كل شيء قابل للأخذ والرد، والنقاش والتفهم في الأعراف الدولية، إلا ما يتعلق بمبدأ سيادة الدول، فهذه خطوط لا مقامرات أو عبث بها، ولا تهاون في التعاطي معها، ولا يمكن أخذها على محمل حسن النيات، على الإطلاق، وتحت أي ظرف. المملكة من الدول الواضحة جداً في التقاطع مع الدول الأخرى، لديها مبدأ شفاف وواضح، يمكن تلخيصه ب «عدم التدخل بشؤون الآخرين»، وتنتظر في الوقت نفسه الأمر ذاته منهم، وهو المتوقع من الحكومات التي تحترم أبسط الممارسات الدبلوماسية. لا يمكن تجاهل بيان «الخارجية الكندية»، الذي أردفته بتغريدة سفارتها بالرياض، أو المرور عليهما بصمت، بل كان ذلك يستلزم موقفاً صارماً وجاداً، لذلك سحبت الرياض سفيرها، وجمدت علاقاتها التجارية مع كندا، علما أن حجم التبادل التجاري بين المملكة وكندا خلال ال 10 سنوات الأخيرة بلغ نحو 134 مليار ريال حيث استقبلت السوق السعودية سلعاً كندية بقيمة تقدر بنحو 60 مليار ريال، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة، ما يعني أن هناك ضرراً كبيراً -على المستوى التجاري- سيلحق بكندا، من خلال رصد أولي للموقف. يبدو غائباً عن كندا ودول أخريات، السياسة الخارجية السعودية الحديثة، القائمة على الحزم في المواقف، والابتعاد عن منهجية «طول البال» كما كان سابقاً، لأن المرحلة لا تحتمل إلا مثل هذه الردود، وكذلك الظروف والسياقات الزمنية، وهو الشيء الذي بدا واضحاً في موقف المملكة من كندا. لست مع مناقشة حقوق من وصفتهم الخارجية الكندية بالنشطاء من عدمها، بل يجب تجاهل ذلك تماماً، لأن المبدأ الأساسي (التدخل) غير مقبول، لذلك القضية الأساسية هي التدخل السافر، لا قضية الحقوق.. وهذا ما يجب أن نؤكد عليه ونستوعبه تماماً. أفضل ما يمكن أن نختم به الحديث في هذه القضية، ما ورد في بيان «الخارجية السعودية»: «وإن أي محاولة أخرى في هذا الجانب من كندا تعني أنه مسموح لنا بالتدخل في الشؤون الداخلية الكندية». فمشكلاتها كثيرة، وقضاياها كذلك، والمتذمرون أكثر.. ويمكن الحديث معهم ولهم ومناصرتهم، والتدخل في تفاصيل التفاصيل! والسلام.. Your browser does not support the video tag.