تقف سقيفة بني ساعدة في الشمالي الغربي للمسجد النبوي الشريف شاهدة على منعطف تاريخي مهم، مرت به الدولة الإسلامية بعد وفاة النبي الأعظم في السنة الحادية عشرة للهجرة، وهي المصيبة العظمى التي حلت بالمسلمين، وتدارك جللها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته الشهيرة "من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"، لينصرف الناس حينها عن الفاروق -الذي هاله نبأ الوفاة- منصتين للصديق. وينتقل المشهد بعد ذلك إلى موضع آخر وهو السقيفة حيث توافد الأنصار عليها لاختيار خليفة بعد النبي الأكرم، ويذكر إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح المغامسي أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة، وهم بطن من الخزرج كانوا يسكنون المدينة، وهي ظلة موجودة إلى اليوم "حديقة مسورة"، في الجهة الشمالية الغربية من الحرم الشريف، باقية وشاهدة على الموقف التاريخي الذي حدث تحتها، حيث اجتمع الأنصار بعد رسول الله، لإدراك الصحابة وعلمهم أن الأمة لا بد لها من أحد يلم شعثها، ويدير شؤونها، اجتمعوا لتحديد من يدير الخلافة، قبل أن يدفنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحصل شيء من التشاور، انتهى إلى أن ولي الصديق رضي الله عنه، لفضله وعلو مكانته، وإجماع الصحابة عليه، وهو أعلمهم وأولاهم بذلك، فأسلموا له الأمر وأصبح الخليفة. وتذكر مصادر التاريخ أن الخليفة الأول قام خطيبا ذات يوم فقال: "إني وليت هذا الأمر وأنا له كاره، والله لوددت أن بعضكم كفانيه، ألا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل عمل رسول الله لم أقم به، كان رسول الله عبدًا أكرمه الله بالوحي وعصمه به، ألا إنما أنا بشر، ولست بخير من أحدكم..". Your browser does not support the video tag.