انخفاض سعر الروبل أمام العملات الرئيسية    " البديوي" يؤكّد على تطلّع دول مجلس التعاون لبناء علاقات إستراتيجية وثيقة    عضو الجمعية العمومية ورئيس لجنة التطوير الاستراتيجي بجمعية الإسكان التنموي بمنطقة الرياض " بيتي "    محافظ هروب يرعى حفلَ الأهالي بمناسبة اليوم الوطني ال 94    أنباء متضاربة حول مصير حسن نصر الله    اتفاق على الإعفاء المتبادل من التأشيرة بين المملكة وطاجيكستان    الجبير يلتقي وزير الدولة البريطاني لأمن الطاقة والحياد الصفري    رصد المذنب "A3" فجر أمس في سماء مدينة عرعر بالحدود الشمالية    نخيل القصيم أمسية في المسرح الروماني    رابطة العالم الإسلامي ترحب بإعلان المملكة إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"    الاتحاد يطيح بالخليج برباعية في دوري روشن للمحترفين    الزمالك سوبر أفريقيا    مدرب الأهلي: أنا المسؤول عن الخسارة أمام القادسية.. ومطالبي لم تتحقق    القادسية يتغلب على الأهلي بهدف في دوري روشن    رئيس وزراء فلسطين: إسرائيل مقتنعة أنها دولة فوق القانون    نقاء تدشن إنطلاقتها بالإحتفاء باليوم الوطني السعودي ٩٤    محافظ العيدابي يرعى احتفال الاهالي باليوم الوطني ال94    نخيل القصيم أمسية في المسرح الروماني    محافظ احد رفيدة يرعى احتفال المحافظة باليوم الوطني 94    مستشفى بيش العام بتجمع جازان الصحي يحتفي باليوم العالمي للصيدلي    فيصل بن فرحان يلتقي وزير خارجية كوريا    الاتحاد يعبر الخليج.. و الأهلي ينزف    السوبر الافريقي: ركلات الترجيح تحسم اللقب للزمالك على حساب الاهلي    إحباط تهريب (130) كجم «قات» في جازان و(10) كجم «حشيش» في عسير    أنباء متضاربة عن اغتيال نصرالله    الكتاب... «معين يفيض بالمعرفة»    شكر النعم    «الصحة» تؤكد.. أولوية "الخدمة" لمن لديهم مواعيد مسبقة في المراكز الصحية    الاندماج بين مجموعة مغربي للتجزئة وريفولي فيجِن يقود إلى تطور قطاع البصريات في الشرق الأوسط    وزير الاقتصاد والتخطيط يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة    "المتاحف" تطلق معرض فن الصين الأول في المملكة    «هيئة العقار» تُعلن بدء التسجيل العيني ل 43 ألف عقار في الرياض والدرعية    خطيب المسجد النبوي:صفتين محمودتين يحبهما الله هما الحلم والأناة    السعودية تعلن عن تحالف دولي لإقامة الدولة الفلسطينية    الذهب يسجل 5 أرقام تاريخية في أسبوع    ردع العابثين    فعاليات جمعية الثقافة والفنون بالدمام باليوم الوطني تستقطب 30 ألف زائر    لتجذب الآخرين.. احفظ هذه الخمس    5 أمور تجعل تنظيف الأسنان أساساً    صدمة..حمية الكيتو تهددك بالسكري!    قصر النظر وباء يتطلب استجابة عاجلة    أمير القصيم دعم رجال الأعمال يعكس وعيهم في بناء مجتمع معرفي    محافظ الزلفي يرعى احتفال إدارة التعليم باليوم الوطني 94    مكتب الضمان الاجتماعي في حائل يُقيم دورة "بناء نموذج العمل الحر لمستفيديه"    الأفكار التقدمية خطر أم استقرار؟!    عندي لكم خبرين !    أعتى تضاريس وأقسى مناخات!    فريق أمل وعمل التابع لجمعية رواد العمل التطوعي في جازان يحتفي باليوم الوطني ال٩٤    من البساطة إلى التكاليف!    أمير الرياض: إطلاق 'مؤسسة الرياض غير الربحية' تجسيد لحرص القيادة على دعم وتطوير العمل المؤسسي والاجتماعي    ولي العهد يُعلن إطلاق مؤسسة الرياض غير الربحية وتشكيل مجلس إدارتها    تعليم مكة يحتفي باليوم الوطني ب " السعودية أرض الحالمين " وأوبريت "أنا وطن"    وزير الخارجية في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن: السعودية ملتزمة بتعزيز العمل الجماعي لتحقيق الأمن والتنمية    الحب والروح    نائب أمير مكة يشهد حفل اليوم الوطني بالإمارة    اكتشاف نوع جديد من القرش «الشبح»    أكد دعم القيادة للعمل الخيري الإسلامي وسرعة الاستجابة.. الربيعة: المملكة تولي اهتماماً كبيراً باللاجئين في العالم لعيشوا بأمان وكرامة    «الإسلامية» توجه خطباء المساجد للتحذير من التساهل في «الطلاق»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب "محترف" يؤمن بأن البيئة المنغلقة تضفي قدسية ضيقة على ثقافة الإنسان المحلية ! فهد الأحمدي : 90 في المئة من مشكلات المرأة السعودية تتفرع من شجرة تدعى "النقاب"
نشر في الحياة يوم 17 - 03 - 2009

{ فهد الأحمدي شاب لن يهرم أبداً فهو يعيش المستقبل ويجلبه للحاضر، وُلِد والغواية تحفه من كل اتجاه، هو أكثر الناس خروجاً عن النص وأكثر كتابة للنص، مغامر لدرجة الجنون، يغير كل النصوص لمصلحته، فشل في الدراسة لينجح في غيرها، وهجر العمل الحكومي ليكون أكثر حرية... توفي له طفلان في سن الرضاعة وما زالت ابتسامته تملأ وجهه الوضّاء. هو كون لوحده عندما تتصفح جنباته لا ترى جهات أربع فقط بل تتعداه إلى أكثر لأن في كل يوم هناك جهة واتجاه جديد. فهد الأحمدي ابن المدينة أخذ منه الصفاء والتنوع وكانا جناحاه مع الحرف والكون، يعرف جيداً كيف يحتال على الرقيب، لذا زاويته لا تحجب أبداً.. جواز سفره تشتكي منه المطارات لكثرة الأختام عليه.. سخّر حياته كلها لقلمه، لذا كان قلمه وطن آمن. دعونا نقترب لكون فهد الأحمدي ونتعرف عليه أكثر!
المدينة المنورة... هل حرمتك شيئاً أم حمتك من أشياء؟
- لنقل إنها قدمت لي صوراً مختصرة من ثقافات العالم ثم تركت لي حرية الاختيار من دون حرمان أو فرض شروط خاصة.
تلوُّن الوجوه وتعدد اللغات التي كانت تحيط بك ماذا منحاك؟
- قدراً كبيراً من التواضع وعدم الغرور بثقافتي المحلية أو نظرتي الخاصة، كما منحاني شغفاً دائماً بالتواصل والرغبة في التعرف على ما قد يوجد في"الجانب الآخر"!
هل تظن أن النشأة في مدينة لا تغفو، تختلف عن النشأة في أماكن أخرى لا تستيقظ كثيراً؟
- من دون شك، فكما تمنحك الأولى رؤية أوسع وآفاقاً أشمل وغروراً أقل، تضفي البيئة المنغلقة قدسية ضيقة على ثقافة الإنسان المحلية وتجعلها في نظره محوراً ومقياساً لما يجب أن تكون عليه الثقافات الأخرى.
كيف استطاعت الكتب إغواءك وشغلك عن دراستك؟
- لا أذكر متى ولا كيف حدث ذلك، فكثيراً ما يخيل إليّ أنني وُلِدت مغوياً عليّ ومصاباً بأعراض الببلومانيا وهو مصطلح يعني الهوس بجمع الكتب، وبالتأكيد لم تكن لتشغلني عن دراستي لو كانت الكتب المدرسية تتمتع بالجاذبية نفسها.
فشل دراسي
تفويتك للمرحلة الجامعية... هل تعتبره خسارة؟ ولو فعلها أحد أبنائك... كيف ستتعامل مع الأمر؟
- أبداً، لأنني ما زلت أؤمن بأن العبرة بالنتائج وأنا فخور اليوم بما وصلت إليه، وبيني وبينك لا يمكن لأي تخصص جامعي أن يقارن بمكتبتي الخاصة أو يتفوق على ثلاثة عقود من قراءاتي المتواصلة. أما بخصوص الجزء الثاني من السؤال فسأجيبك بصراحة: لو قرر أحد أبنائي فعل ذلك، فسأتوقع منه بديلاً أفضل كالفوز بجائزة نوبل أو اكتشاف علاج لسرطان البنكرياس.
وما السر الذي لا يعرفه عنك القراء في حياتك الخاصة؟
- أنه توفي لي طفلان في سن الرضاعة.
هذا الكم الهائل من الأسماء المسبوقة بحرف الدال في مجتمعنا ماذا تحتاج؟
- مجتمعنا هو الذي يحتاج إلى إعادة تقويم الفرد من خلال إنتاجه الفعلي ومساهمته في الناتج العلمي من تأليف واكتشاف واختراع وبحث وخبرة وليس من خلال كم الأوراق والأختام التي استطاع جمعها من هنا وهناك.
هل تؤمن بنظرية"موت"المدرسة؟
- المدرسة فكرة يجب ألا تموت كونها الحق الأدنى في التعليم والمعرفة، المشكلة هي في طبيعة المدرسة التي نرغب في تطويرها لمواكبة التغيرات السريعة حولنا. وأول أهداف للمدرسة يجب أن يكون غرس حب التعلم في الطالب كي ينطلق بذاته في روافد العلم والأدب ولا تنتهي علاقته بالكتاب بعد تخرجه. أما حين تحاصره بمناهج مملة ومسبقة الصب فسيتخرج منها محدود الفكر والثقافة لا هم له غير نيل شهادة يضمن بها الوظيفة ورضا المجتمع.
أين أخطأت؟ وما القرارات التي ندمت عليها؟
- بحمد الله نادراً ما أرفع قدماً إلا وأعرف أين أضعها، ومع هذا هناك قرارات كثيرة ندمت عليها مثل عملي في إمارة المدينة حيث شعرت أنني أضعت فترة مهمة من حياتي!
لماذا فشلت الوظيفة الحكومية في كسب ودك؟
- الوظيفة الحكومية كانت مرحلة من مراحل حياتي، ولكن، يمكن القول إن السمكة كبرت على الحوض.
المرأة والتطرف
ما الذي يصعب عليك فهمه؟
- المرأة... والشخصية المتطرفة.
لن أسألك عن تجاربك مع المرأة، ولكن ماذا عن الشخصية المتطرفة؟
- المتطرف - في أي مجال - شخصية نرجسية لا تقبل نقصها فتسقطه على الآخرين، كما أنه لا يعترف بالحل الوسط ولا يؤمن بوجود هامش لنزوات البشر أو أخطاء المجتمع، تراكُم سنوات من التذبذب والحيرة تجعله يرتاح لفكرة وصوله للحل المطلق فيبدأ بتخطئة المجتمع ويعتبر نفسه مرجعاً لكل حميد. وحين تتوافر فيه معطيات العنف يستقطع من الدين أو التراث - أو حتى العلم والفلسفة - ما يبرر به تفوقه وعنفه وصدامه مع الآخرين.
ما أعظم الأسئلة التي تدور في رأسك؟
- هذا السؤال لا يوجه إلا للفلاسفة الكبار، ولكن كمخلوق يملك دماغاً بشرياً لا يمكنني الكف عن التساؤل حول الخلق والوجود وحق الاختيار ومصيرنا بعد الموت وما إن كانت توجد مخلوقات غيرنا في الكون ووو.... حتى نصل إلى سر فتح المرأة لفمها حين تضع المكحلة في عينيها.
وهل تعتقد أنك ستتوصل إلى إجابة أي منها؟
- لا.. ولكن تكفيني متعة التساؤل.
انتقالك من صحيفة"المدينة"إلى صحيفة"الرياض".. هل تم وفق قانون الجاذبية الأرضية أم ارتفاع الغازات الخفيفة؟
- تم وفق قانون التناضح العكسي حيث يُضغط الماء المالح للخروج من الطرف الآخر عذباً زلالاً.
ما الذي تغيّر عليك في صحيفة"الرياض".. وهل تفكر في تركها لو عرض عليك؟
- صحيفة"الرياض"قدمت لي حرية أكبر، وجمهوراً أوسع، وتقديراً أعظم، ناهيك عن راتب أتاح لي التفرغ بشكل كامل، وبالتأكيد يصعب عليّ تركها لهذه الأسباب.
كيف تصف علاقتك بتركي السديري.. هل تعجبك"كاريزماه"؟
- علاقتي بالأستاذ تركي علاقة تلميذ بأستاذ، وستبقى كذلك حتى بعد تركي للصحيفة.. أما الكاريزما التي تتحدث عنها فتثير تعجبي أكثر من إعجابي!
ما أهم ثلاثة أسئلة مشتركة بين القراء؟
- الأول: من أين تأتي بالأفكار والمعلومات؟! والثاني: ما هو تخصصك؟! والثالث: لماذا لا تظهر مقالاتك في كتاب؟!
وفي حين يحيرني السؤال الأول بسبب طبيعته المطاطة يربكني السؤال الثاني بسبب تعدد اهتماماتي في حين ينبهني السؤال الثالث إلى مشروع جميل، ما زلت أؤجله عاماً بعد عام ل"ضيق الوقت"!
الكتابة اليومية
يعرف الجميع أن الكتابة اليومية مرهقة ذهنياً وجسدياً... فما سر استمرارك بشكل يومي منذ عام 1991؟
- حين أنظر إلى الوراء أستغرب شخصياً من استمراري إلى هذا اليوم، ولكن يمكن القول بأن هناك ثلاثة أسباب رئيسية أسهمت في هذه الاستمرارية:
الأول: أن الكتابة هي الوجه الآخر لحبي للاطلاع ورغبتي الدائمة في التوصل لجواب، والثاني: أن الكتابة تحولت إلى"مهنة"و"وظيفة"تشغل بالي حتى أثناء الإجازات وأوقات الفراغ، أما الثالث والأهم: فهو حبي للقراء أنفسهم وسعادتي بالتواصل اليومي معهم.
بعضهم يقول إنك تعتمد على"الإنترنت"كثيراً؟
- زاوية حول العالم بدأت قبل ظهور الإنترنت بعشر سنوات، ويكفي أن تضع اسمي في محرك"غوغل"لتعرف من يضيف إلى الآخر وآخر نتيجة ظهرت قبل هذا اللقاء تثبت وجود أكثر من 54800 موقع ومنتدى تنشر مقالات حول العالم بالتزامن مع صحيفة"الرياض"!
ولكن بعض آخر يقول إن الكتابة في الجانب المعلوماتي - وهو الجانب الذي يغلب على مقالاتك - أسهل بكثير من أي نوع آخر لسهولة توافر المعلومة والحصول عليها هذه الأيام؟
- بل على العكس تماماً يمكن القول إنها بكل أدب وتواضع من أصعب أنواع الكتابة لأنها أبحاث علمية مصغرة قد يستغرق بعضها أسابيع وربما أشهراً عدة - وبالتالي لك أن تقارنها بمقالات التنظير التي لا تحتاج إلى أكثر من ورقة وقلم وكأس شاي. وفي الحقيقة ليس أسهل من التخلي عن الجانب المعلوماتي وكتابة انتقاد أو تجريح أو تملق أو العزف على وتر حساس يضمن الوصول إلى أكبر عدد من الناس.
ولكن استغراق مقال واحد لأسابيع وأشهر طويلة جداً على زاوية يومية؟
- قد يبدو هذا... ولكنني معتاد على التفكير في مواضيع عدة في وقت واحد، فعلى سبيل المثال: سبق أن كتبت مقالاً بعنوان:"الطيور الأبابيل هل ظهرت فوق مكة فقط؟"تساءلت فيه إن كانت هذه الطيور - التي هاجمت جيش أبرهة - ظهرت فوق مكة فقط أم أنها ظاهرة تكررت حول العالم؟
وللتأكد من هذه المسألة اقتضى الأمر أسبوعين من المراجعة والبحث في تراث الأمم الأخرى حتى وجدت أحداثاً مشابهة في إيطاليا واليونان والحبشة ذاتها. أيضاً سبق أن كتبت مقالاً بعنوان:"كم أمة رأت انشقاق القمر"تحدثت فيه عن معجزة انشقاق القمر في قريش وتساءلت: كم أمة حول العالم رأت هذا الانشقاق في تلك الليلة بالذات؟ وتطلب الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع للبحث في تراث الأمم للإجابة عن هذا السؤال... وقِسْ على هذا كثير!
ماذا تقصد دائماً بقولك إن الفكرة لديك تسبق المعلومة؟
- مشكلتي ومشكلة أي كاتب هي العثور على فكرة يومية مناسبة وغير مسبوقة، وحين أعثر على فكرة كهذه أضفي عليها طابعي الخاص وأساندها بالمعلومات والإحصاءات المناسبة.
لاحظ مثلاً النماذج التي أوردتها في آخر إجابة تجد أنها تتضمن فكرة غير مسبوقة تمثلت في السؤال عن طيور أبابيل وانشقاق القمر لدى الثقافات الأخرى تمت مساندتها لاحقاً بالمعلومات والشواهد التاريخية المناسبة!
رتم"المعلومة الجديدة"في كتاباتك... هل يكلفك كثيراً؟
- ليس في هذه المرحلة، إذ أصبح بإمكاني الآن الكتابة من دون الحاجة إلى مراجع. ما يرهقني - كما أخبرتك - ليس المعلومة بل إيجاد الفكرة اليومية المناسبة.
"حول العالم"زاوية في عمرها الثامن عشر. لو قلنا إنها بلغت السن القانونية.. هل هناك ممنوع ما تود أن تقوم به الآن؟
- لا أعرف شخصياً ما الذي يحدد سنها القانونية. ما أعرفه جيداً أن ما منع وما سيمنع - أو ما أخشى الكتابة عنه - سيجد طريقه للظهور بعد"سن التقاعد".
حسناً... هل تعتقد أنك بعد ثمانية عشر عاماً وصلت إلى سن النضج؟
- لا أبداً، فما زلت أتعلم وأجرب وأحاول تطوير نفسي. سن النضج بالنسبة إليّ يعني وصولي إلى سن التقاعد، ومن يعتقد بأنه وصل إليها يكون قد وصل إلى مرحلة يعجز فيها عن التجديد والإضافة.
الهم السعودي
هل لأنها"حول العالم"أصبحت تحلق بعيداً عن الهم السعودي؟
- ولمَ لا تقول إنني أحلّق بقرائي يومياً بعيداً عن همهم المحلي. على أي حال لا أعلم إن كنت لاحظت أنني أخصص مقالاً في الأسبوع لمناقشة همنا السعودي ويا ليتني في هذه الحال أضيف شيئاً جديداً.
ألا تخشى الوقوع في تهمة عقدة الأجنبي من خلال الدهشة الغربية التي تتضمنها زاويتك؟
- وقعت يا سيدي من أول مقال.. ولكنني حتى اليوم لا أفهم عن أي أجنبي يتحدثون، فمقالاتي طاولت كل الشعوب والمجتمعات وتنوعت بين نيبال والسنغال إلى كندا وتركمانستان. الحقيقة ببساطة، أنني رجل تجذبه الفكرة المدهشة بصرف النظر عن موقعها الجغرافي أو التاريخي.
ما الذي لا يعرفه القراء عن حياتك المهنية؟
- أن 20 في المئة من مجمل الأفكار التي أكتبها لا أرسلها أصلاً للجريدة لقناعتي بأنها لن تنشر أو لأننا في وقت يصعب على المجتمع تقبلها.
أعطنا مثالاً على"فكرة"كتبتها ولا يمكن للمجتمع تقبلها حالياً؟
- حقيقة أن 90 في المئة من مشكلات المرأة السعودية تتفرع من شجرة تُدعَى النقاب.
ما الذي تخشاه في حياتك المهنية؟
- أن أصاب أنا أو القارئ بالملل.
هل تخشى أن تستيقظ يوماً ولا تجد ما تكتبه؟
- يحدث هذا كثيراً، فحتى حين تكون شاعراً موهوباً ويعترف لك الناس بالموهبة والتفوق يصعب عليك نظم قصيدة مناسبة كل يوم. غير أنني وهذا من أسرار المهنة طورت تقنيات كثيرة لتلافي هذا المطب - ويبدو أنها ناجحة حتى الآن!
جمعت"حول العالم"في كتاب ألا تنوي إخراج كتاب أو كتب أخرى؟
- ظهور الزاوية بشكل يومي شغلني عن هذه الفكرة حتى الآن، والكتاب الذي تتحدث عنه يتضمن فقط أول 100 مقال في مسيرتي المهنية، أما اليوم فتجاوز أرشيفي 6 آلاف مقال، أفكر في تصنيفها في 60 كتاباً يهتم كل منها بتخصص واحد وما زلت بانتظار الناشر.
بين المباشرة والرمزية... أين تقف"حول العالم"؟
- لا أعرف الرمزية حتى ينطبق عليّ قول الشاعر"مكره أخاك لا بطل".
هل"حول العالم"مستبدة إلى هذا الحد لدرجة لا نراك إعلامياً خارجها؟
- نعم مستبدة كونها عبارة عن أبحاث يومية مصغرة، غير أن قلة ظهوري في الإعلام الخارجي نابع من"شللية"الوسط الإعلامي وضعف تواصلي معه!
هل لديك تجارب في صحف غير محلية؟
- بالتأكيد في مجلات لبنانية وخليجية بل وحتى استرالية سابقة، ولكن المشكلة هي: ماذا يتبقى بعد كتابة مقال يومي وأربع رسائل جوال للقراء.
رسائل الجوال التي تقدمها للمشتركين... هل لها علاقة بالزاوية اليومية؟
- نعم ولا! فأنا أقدم باقتين من الرسائل، الأولى باسم"حول العالم"والثانية"أرقام قياسية"، وكلتا الباقتين قد تتضمن معلومة وردت في أحد المقالات أو معلومة مستقلة ومنفصلة تماماً!
هل تؤيد التخصص في الكتابة أم أنت مع فتح العمود أو الزاوية لكل شيء؟
- أنا بطبعي أؤيد وأحترم التخصص في أي مجال، ولكن قرار فتح أو تخصيص أي"زاوية"يعود للكاتب ذاته والقدرات التي يكتشفها في نفسه، والحكم في النهاية للقارئ.
خارج"الكتابة"
ماذا تمارس من نشاطات خارج"الكتابة"؟
- يجذبني حب الاطلاع بوجه عام، سواء كان ذلك من خلال القراءة أم السفر أم الجلوس على"الإنترنت"أو حتى مشاهدة القنوات العلمية المتخصصة.
هل تمارس الرياضة مثلاً؟
- أشفط بطني بين الحين والآخر.
الحبر الحيادي في الكتابة... هل هو سمة موظفي الصحافة الدائمين؟
- قد يكون هذا، ولكن لا ننسى أن حبراً كهذا صنعته قيود ثقافية وأعراف اجتماعية وقرارات رسمية فرضت على"موظفي الصحافة"استعمال هذا اللون.
احتراف الكتابة وكونها المصدر الأساسي للدخل المادي.. هل يصيبك بتوتر؟
- بالتأكيد، فكل من يعمل في الصحافة يشعر بأنه على كف عفريت.. فالاتهام والترصد وسوء الفهم احتمال واردة مع كل كلمة!
هل صحيح أنك صاحب أعلى سعر في كتاب الأعمدة الصحافية؟
- ... أنا بدوري سمعت ذلك.
ما الفرق بين احتراف الكاتب واحتراف لاعب الكرة؟
- كالفرق بين المخ والعضلات، فكلما تقدم العمر تترهل عضلات اللاعب في حين يتضخم دماغ الكاتب وأحياناً ينفجر فيبدأ بالتخريف، لهذا السبب لا يعمر اللاعب طويلاً"في حين يبقى الخط بعد صاحبه ما بقي الدهر".
ما رأيك في هيئة الصحافيين السعوديين؟
- لن نشكرها فلا شكر على واجب. وأعتقد بأن جهودها ستظل قاصرة ما لم يملك الصحافيون أنفسهم رؤية موحدة ومطالب واضحة.
امتدحت الرقابة الذاتية للصحف المحلية... ألا يمكن أن تكون خوفاً مقولباً أكثر من كونه رقابة؟
- لم أمتدح، ولن أبرر أي شكل من أشكال الرقابة. كل ما في الأمر أنني كشفت للقراء في المقال الذي تعنيه واقعاً تفرضه خصوصية المجتمع وخطوطاً حمراء يعرفها القراء والكُتاب على حد سواء.
ما رأيك في المقالات التي يكتبها أصحابها"بحسب الطلب"؟
- مقالات مفضوحة لا تضمن لصاحبها غير الانطفاء السريع، والمرتزقة على أي حال يوجَدون في كل مهنة.
هل تجد محاولة الحصول على رضا القراء تملقاً أم شطارةً؟
- من وجهة نظري، يصعب إرضاء رجلين يجلسان لسماع رأيك، فكيف حين تكتب في صحيفة يقرأها آلاف الناس. ما أفعله شخصياً هو تقديم قناعاتي بشكل مناسب وواضح ثم أدعو الله أن يرضى عنه 51 في المئة من القراء.
في الصحافة العربية.. أي الكتابات تزعجك؟ وأيها تود أن لو كنت كاتبها؟
- أنا أؤمن بحرية الكلمة، لهذا السبب لا توجد في قاموسي كتابات مزعجة تستحق المنع. هناك فقط كتابات لا تروق لشخصي المتواضع كالذكريات الخاصة واللمز في الثقافات الأخرى - بل وحتى التحليل الرياضي والفني الساذج، وفي المقابل أغار من أي فكرة جيدة وغير مسبوقة يطرحها أي كاتب وأقول لنفسي"لماذا لم أفكر بهذا من قبل"!
برأيك.. من هو الكاتب الناجح؟
- النجاح قرار يتخذه القراء ويحدده مستوى إقبالهم على كتاباته. وأنا - بصفتي قارئاً - أحترم الكاتب الذي يضيف لرصيدي معلومة جديدة أو فكرة غير مسبوقة أو يلفت انتباهي إلى قضية مهمة. أما أفضل الجميع فهو من يصفعني لدرجة يدير وجهي إلى أفق مختلف.
أنت مع أو ضد المدرسة النمطية في الصحافة المحلية؟
- لا أعرف ولا أحب مثل هذه المصطلحات المطاطة. ما أعرفه جيداً أن مجتمعنا يتغير بوتيرة متسارعة وعلى صحافتنا مسايرة ذلك!
ما الفرق بين العمود الصحافي العربي والعمود الأجنبي؟
- كالفرق بين عامود الخيمة وعامود الأمبايرستيت.
كيف تصف تفاعل القراء مع مقالك؟
- شعور طفل نجح في الاختبار ويستعد لخوض اختبار جديد صباح الغد.
هل صحيح أننا أمة لا تقرأ... حتى الآن؟
- من دون شك، فما زالت أمة اقرأ لا تقرأ... وفي المقابل حين تركب أحد القطارات في الخارج تجد أن"أهل الكتاب"أصبحوا أهل كتب حيث الجميع غارقاً في قراءة شيء ما، وحين تراجع الأرقام تجد أن معدل قراءة الكتب في العالم العربي لا يتجاوز 4 في المئة من معدلها في انكلترا و5 في المئة من معدلها في إسبانيا، وفي حين يصدر كتاب واحد لكل 12 ألف مواطن عربي يصدر في انكلترا كتاب لكل 500 مواطن وفي ألمانيا كتاب لكل 900 مواطن!
أنا والشأن النسائي
الشأن النسائي لا تتعامل مع قضاياه بفاعلية... هل هو موقف أم مجرد صدفة ليس إلا؟
- إن كان لا بد، فسأختار الثانية... ربما مجرد مصادفة بحكم التوجه العلمي والعالمي للزاوية.
السفر... هل هو هواية أم غواية تحرص على ممارستها؟
- السفر طريقة للتنفس ووسيلة من وسائل اطلاع كثيرة أمارسها في حياتي... وصدق أو لا تصدق نصف وقتي في الخارج يضيع في قراءة كتب لا أستطيع جلبها للداخل!
هل صحيح أنك"لفيت"العالم؟
- لا، ولكنني ما زلت أحاول إكمال اللفة، ولاحظ أنني سبق أن تعرفت على معظم العالم في طفولتي أثناء احتكاكي مع معظم الجنسيات، واليوم حين أصبحت أشغل حيزاً أكبر من الفراغ اتخذت قراراً بفعل العكس ومفاجأة العالم في عقر داره.
وما الرحلات المتبقية التي تتمنى القيام بها؟
- كثيرة، فهناك مثلاً: ركوب زورق في النيل والإبحار حتى منابع النهر في كينيا وأثيوبيا، والإبحار في أضخم سفينة في العالم كوين ماري 2 من ليفربول إلى نيويورك! والانتقال من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي عبر قناة بنما! والتحليق بالهليكوبتر فوق شلالات أنجلز في فنزويلا أعلى شلالا في العالم! كما أتمنى الدخول في أحد فيودرات النروج الغربية حيث تبحر السفينة في أودية صخرية ضيقة تحيط بها الشلالات من كل جهة!
وبما أنني وصلت للنروج سأعرج على القطب الشمالي لرؤية أضواء الشفق الملونة التي تشكلها رياح الشمس المغناطيسية التي تخترق الغلاف الجوي في تلك المنطقة فقط!
ماذا تقول لقرائك في النهاية؟
- من دون مجاملة أو تملق.. من دونكم ما نساوي ورقة A4.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.