«ثروتنا الأولى التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت: شعبٌ طموحٌ، معظمُه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمانُ مستقبلها بعون الله»، كلمات نثرها الأمير محمد بن سلمان ليؤكد أن المملكة لا تفاخر بطول البنيان، بل بصناعة الإنسان السعودي محدث الفرق ورائد السبق، هذه الكلمات رسالة إلى مؤسساتنا كافة للعمل على استخراج مكامن المواهب البشرية لديها لتنميتها واستثمارها في صناعة المستقبل. وانطلاقاً من ذلك فإن حديثي اليوم يسلط الضوء على المواهب الوطنية التي على رأس العمل والمنهجية الواجب إدارتهم بها في قطاعات الدولة. فلو توقفنا قليلاً وعدنا بالتاريخ لتطور وظيفة إدارة الموظفين نجدها انطلقت بقسم الأفراد ثم تحولت إلى إدارة الموارد البشرية كشريك في الأعمال حتى وصلت في القرن الواحد والعشرين إلى مفهوم «إدارة المواهب البشرية» والذي يُعرف أنه عملية تطوير وتوحيد وتكامل التركيز على قدرات ومواهب الموظفين لتحقيق المنافسة، وتطوير العاملين الجدد والمحافظة على الحاليين، وجذب الموهوبين من ذوي الخبرات العالية. ولا شك أن التركيز على إدارة المواهب البشرية يحظى بأهمية بالغة في ظل احتدام المنافسة في المجالات المتعددة، حيث يعمل على توفير البدائل للمراكز الوظيفية الحرجة، ويقوم بتكوين أوعية مواهب لكل مستوى تنظيمي في الهيكل لنشر هذه العدوى المحمودة، وهو ما سيسهم في مضاعفة عدد المبدعين والمميزين، ويعجل من تحقيق الأهداف الوطنية، ففي يوم كنا في زيارة لتقييم أداء إحدى المنظمات الحاضنة للكفاءات والخبرات، وكان يرافقنا نائب الرئيس التنفيذي الذي أبهرنا بكونه موسوعة لجميع الأعمال، فسألت رئيس تلك المنظمة عنه، فابتسم وفاجأني بقوله: قبل ثلاث سنوات كان أحمد يعمل موظف استقبال. أيعقل ذلك؟ ولنا في علي النعيمي الذي تطور من أدنى الهيكل إلى وزير نفط درس عظيم على نتائج الاستثمار في بناء الإنسان. وقد قام كابيلي بدراسة على أهم 100 شركة وفق تصنيف مجلة فورتشن، حيث خرج بأن معظم المؤسسات تدار بأسلوب بيروقراطي يتمركز حول الهيكل الإداري وليس المواهب البشرية مما أثر على الوضع الاقتصادي لها، لذا لابد أن تقوم المؤسسات بتنظيم نفسها ليكون هدفها الرئيس هو دعم الموظفين، وهذا وحده يكفل نجاح مهمة تلك المؤسسة. ختاماً أقول: إن ما يدور في ميادين السبق والتنافسية العالمية، وما يقابله من مواهب لدى أبنائنا الذين لا تعرف شمس إبداعاتهم الغروب، والذي زاد برهانه حصول فتيات الوطن على المركز الأول في هاكاثون الحج، ذلك يدفعني لأرى أهمية تبني مؤسسات الدولة وعلى رأسها الحكومية إنشاء «إدارة المواهب البشرية» ضمن هيكلها التنظيمي عوضاً عن المنهج الإداري التقليدي للموارد البشرية، فنحن على مسافة خطوات من مستقبل مبهر نعده للعالم بسواعد الوطن شركاء المنجزات المؤسسية والحضارية. نعم، فقد قال الأمير الشاب: «بعون الله ثم بعزيمة أبناء الوطن، سيفاجئ هذا الوطن العالم من جديد». Your browser does not support the video tag.