حدث مهم وإنجاز كبير طال انتظاره، وهو السماح للمرأة السعودية بالقيادة في بلادها. ولا ريب في أنّ هذا الحدث يعكس تقدم وتطور وطموح المجتمع السعودي إلى حياة أفضل، أسوة بأقرانه في الدول الأخرى. ومن نافل القول، التأكيد على أنّ مجتمعاً غير قابل للحركة والتجدد، مآله الجمود والموت البطيء، وبالتالي فإنّ التغيّر والتغيير من سُنَن الكون، وإنّ الأجيال نفسها تختلف في أولوياتها ومفاهيمها عن غيرها ممن سبقتها. أليس القول المنسوب إلى الخليفة الرابع علي بن أبي طالب يؤكد على «ألا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم»؛ أي أنّ لكل زمان أخلاقاً ومعايير تختلف عن أخلاق الزمن السابق ومعاييره، من حيث مواكبة التطور والطموح نحو الأفضل، دون المساس بالطبع بالعقيدة. إنّ المملكة، وقد مضت قدماً في هذه الإنجازات المدهشة خلال الأعوام الثلاثة المضيئة، تجسد حقيقة أنّ المجتمع السعودي يتوق إلى التقدم والتطور، ويسير بخطى مدروسة وثابتة نحو الأمام وفقاً ل»رؤية 2030». ولعل قيادة المرأة والانفتاح الثقافي وسواهما، هما سمتان من سمات هذه المنجزات؛ فالتغير في ذهنية المواطن، والانفكاك من عُقَد الماضي الذي أصبح خلفنا، خلق نظرة واقعية أصبحنا من خلاها نحاكي الدول المتحضرة ونضاهيها في وتيرة تطوّرها الاجتماعي، وصولاً إلى مسايرة الركب الحضاري، الذي ينصّ على أنّ التطور سجية المجتمعات الحيّة وروحها المتدفقة. وبموازاة ذلك كله، فإنّ المملكة، وهي تسير في سياساتها الجديدة في تنويع اقتصادها واعتمادها مفاهيم التنمية المستدامة وتكريس مكتسباتها في تحولها البنيوي، اعتماداً على الأساليب الحديثة والرؤى الاستراتيجية والفكر السليم، فإنها ثابتة كل الثبات على المبادئ الإسلامية والمُثل العربية الأصيلة. وبالتالي فإنّ الحالة الطبيعية التي تعيشها المملكة اليوم، والتي تبدّت ملامحها في الانفتاح الثقافي، وقبول الآخر المختلف، والابتعاد عن «الشوفونيات» العقيمة، تعكس مطالب المواطن السعودي المتحضر وتطلعاته، ولا سيما أننا نعيش في أزمنة السرعة، وعصر الدفق المعلوماتي المصاحب للثورة التكنولوجية الحديثة، بعدما أضحى العالم مجتمعاً مترابطاً يتأثر، في غضونه، الإنسانُ، في كل مكان، بمجريات الأمور والأحداث أينما وقعت. نتطلع بتفاؤل وأمل إلى التغيير والتجديد والانفتاح، الذي يشهده المجتمع السعودي في العهد الزاهي لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين حفظهما الله، والسياسة الحكيمة التي تأخذ بمتطلبات المواطن السعودي، وتسهم في إحياء الأمل بمستقبل مشرق، وإرساء اللبنات التي تهيئ لحياة أفضل للمواطن، وتؤمن بقدراته الإبداعية والخلاقة، وتؤكد ضرورة الارتقاء بالمجتمع السعودي، ليتبوّأ المكانة المرموقة التي يستحقها إقليمياً ودولياً. ستمضي السعودية بعزم قيادتها الملهمة إلى المستقبل؛ لإيصال المنطقة إلى برّ السلام والأمان والأمل. ولن يصلح حال العرب والمسلمين إلا إذا كانت المملكة درة تاج التغيير في الشرق الأوسط. وها هي على الدرب سائرة بإصرار منقطع النظير، وبدعم شعبي لا حدود لتأييده. السعودية اليوم تُعزّز التفاؤل بمستقبل العرب والمسلمين، وتضرب مثلاً ناصعاً في التجديد، والانتساب إلى الحياة والتطور، بخطى واثقة متوازنة تحافظ على القواعد الإيمانية الراسخة في نفوس البشر، وتحمل في الوقت نفسه مشعلَ النور، لتهزم الظلام وفلوله، وتبلغ العالم بأكمله أنّ الإسلام يعني السلام، وأّن الحداثة تعني خدمة البشر، وأنّ الانفتاح يعني تكريس المواطنة الإنسانية، وإعمار الأرض، وتأثيث الكون بالأمل والمحبة. * كاتب ودبلوماسي سعودي سابق Your browser does not support the video tag.