في مساء يوم الجمعة الثالث من شهر ربيع الآخر عام 1436ه كان شعب المملكة على موعد مع مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حيث استقبل في قصر الحكم بالرياض، أبناء الوطن مبايعين على السمع والطاعة يتقدمهم أصحاب السمو الملكي الأمراء وسماحة مفتي عام المملكة وأصحاب الفضيلة العلماء والمعالي الوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين وجموعاً غفيرة من المواطنين، الذين قدموا البيعة على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلَّم- لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملكاً للمملكة العربية السعودية. كلمة مفتي المملكة وفي بداية الاستقبال ألقى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ كلمة جاء فيها: الحمد لله رب العالمين على كل حال، وفي كل حال له الفضل والمنّة علينا بكل حال، وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا. أيها الإخوة، في هذا اليوم المبارك يوم الثالث من ربيع الثاني نبايع خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز ملكاً على البلاد، نبايعه بيعة شرعية على كتاب الله وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلَّم-، بيعة شرعية مقتضاها السمع والطاعة في المعروف والالتزام بها واعتقاد أنها بيعة شرعية يجب العمل بها وبمقتضاها، ويحرم التمرد عليها لأنّها بيعة صالحة صادقة على كتاب الله وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلَّم-. وقال سماحته: «أصل هذه البيعة لما بعث الله محمدا -صلى الله عليه وسلَّم- من أراد أن يسلم بايع النبي على الإسلام، ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية بين الأوس والخزرج وبين محمد -صلى الله عليه وسلَّم-، أدَّى إلى الانتقال إلى مهاجري المدينة لما بايعوا الأنصار على أن الحماية أن يحموهم مما يحموهم من أهليهم وأموالهم، ثم بعد هذا بيعة المسلمين فبايع المسلمون رسول الله يوم الحديبية لما قيل إن عثمان قُتل قال الله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}. وقال الله لنبيه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، توفي محمد -صلى الله عليه وسلَّم- في العام الحادي عشر للهجرة، فلما توفي أصاب الناس ما أصابهم وحلّ بهم ما حلّ بهم، وبعد وفاة النبي الكريم فقدوا حلمه وعدله وتقواه وكرمه وجوده وشجاعته وحسن تعامله وفقدوا النبي الكريم فأصابهم ما أصابهم، فاجتمع في سقيفة بني سعد الأنصار فلما علم بأمر المسلمين أتاهم الصديق وخاف على في بداية الأمر فخطب خطيب الأنصار، ودعا أن يكون منهم من الأنصار أمراء والوزراء؛ إلا أن الصديّق فطن للأمر فقام مسرعاً فدخل الصديق وبايعوه على كتاب الله وعلى سنة رسول الله، فبايع الأوس والأنصار والمهاجرون أبا بكر خليفة لرسول الله -صلى الله عليه وسلَّم-، ثم بايع المسلمون عمر بن الخطاب بيعة شرعية من بعد الصديق له، ثم بايعوا عثمان ثم جعلوا الخلافة أن يكون فيها عنه الرسول راضٍ، فبايعوا مثلما بايعوا عثمان مثلما بايع المسلمين جميعا وبايع المسلمون علياً رضي الله عنه خليفة لهم رابعاً، ثم حصل ما حصل إلى أن جمع الله المسلمين جميعاً على يد معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه. وأضاف قائلا: «في بيعتنا هذه أمور عظيمة أول كل شيء الانسياب الطيب، حيث انتقلت السلطة بأمان واستقرار من يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- إلى الأمير سلمان بن عبدالعزيز انتقالاً شرعياً مناسباً باتفاق ورضاتعاون، وكل هذه من نعم الله علينا، وهي بيعة شرعية فيقوم المسلمون يؤدونها ويشكرون الله على هذه النعمة. ونوه سماحته بما يعيشه الجميع من نعمة عظيمة وخير عظيم وأمن واستقرار، مشددا على أهمية أن يحافظ على هذه النعمة وحمايتها والدفاع عنها، وأن يعلم الجميع أن أمن البلاد واستقرارها وأمنها أمانة في أعناقنا كلٌّ يؤدي الواجب عليه. وقال الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ: «أيها الملك الكريم، أسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يمدك بتوفيقه، لقد عملت في الدولة أكثر من ستين سنة منها أميراً للرياض ثم وزيراً للدفاع ثم ولياً للعهد، ونبايعك على كتاب الله ملكاً على هذه البلاد، فأسأل الله أن يوفقك ويعينك يا خادم الحرمين، وأوصيك بتقوى الله بالسر والعلانية وأوصيك بالصلوات الخمس ونوافلها، قال الله تعالى {استعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنواْ استعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الجأ إلى الله وادع في كل مهماتك، أمن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ، وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَانِ، أخلِص لله العمل وليعلم الله ما في قلبك النية الصادقة والحرص على جمع الكلمة والصف وحماية هذا البلد ديناً واقتصاداً وأمناً واستقراراً، وعامل الله بالصدق فإنَّ كل ما وقع في قلبك من صدق وإخلاص؛ فأبشر من الله بالأمن التوفيق. وأسأل الله أن يوفقك ويبارك في عمرك وعملك إنه على كل شيء قدير، نبايع الملك سلمان بن عبد العزيز». عقب ذلك قدم الجميع البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلَّم-، داعين المولى جل وعلا أن يمد بعونه وتوفيقه.