظ» هو يوم الاثنين، عندما أصيبت الأمة العربية بنكسة 1967م إذ قررت إصدار «عكاظ» ذلك اليوم على أنه يوم الانتصار.. وعند مغرب اليوم السابق للهزيمة فوجئنا بخبر الهزيمة النكراء، فبكت قلوبنا بانهمار دموعنا فقررت إلغاء الصدور لما نال الأمة العربية بالهزيمة الشنعاء وراح أعضاء أسرة التحرير يشكون الحظ الذي أحرق قلوبهم بالدمع الحار. • هل تفكر بتسجيل ذكرياتك الصحفية في كتاب؟ •• لقد سجلت جانباً منها في كتاب «الصحافة بين الأمس واليوم» وهو عبارة عن محاضرة دعاني لإلقائها بنادي مكة الأدبي الدكتور راشد الراجح رئيس النادي ومن ثم أصدرتها في الكتاب إياه.. كما سجلت جانباً آخراً منها في كتاب «مذكرات رئيس تحرير سابق» وقد نُشرت قبلاً في «المجلة العربية» التي كان يرأسها أخي الكبير حمد القاضي. • بعد المشوار الطويل مع الصحافة، ماذا أعطتك وماذا أخذت منك؟ •• أعطتني محبة الناس وأكسبتني حب من أفضل بمتابعة ما كتبت. وهنا أرجو أن تسألوا عن ذلك أخي الحبيب الدكتور سهيل حسن قاضي مدير جامعة أم القرى ورئيس النادي الأدبي بمكةالمكرمة سابقاً. والممثل المالي الشهير أحمد عبدالعزيز الحمدان المحب لفعل الخيرات ومساعدة من يحتاج لمعروف منه أو له. و صالح عبدالله كامل إبان عمله ممثل مالي وبعد تحوله إلى رجل أعمال شهير وهو من فاعلي الخير أمد الله في عمره.