يعد النفط ومشتقاته مصدر الطاقة الرئيس بالمملكة حيث يعتمد عليه قطاع المواصلات وجزء كبير من توليد الكهرباء بالإضافة إلى قطاع الصناعة، وتشهد المملكة انخفاضا ملحوظا باستهلاك الطاقة وخصوصا النفط ومشتقاته بسبب السياسات الحكيمة لترشيد الطاقة التى اعتمدتها المملكة. حاليا تحتل المملكة المرتبة العاشرة عالميا باستهلاك النفط، والأمل أن تتراجع إلى المرتبة 15 خاصة مع سياسات ترشيد الطاقة واعتماد المشروعات الكبيرة لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة. ويمكن للمراقب أن يرى بكل وضوح التغير الاستراتيجي باستهلاك المملكة للنفط، فعلى سبيل المثال كان استهلاك المملكة للنفط ومشتقاته بأول 5 أشهر من العام 2010م 1.75 مليون برميل باليوم وارتفع الاستهلاك في 2015م ولنفس الفترة إلى 2.3 مليون برميل وهذا يعني أن النمو السنوي بالاستهلاك بلغ أكثر من 100 ألف برميل باليوم. وتجدر الإشارة إلى أن استهلاك المملكة للنفط يرتفع في فصل الصيف بسبب زيادة الطلب على الكهرباء للحاجة إلى التكييف. وكما يشير الجدول ففي أول خمسة أشهر للعام الحالي 2018م بلغ استهلاك المملكة للنفط حوالي 2.15 مليون برميل باليوم وهذا يعني انخفاضا ب 150 ألف برميل عن مستويات القمة في 2015م وهو تطور إيجابي بنمط استهلاك الطاقة، ويكفي أن نعلم أن استهلاك المملكة للنفط بشهر مايو 2015م تعدى 2.8 مليون برميل باليوم بينما الاستهلاك انخفض بشهر مايو 2018م إلى 2.5 مليون برميل بحسب بيانات أوبك. ويعد البنزين والديزل الوقود الأهم لقطاع النقل عالميا ومحليا ويشهد استهلاكهما ارتفاعا على مستوى العالم، ولقد بلغ الاستهلاك المحلي للبنزين بأول خمسة أشهر للعام الحالي 555 ألف برميل باليوم مقارنة بنحو 602 ألف برميل خلال نفس الفترة من العام 2017م مما يعني انخفاضا بنحو 8 % وذلك بسبب الترشيد الذي أعقب تعديل الأسعار، لاشك أن انخفاض استهلاك البنزين انعكس إيجابا على الاستيراد حيث كانت المملكة تضطر لاستيراد جزء من البنزين بالأسعار العالمية خاصة عند ذروة الاستهلاك مثل مواسم الحج والعمرة. باختصار فإن كمية البنزين التي تم توفيرها بأول خمسة أشهر من هذا العام تصل إلى 7.5 ملايين برميل سعرها بالأسواق العالمية نحو 2.2 مليار ريال. وبذلك استطاعت المملكة توفير استيراد هذه الكمية من البنزين والقضاء على التلوث الناتج عن حرق 7.5 ملايين برميل وهذا له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد وعلى البيئة. وأما استهلاك الديزل فقد بلغ خلال أول خمسة أشهر من هذا العام نحو 519 ألف برميل باليوم بعد أن كان 606 آلاف برميل خلال نفس الفترة من العام الماضي أي انخفاض بنحو 14 %. والجدير بالذكر أن استهلاك المملكة للديزل في شهر مايو 2018م انخفض إلى 15.8 مليون برميل بعد أن كان حوالي 27 مليون برميل في شهر مايو 2015م "تصل قيمة الفارق 3.6 مليارات ريال"، وهذا انعكس إيجابا على ارتفاع صادرات المملكة للديزل حيث تقدمت المملكة لتصبح من أكبر خمس دول بالعالم بتصدير الديزل. وإدراكا منها للأهمية الاستراتيجية للنفط كالمصدر الأهم للطاقة بالعالم، انتهجت المملكة سياسة ترشيدية للطاقة ستظهر آثارها الإيجابية بعيدة المدى على الأجيال القادمة، وفي الختام لابد من الإشادة بخطة المملكة في تنويع مصادر الطاقة والدخول الاستراتيجي والمتسارع إلى عالم الطاقة المتجددة الواسع للمحافظة على النفط الناضب الثمين الذي لا يمكن تعويضه. *خبير في صناعة التكرير والبتروكيميائيات د. سليمان صالح الخطاف Your browser does not support the video tag.