طالب أكاديمي سعودي متخصص في الإعلام الجديد، بضرورة التوجه نحو إنشاء تطبيقات محلية، لشبكات التواصل الاجتماعي تلبي الحاجة القائمة في حفظ الخصوصية لكل بلد مع تحمل عبء تكوين الوعي المجتمعي تعزيزاً وتغييراً للإدراك والسلوك، منوهاً بدور هذه الوسائل وشبكات التواصل في تجاوز مفاهيم التواصل والاتصال وتبادل الآراء بين الناس لتصبح أدوات قوية يمكن استخدامها من قبل الأفراد والمؤسسات والحكومات وتطويعها لخدمة الاقتصاد وتطوير عمليات الأعمال التجارية في مختلف القطاعات. وقال د. سعد بن عبدالله الراشد، الأستاذ بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنه وبنظرة واقعية فإن مواقع التواصل الاجتماعي لا تمثل العامل الأساس للتغيير في المجتمعات، لكنها أصبحت عاملاً مهما في تهيئة متطلبات التغيير عن طريق تكوين الوعي في نظرة الإنسان إلى مجتمعه والعالم، فالمضمون الذي تتوجّه به عبر رسائل إخبارية أو ثقافية أو ترفيهية أو غيرها، لا يؤدي بالضرورة إلى إدراك الحقيقة لكنه يسهم في تكوين الحقيقة وحل إشكالياتها. واستدل بالتقرير الذي أصدرته قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب في دبي، قبل سنتين، حيث كشف أن هنالك استخداماً وانتشاراً متزايداً لشبكات التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية، مؤكداً أن هذه الشبكات يمكن أن تحدث تأثيرات قوية في نمو الأعمال، وفي تسويق وتحسين صورة المؤسسات، وفي إنشاء الأعمال الجديدة وريادة الأعمال، وأشار الراشد أنه عند تحليل مجموعة من الإحصائيات الحديثة لشبكة Ipsos وWe Are Social والمتعلقة باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الوطن العربي يمكننا استخلاص التالي، "أن معدل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي داخل المملكة في تزايد مستمر ومتسارع، وأن الهواتف الذكية تعتبر هي المنصة الأهم والأكبر في الدخول لشبكات التواصل الاجتماعي، كما أن المملكة والإمارات تحتلان صدارة الدول العربية في استخدام الإنترنت وخصوصاً شبكات التواصل الاجتماعي، كما أن هذه الشبكات المختصة بمشاركة الصور واللقطات الفيلمية، كإنستقرام وبينتريست وسنابشوت– تشغل مكانة خاصة عند المستخدم السعودي، ورغم اهتمام المستخدم السعودى الواضح بشبكة تويتر إلا أن شبكة فيس بوك لا تزال تحتل الصدارة. قوقل الصين.. و"WeChat" وبين الراشد، أن تعنت قوقل في الصين قبل عدة سنوات وعدم استجابتها لمطالب الحكومة الصينية، قد حقق آثاراً حميدة على الحكومة والمجتمع والاقتصاد الصيني بشكل عام، فالصينيون بعقلية المتحدي والمستقل استطاعوا خلق بدائل خدمية للتواصل الاجتماعي تحمي المجتمع الصيني بل وتفوقوا على مثيلاتها من أوجه متعددة، فمن خلال تقصي واقعي للوضع الصيني ومن خلال زيارة ميدانية لمدينة"قوانقزو" قبل بضعة أشهر، دعاني صديق صيني لتناول الغداء، وكنا نتتبع الطريق للمطعم باستخدام تطبيقهم البديل لخرائط قوقل، وفي أثناء الطريق توقف ليشتري شاحناً من أحد الأكشاك متناهية الصغر، وفوجئت به تتم عملية الشراء من خلال تطبيق" WeChat" الأكثر شعبية واستخداماً في الصين، حيث علمت تاليا أن الصين كلها تتبنى هذا التطبيق الذي قد يكون من الصعب على غير الصينيين فهم مدى أهميته في حياتهم اليومية وما وصل إليه، وقد كتب بن تومسون، المحلل ومؤسس مدونة Stratechery: "بالنسبة لجميع المقاصد والأغراض،WeChat هو هاتفك، وإلى حد كبير في الصين أكثر من أي مكان آخر فإن هاتفك هو كل شيء". "لا يوجد شيء في أي بلد آخر يمكن مقارنته به فهو ليس LINE، وليس WhatsApp، وليس فيسبوك، وقد تأسس WeChat في العام 2011 وتمتلكه شركة Tencent، ولديها 902 مليون مستخدم يوميًا، ويتم إرسال حوالي 38 مليار رسالة على المنصة كل يوم. في العام الماضي، أضافت Tencent له تطبيقات مصغرة، حيث تم إنشاء متجر تطبيقات داخله حيث يمكنك تشغيل الألعاب ودفع الفواتير والعثور على أصدقاء محليين وتعيين مواعيد الطبيب وتقارير الشرطة وسيارات الأجرة وعقد مؤتمرات الفيديو والوصول للخدمات المصرفية، واللافت للانتباه هو أن لدى وسائل الإعلام والوكالات الحكومية التي تديرها الدولة أيضًا حسابات رسمية في WeChat، حيث يمكنهم التواصل مباشرةً مع المستخدمين. وبسبب هيمنة الحكومة عليه، فقد فرضت رقابة على Facebook Messenger منذ العام 2009، ومنعت تطبيق Line المملوك لشركة كوريا الجنوبية في العام 2015، كما حظرت تطبيق WhatsApp قبل عامين. ولهذا فإن مستخدمي هذا التطبيق من الصينيين في الداخل والخارج بل وغيرهم ممن له علاقات داخل الصين يجدون صعوبة في الانسحاب منه من أجل البقاء على اتصال حيث يتم حظر التطبيقات الأميركية الأخرى. ويضيف "جرى انتقال WECHAT إلى نظام معرّف إلكتروني حكومي، وتوطدت علاقته مع الحكومة الصينية أكثر وأكثر، حيث تم دعم التطبيق من قبل الحكومة منذ إنشائه في العام 2011، ولذا فإنه من المقبول الاعتراف بحقيقة أن المسؤولين يراقبون المستخدمين ويراقبون الشركة، وعليه فإن الشركة تستعد للقيام بدور أكبر للقيام بمبادرة لدمج هذا التطبيق مع نظام الهوية الإلكترونية في الصين، وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن WeChat أصبحت جاهزة لتصبح نظام الهوية الإلكترونية للصين، عبر إصدار بطاقات هوية افتراضية سيستخدمها الأفراد بدلاً من بطاقات الهوية الشخصية الصادرة عن الدولة، وقد تم تطوير هذا البرنامج من قبل معهد الأبحاث التابع لوزارة الأمن العام وفريق العمل في Tencent's WeChat وتدعمه البنوك والإدارات الحكومية الأخرى، بما في ذلك بنك التعمير الصيني وفرع نانشا في محطة شرطة قوانغزو، وللتسجيل في البرنامج، يفتح المستخدمون التطبيق المصغر داخل WeChat لتقديم طلب للحصول على شهادة، حيث تمنح بطاقة هوية رقمية بالأبيض والأسود تعمل للاستخدامات غير الرسمية مثل التسجيل في مقاهي الإنترنت (في الصين، يُطلب منك تقديم معرف لتسجيل الدخول) ويمكن للمستخدمين أيضًا التقدم للترقية إلى بطاقة هوية ملونة حيث يمكن استخدامها لمزيد من المعاملات المصرفية الرسمية وتسجيل الأعمال التجارية. ويمكن للمستخدمين حماية بطاقات الهوية الخاصة بهم عن طريق تحديد كلمة مرور من ثمانية أرقام، وتقول شينخوا إن تقنية التعرف على الوجه ستستخدم للتحقق من المتقدمين شخصياً قبل أن يتم تفويض بطاقات الهوية الخاصة بهم من أجل منع تزوير الهوية، بالإضافة إلى ذلك، سيعمل التطبيق على تسجيل بصمة الشخص ورقاقة بطاقته االذكية. وتقول "شينخوا" إن المعرفات الرقمية ستكون "طريقة سهلة لإثبات" أنها في الواقع "لأي مكان وفي أي وقت، دون القلق بشأن سرقة الهوية" وعلى الرغم من مخاوف الخصوصية، تظل WeChat مهيمنة في الصين، لأنه كما يقول الخبراء فطالما أنك لا تفعل أي شيء يهدد الحكومة، فإنها لن تحفر بياناتك"، والحقيقة أن حماية الخصوصية النسبية بين التطبيقات بشكل عام ليست مهمة في الصين لأن التوقعات العامة للخصوصية منخفضة للغاية هناك، لكن الواقع يشهد أيضاً أن الخصوصية في جميع التطبيقات العالمية والصين بلا شك ليست استثناء ليست مضمونة بسبب الاستخدامات والتدخلات الاستخباراتية لمضمون تلك التطبيقات وكما يقول المختصون: "إنها ليست مشكلة لأنك في الأصل لا تملك أي خصوصية." خصوصية مجتمعاتنا تحقق الأمن والسلم الاجتماعي وينبه الراشد إلى أنه مع التسليم بعدم وجود الخصوصية المزعومة في كل وسائل التواصل الاجتماعي بلا استثناء فإن واجب الدول والحكومات حتماً السعي للمحافظة على خصوصية مجتمعاتها تحقيقاً للأمن والسلم الاجتماعي والذي سيسهل اختراقه من قبل الطابور الخامس من الداخل والخارج وخصوصاً أولئك الذين يجيدون لغة ولهجة البلد المستهدف ممن ولد ونشأ في تلك المجتمعات ووسيلته الفضلى اليوم هي وسائط وتطبيقات التواصل الاجتماعي التي يمكن من خلالها كشف نقاط ضعف المجتمعات وكيف وفيم يفكر الناس وبالتالي سهولة التعرف على محركات ومحفزات التغيير بما يخدم مصالح الأعداء. إيجاد تطبيقات محلية إقليمية بديلة لوسائل التواصل العالمية.. مطلب وطني من جهة أخرى فإن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي من قبل الإرهابيين وعصابات الجريمة المنظمة لم يؤدِّ إلى تطوير أشكال جديدة من النشاط الإجرامي فحسب، بل إلى "عولمة" الجريمة مع إمكانية ظهور أنماط جديدة من الصراع "الافتراضي"، فقيام بعض من الدول بوضع بدائل محلية لوسائل التواصل الاجتماعي لشعوبها إنما هي بذلك تحاول التقليل من الآثار الضارة للوسائل الدولية التي قد تتحكم بها أجهزة الاستخبارات الدولية بطريقة أو بأخرى، وهي بهذا أيضاً تهدف اقتصادياً إلى تقاسم الكعكة قدر الإمكان مع ما هو موجود بالفعل من وسائل عالمية، مبيناً أنه وبالنظر إلى ما تشكله المملكة من أهمية بالغة وخصوصاً في الجانب الاقتصادي، فإن الفرصة متاحة اليوم أكثر من أي وقت آخر لإيجاد بدائل محلية يمكن من خلالها استغلال تلك الوسائل الاستغلال الأمثل في تطوير ونهضة المجتمع والحد من آثار الوجه الآخر لهذه الأدوات الاتصالية إضافة إلى ما يمكن تحقيقه من مكاسب اقتصادية من الأوجه العديدة لهذه الوسائل وقدرتها الهائلة في تشغيل الشباب والشابات بل وفتح آفاق الإبداع لخلق فرص وظيفية جديدة لبعضهم البعض، ولو نظرنا فقط إلى حجم ما يستثمر في الإعلانات المحلية والدولية الموجهة للسوق السعودي والمقدرة بعشرات المليارات لرأينا الحاجة والفرصة في آن لإيجاد هذه البدائل من المنصات الاتصالية. ونوه إلى أن العالم يعج بآلاف برمجيات المصادر المفتوحة التي يجد المرء فضلاً عن المنظمات والهيئات أنها في غنى عن استثمار أموال طائلة في برمجة منصات وبرامج جديدة يتم بناؤها من الصفر، ولذا فإنه يمكن البدء هنا على أساس تطوير ما هو موجود بالفعل بحيث تشكل هذه المصادر المفتوحة أساساً لكل منصاتنا الاجتماعية البديلة فضلاً عن إدراج تلك المنصات داخل تطبيقات الصحف والمجلات الإليكترونية مع الاعتماد على قواعد بيانات ثابتة وذات قدرات استيعابية مناسبة ولعله من المناسب استخدام بعض مما تملكه جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية من إمكانات حاسوبية ذات قدرات عالية، ومواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن أن تنجح دون جمهور عريض، وقبول الناس لمثل هذه المنصات مرتبط ارتباطاً وثيقاً بما تحققه هذه المنصات من مصالح شخصية لكل مستخدم. وفي ضوء ذلك يمكن للمنصات الجديدة جذب مشتركين كثر من داخل المملكة وخارجها من خلال اشتراك مسؤولي الدولة بدءاً من أعلى قمة الهرم في هذه المنصات والإعلان عن ذلك في مختلف الوسائل الجماهيرية بطرق مباشرة وغير مباشرة، وربط خدمات الجهات الحكومية أجمع بما في ذلك نظام أبشر بشرط الاشتراك في هذه المنصات لتشكل عنواناً رسمياً لكل مواطن ليتم التحول لاحقاً لربط الهوية الوطنية بإحدى هذه المنصات على غرار WeChat الصينية، وتوفير القدرة على ممارسة التجارة الإليكترونية وبشكل مجاني، وربط هذه المنصات بموثوقية التبادل التجاري من خلال نظام سمة، وإنشاء شركات دعم لوجستي للنقل والتوصيل والدفع المباشر على غرار الطريقة الصينية. د. سعد الراشد Your browser does not support the video tag.