الإبداع.. لم يكن في يوم من الأيام حكراً على أحد فكل من لدية موهبة يقدم ما لديه من إبداع للمتلقي، ولكن هناك من يقتل الموهبة بتجاهل صاحبها، وهناك من يدعم صاحب الموهبة، والساحة الشعبية لم تعد في الوقت الحالي مناخاً مناسباً يساعد الشعراء في طرح الجزالة الشعرية، فعلى الرغم من أن باب الإبداع أنفتح على مصراعيه، وقد ساعده مواقع التواصل الاجتماعي على هذا الانفتاح، إلا إن الساحة ما زالت تعاني من اختلاط الغث بالسمين، وما زالت تضج بالشلليات التي تدعم فئة معينة، وتتجاهل فئة أخرى من المبدعين حتى في المشاركة في المهرجانات والمحافل الشعرية، فقد أصبحنا نشاهد أسماء تتكرر كل عام، وعلى نفس النمط قصائد مكرره، لا جديد فيها، وكأنه لا يوجد غير تلك الأسماء. كما أنه لا يزال هناك من يطبل لبعض المستشعرين الذين أساءوا لمنابر الشعر بكلمات لا تستحق أن يطلق عليها مسمى قصة فما بالك بالشعر الذي قتلوه من الوريد للوريد، والمصيبة أن هؤلاء وجدوا من يدعمهم من بعض المشاهير، ولا أدري ما الذي دعاهم لذلك. حتى أن المسابقات الشعرية التي كانت الداعم الأول للشعر، ولإظهار الشعراء الذين يقبعون خلف الأضواء أصبحت الآن تهتم بالمادة أكثر من القصيدة لتصرف على لجان تحكيمها ومتسابقيها، حيث إن هذه البرامج ابتعدت عن النقد الهادف، وتطوير الشعر، وما يخدم المتذوق والمتابع، وإبراز اسم جديد يضيف للساحة رونقاً آخر وإبداع متجدد، فسارت على غير الذي تعودنا عليه لتخدم نفسها فقط. وعلى الرغم من أننا في عصر الإعلام الجديد، الذي كنا متفائلين به ليخدم الشعر إلا أنه -زاد الطين بله- فأصبح نتاج الشعراء لا يتعدى البيتين أو الثلاثة من الشعر، محصورة في تلك (التغريدة) التي من مساوئها أنها تجعل الفكرة التي تدور في ذهن الشاعر تتقلص تمشيا مع هذا الاختصار؛ مما قلل من وجود القصائد المُعبرة، التي تزيد من جمال الشعر.. على العكس الزمن الماضي الذي لا تسمى فيه القصيدة قصيدة إلا بعد أن تتجاوز السبعة أبيات. وهذا لا يعني أن الإبداع انتهى.. بل أن المبدعين لا يزالون يداعبون المفردة ويتفننون بها، ويغردون خارج السرب، ولكن المترقب للساحة الشعرية في الوقت الحالي لا يستطيع أن يتنبأ بمستقبل الشعر الشعبي الذي كلما قلنا أنه لقي مجالاً واسعاً من الانتشار، وانتهى به عصر الاحتكار، نجد أننا لانزال ندور في حلقة مفرغة لا يستطيع الشاعر الظهور منها إلى الضوء، في ظل تحكم تلك الشللية، فكثرت الرابطات والملتقيات والمسابقات والجمعيات الشعرية، والمستفيد واحد وما زال الشعراء الموهوبون لا يتعدون كونهم أعضاء ينتظرون التفعيل، ويترقبون الفرصة التي يقدم من خلالها إبداعه. وقفه مع الشاعر سايل بن لافي: شف عارضي شاب والشيبه على الشيبه غطى منابت زهورا عمرها فاني كنت أحسب أني قسى الأيام قاوي به واثري مع الذكريات أدنات ما أبكاني وكنت أحسب الكبر ما بانت عذاريبه واثر الظهر منحني والشوف خلاني يا رحلة الياس.. والحزن.. ومعازيبه كيف ألحق المقفيه والوقت مأمداني تعّبت حالي ورى كثرة مراقيبه خيِّلي انه اليا قفيّت ناداني وعوّدت في قو عزم وهمه وهيبه كنه خوياً فقد ربعه وينخاني الجسم مامن جسم والريح تومي به على ثلاث الركايب جيت له عاني وش باقيٍ بالزمن وقتاً تماري به الجسم خشّب ونبض القلب تعباني وقفت وقفة غريباً حس بالريبه لا الأرض أرضي ولا الخلان خلاّني محمد حلوان Your browser does not support the video tag.