«يا من جئتم بهذا النظام، نحن جيل اليوم لا نريد هذا النظام ونرغب بإسقاطه، ها نحن في الشوارع ولا نخاف، الفقر هنا والبطالة هنا وتأخير في الرواتب»، هذا ما قاله المتظاهرون في شوارع إيران بأحد مقاطع الفيديو المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتعتبر هذه الاحتجاجات هي الأكبر منذ 2009م، والتي يقودها جيل جديد من المولودين بعد وفاة الخميني العام 1989م، وهم ضد نظامه الذي يبدو بات غريباً وضد تطلعاتهم، ويشكل جيل من هم دون الثلاثين نصف سكان إيران، تنتشر البطالة في صفوف المتظاهرين الشباب بنسبة 40 بالمئة بحسب إحدى الإحصائيات، كما أن احتجاجاتهم ليست متركزة في طهران وحدها، بل تنتقل بين المناطق ذات الكثافة غير الفارسية باتجاه العاصمة الإيرانيةطهران ذات الغالبية الفارسية، كما أن جيل ما بعد الخميني يشكل أكثر من 90 بالمئة من المعتقلين، ما يجعل الأمر أكثر وضوحاً، هو أن الشعب الإيراني بكافة أطيافه وأعراقه وخصوصاً الشباب الذين يريدون مستوى معيشياً أفضل وانفتاحاً على العالم المتقدم، لم يعد ينطلي عليهم استخدام لغة الطائفية والعنصرية والتي تم استخدامها من قبل النظام للتظليل لأجل تنفيذ أحلام الملالي. وضع إيران الاقتصادي لم يعد محتملاً وانعكس ذلك بشكل كبير ومباشر على حياة المواطن الإيراني، وهذا أمر في غاية الخطورة ويهدد أمنها واستقرارها. كل ما يحدث اليوم من حراك في الشارع الإيراني هو بسبب سياسة حكومته وتدخلاتها الخارجية وخصوصاً في بعض الدول العربية، فحينما يجوع شعب إيران لمدة أربعين عاماً فإنه من الطبيعي أن يثور الشعب ولن يتوقف ولن تستطيع الصمود أمامه أي قوة، فالضغوط المعيشية ليست فقط في بعض المناطق والمحافظات بل حتى في قلب العاصمة طهران، إضافة على سلسلة القمع والاعتقالات والسطوة الأمنية، أما الحرس الثوري والذي يعد هو السلطة المتحكمة في الاقتصاد الإيراني، بالإضافة إلى تحكمه بالمدخول الضخم من الموارد الطبيعية، الذي لم يرها الشعب ولم تره بنيتها التحتية منذ ما يسمى بثورة الخميني في العام 1979م، بل عمل هذا الجهاز على مشروع تصدير الثورة باستخدام الأجندة الطائفية لتحقيق أحلام التوسع، وبلا شك أن ما أدى إلى زيادة هذه الاحتجاجات التي تشهدها كل المناطق الإيرانية اليوم هو أيضاً الخوف من العقوبات الاقتصادية المقبلة فضلاً على السقوط المدوي للعملة وارتفاع لمعدلات التضخم والتي تسهم في عدم استقرار الأسواق الإيرانية. الشعب الإيراني اليوم يعلن رفضه لسياسة النظام، فيما لا يزال النظام الإيراني يعتقد أن القمع والاعتقالات سيسهمان في إيقاف هذه التظاهرات، بل هو ما يزيد الأمر خطورة، ففي هذا العام أصبح الأمر مختلفاً، حيث تسجل رابطة الإغاثة الإيرانية أكثر من 430 ألف شخص يتم سجنهم على خلفية احتجاجات خلال عام، وهذا يعتبر فشلاً في إدارة شؤون البلاد ولا سيما في إدارة الموارد وانتشار الفساد، إضافة إلى تمويل الإرهاب لأجل أحلام تصدير ثورة الخميني، كل هذا يجعل نظام الملالي يترنح وآيلاً للسقوط نظراً للضعف في جميع المفاصل، فسلوك المرشد الأعلى علي خامنئي لم يعد يحتمل، وقد يتساءل البعض عن السيناريو المحتمل لما بعد "احتجاجات الشعب الإيراني" فإن الجواب الأقرب الذي لا يزال يرجحه كثير من المراقبين هو احتمالية وقوع تغيرات في النظام السياسي الإيراني. Your browser does not support the video tag.