إن التفكير بالتمتع بعطلة لكسر روتين العمل أو الدراسة في حد ذاته يجلب البهجة والشعور بالاسترخاء، ولكن تبقى أهم مقومات الإجازة السعيدة في استثمار وقت الفراغ بنشاطات صحية تفيد العقل والبدن على حدٍ سواء، فتطرأ الكثير من الأفكار ليتخذ كل فرد أقربها تحقيقًا لأهدافه الترفيهية والتعليمية من الإجاز مثلًا قد يسعى البعض لتعلم لغة جديدة بالانضمام لأحد معاهد اللغات الصيفية بذلك يستثمر وقته بالتعلم وتحفيز التفكير بالإضافة لتكوين علاقات اجتماعية مختلفة مع من يشاركونه ذات الشغف، وبذلك تتطور لديه المهارات الذهنية وكذلك الشخصية، بينما يفضل البعض اقتباس اللغات الجديدة من خلال التعامل المباشر مع أهلها فيسافر للبلد الذي يراوده الفضول تجاه ثقافات أهله وعاداتهم بالإضافة للاطلاع على الفروقات الاجتماعية والدينية والأعراف المختلفة عما اعتاده في موطنه، وبذلك يعيش تجربة جديدة وفريدة من نوعها، كما أن اختلاف الطقس بحكم اختلاف الموقع الجغرافي وانتقاله إلى جزء آخر من العالم الواسع قد يكون مغايرًا تمامًا لما يواجهه من ظروف بيئية روتينية قد يضفي شيئا من التغيير وروح التجديد ليستأنف ما يمارسه بالعادة في حياته اليومية بنشاط متجدد. بينما يفضل البعض الآخر تطوير المهارات الشخصية فيتجهون للدورات التدريبية التطويرية التي تحفز روح القيادة والعمل ضمن الفريق وغيرها من ورش العمل التي تنمي القدرة على التحكم في الغضب و قراءة الشخصيات أو زيادة الانتاجية في العمل تحت الضغط وبذلك يكون هؤلاء الموظفين حققوا رغبتهم في تطوير أدائهم بالعمل عند العودة. في حين يفضل الهواة تطوير هواياتهم في أوقات الفراغ والإجازات فيبحثون عما يصقل موهبتهم من مدربين للرسم وندوات أدبية تحفز على القرأة أو إتقان الخط العربي وتعلم أصوله وفروعه، كما توجد منشآت لتعليم الهوايات التي قد لا يملك البعض موهبة فيها إنما لديهم الرغبة بتطويرها مثلًا صناعة الكعك وإتقان استخدام عجينة السكر أو تغليف الهدايا وتنسيق الزهور أو حتى التطريز. ويوجد من يفضل قضاء العطل في صلة الرحم وزيارة الأقارب وتجديد روابط العلاقات العائلية فيسعى لزيارة كبار العائلة والأخوة والأخوات والتنزه معهم للقيام بنشاطات لا يجدون الوقت الكافي للقيام بها عادةً خلال الجدول الروتيني اليومي فيخططون لنزهة برية مثلًا تتضمن فعاليات الشواء والمسابقات المرحة المثرية بين الأطفال والشباب. هذا لا يمنع وجود اختلاف في طبيعة ميل الناس لقضاء الإجازة واتساع منظور الاستمتاع بها من شخص لآخر فيفضل البعض قضاءها في المنزل للاسترخاء والقراءة والتأمل كما يفضلون الهدوء كنوع من التغيير عما يتعرضون له من حياة صاخبة تبعًا لجدول العمل والدراسة المعتاد. كما أن مجال التطوع يعد من الأنشطة المثالية للإجازة حيث يقدم المتطوع وقته لمساعدة ومساندة من هم بحاجة إليه من مسنين أو أطفال، وقد يتطوع في المواسم مثل الحج لتنظيم حركة ضيوف الرحمن ومساعدتهم لإتمام مشاعرهم بأقل جهد ومشقة ممكنة وبذلك يثري المتطوع مهاراته الشخصية وقدراته على التعامل مع الغرباء بلطف وتراحم مما يعزز الترابط المجتمعي وشعور الفرد بالانتماء والنهوض بالمنظومة الوطنية التي ينتمي إليها. تنوع أنشطة الاجازة لا يقتصر فقط على الرغبات والميول الشخصية، إنما الفئة العمرية التي ينتمي إليها الشخص تلعب دورًا كبيرًا في ما قد يطمح لقضاء وقته فيه، ويعد الاطفال من الفئات التي تحتاج لترتيبات خاصة لقضاء أوقات مثمرة في الإجازة، وقد يسعى الأهل إلى توفير فرص لممارسة الأطفال أنشطة مميزة تنمي قدراتهم الجسدية كممارسة السباحة وإتقان الكاراتيه أو ركوب الخيل على سبيل المثال لا الحصر كما قد يمارسون فعاليات تنمي قدراتهم الفكرية وتصقل شخصياتهم وتعزز لديهم الثقة بالنفس كالمشاركة بمسابقات علمية والانضمام إلى معاهد تثري لديهم اللغة والإبداع واكتشاف المواهب والهوايات التي تعد مجهولة لدى الطفل و أهله على حد سواء، كما أنه السن الأنسب لزراعة المبادئ والقيم بقراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر خصال الصحابة الحميدة وحكايا الأنبياء كونها أحسن القصص. أخيرًا إن الوقت يعد من نعم الله سبحانه وتعالى على العبد كونه يملك فرصة تتجدد مع كل لحظة من عمره، وعدم تنظيم أوقات الفراغ يعتبر تراجعًا بطيئًا في حياة الإنسان وإجحافًا في حقه بالتطور والنمو كما قال صلى الله عليه وسلم «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»، من هنا يجب أن يتفكر الإنسان في كيفة إثرائه لهذه النعم بشكل يعود عليه بالمنفعة والأجر. قسم التثقيف الصحي Your browser does not support the video tag.