أكد خبير ترجمة استحالة أن تكون الترجمة الشعرية ترجمة محكمة ومثالية، مبيناً أن ما يصحّ في أمانةِ ترجمة الحقائقِ العلمية والقضايا الفكرية لا يصُحّ في نحت المجاز الأدبي الشعريّ، خاصّة أن الشعر يحتمل التأويل، ويتقصّد الغموض، ويموّه بالمعاني لتحقيق هدفه النهائي. أوضح ذلك الشاعر والمترجم د. شريف بقنة في محاضرة احتضنتها جمعية الثقافة والفنون في أبها بعنوان "فن الخيانة الذهبية.. الشعر الأميركي الحديث أنموذجاً"، أدارها إبراهيم حلوش مع عزف على الجيتار للفنان عبدالخالق عسيري. وأشار بقنة إلى أن الترجمة أسهمت في تاريخ الثقافات البشرية إسهاماً أساسياً وجذرياً، وأصّلت في تبادل المفاهيم الفلسفية والفكرية منذ بزوغ فجر الإنسانية، معتبراً رسوم الكهوف نوعاً أولياً للترجمة، ومع تطور العقلِ البشري وتطوّر اللغة وتوارثها كميزةٍ أصيلةٍ للإنسان ككائن فضولي اجتماعي يحب الترحال وتبادل الخبراتِ والمعرفةِ.. كانت الترجمةُ ضرورة لازمة لمد جسورِ التواصل الإنسانيّ. وبين بقنة أن الترجمة الأدبية أحد أكثر أنواع الترجماتِ صعوبةً وتحديا، ذلك أن المترجم مطالب بنقل روح النص الإبداعي من الثقافة الأجنبية إلى الثقافة المحلية، محافظاً على ذات الروح الشعرية والدرجة الإبداعية، مُغامراً بالأمانة الحرَفية لأجل الصنعة الإبداعية كخيانة ذهبيّة، مضيفاً أن ما يصح في أمانة ترجمة الحقائق العلمية والقضايا الفكرية لا يصح في نحت المجاز الأدبي الشعري، خاصة أن الشعر يحتمل التأويل، ويتقصد الغموض، ويموّه بالمعاني لتحقيق هدفه النهائي، وهو التأثير الوجداني اللامباشر في لاوعي المتلقّي، وترك ذلك الأثر الجمالي في نفسه عند انتهاء القصيدة. والمحصلة النهائية للترجمة الشعرية تتأرجح - في الأغلب - بين شعر أفضل بقليل أو أسوأ بقليل عن أصله، ويصعب أن يكون بمستواه تماماً. وفي المداخلات تساءل الفنان فيصل الشعيب عن المترجم، وهل يشترط أن يكون شاعراً أو روائياً؟ واستفسر الكاتب يحيى العلكمي عن الترجمة العكسية، فيما تناول عبدالله الساكتي الاختلاف في إحساس القصيدة لدى المترجم بين القصيدة الأم والقصيدة المترجمة. وأشار د. شريف بقنة إلى عدم الاعتقاد الشخصي بأهمية أن يكون المترجم شاعراً أو سارداً، مبيناً أن الترجمة العكسية تحتاج إلى تسويق جيد للثقافة العربية؛ حيث لا يجوز الترجمة بغير لغة ليست أصلية للمترجم. وعن إحساس القصيدة، أوضح أن هناك استشعاراً يسري فيه مع كل قصيدة يترجمها، واعترف بأن هناك قصائد كثيرة عجز عن ترجمتها، مع أنه أحبها وتفاعل معها بشكل كبير، إلا أنه عجز عن نقلها من لغة إلى أخرى. وعلق عضو مجلس الشورى السابق د. محمد آل زلفة على أن الترجمة أثرت في المدرسة الشعرية العربية مع الحداثة. Your browser does not support the video tag.