تمتاز تجربة الشاعر سلطان السبهان بنوع من التفرد في لغتها الشعرية، والبنية الفنية للقصيدة العربية المعاصرة، شكلا ومضمونا! يظهر ذلك واضحا لمتابعي تجربة هذا الاسم الشعري المميز، من خلال ما ينشره، أو من خلال إصداراته الشعرية والتي كان أولها عبارة عن "ديوان صوتي" تضمن مجموعة من نصوصه الشعرية، وذلك قبل ما يزيد على عقد من الزمان، ومرورا بإصداره ديوانه الورقي الأول، الموسوم ب "يكاد يضيء" وانتهاء بصدور آخر أعماله المطبوعة "ما لا يجيء" الصادر هذا العام 2018م عن دار تشكيل للنشر والتوزيع والذي هو محور حديثنا هنا. ولعل أنسب ما يمكن أن أصف به السبهان، أنه "شاعر السهل الممتنع" وذلك لسلاسة لغته وانسيابيتها، وجمال مفرداته وبساطة تركيبة الصورة الشعرية لديه، بعيدا عن التعقيدات اللفظية والمعنوية، فهو يضع المفردة في مكانها السليم من سياق الجملة الشعرية، بحيث يشعر القارئ أو السامع بأنه أمام بناء هندسي لغوي فني شعري متكامل ليس فيه لبنة وضعت في غير مكانها الذي لا يليق بها! وهذه الهندسة الشعرية المتقنة هي ما يكشف سر موهبته، بحيث لا يجد القارئ بدا من الوقوف أمامها منبهرا بمقدرته الفائقة على نحت الصورة الشعرية، وانتقاء المفردات المعبرة، في قالب وإطار مبتكر، يشعر القارئ تجاهه بالطرافة والجدة، وكأنه يسمع أو يقرأ من الشعر ما لم يكن سمعه أو قرأه لأحد من قبل! وهذا التجاوز للمكرر والعادي والمستهلك في الأسلوب واللغة والمفردة والصورة الناتجة عنها هو ما جعل للغة السبهان -كشاعر- طعمها ونكهتها الخاصة. ومن أجمل نصوص الديوان ما جاء تحت عنوان" وادي الكلام" إذ يقول: سم البلاد إذا نفتك قصيدةً سم القصيدة إن شفتك سماءَ لم أكتشفْ بالشمس إلا سمرتي مع أنني سميتُها الشقراءَ قد يحلف البدوي بالماء الذي يحييه لكن.. يعشق الصحراءَ وهكذا يبحر بنا السبهان عبر "وادي الكلام" كما مر بنا في هذا النص وغيره من النصوص الأخرى التي ضمتها المجموعة، لنكتشف معه سحر اللغة وجدتها! وضمن نص آخر تحت عنوان "لذة" يأتي قوله: خذني إلى وادي الخلاصْ لأذوق لذات القصاصْ وجهُ الندامة باهتٌ وسأرتديه ولا مناص الانتظار مواجعٌ وبكاءُ من رحلوا انتقاصْ يا قلبُ صبرك مخجلٌ ما خنجرٌ إلا وغاصْ. Your browser does not support the video tag.