تزخر أرض المملكة العربية السعودية بآثار تاريخية لا تزال ماثلة للعيان، وثقها الشعر باعتباره ديوان العرب عبر شعراء خلدت أبياتهم المكان والزمان ومن هؤلاء الشاعر يربوع بن حنظلة أحد أقدم شعراء الجاهلية وهو نسباً يَرْبُوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناه بن تميم، بن مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان، جَدٌ جاهلي مُوغِل في القِدَم من جُدود قبيلة تميم الكُبرى كما عند عُلماء النسب أولهم إمام النسابين الكَلْبي القُضاعي، وابن دُريد الأزدي، والبلاذُري. ولم تستطع مادة البحث تسجيل سنة وفاته بالتحديد إلا أنه مات في الجاهلية الجهلاء بدليل أن بنوه قبائل وبُطون عِدّة، وإليه تُنسب قبيلة بني يربوع التميمية وهي من جمرات العرب الثلاث، كانت منازلهم فيما يلي اليمامة من أرض نجد، وحزن يربوع من أجَلّ وأعظم مرابع العرب قديماً، فيه قيعان، وكانت العرب تقول: من تربّع الحزن وتشتّى الصّمّان وتقيّظ الشرف فقد أخصب، وعليه سُمِّي حَزْنُ يَرْبُوع وهو قُرب فَيْد (وهو الآن منطقة تاريخية تقع جنوب شرق حائل شمال المملكة العربية السعودية)، ولبني يربوع هؤلاء الرَّدَافَةَ في الجاهلية، وهي مكانة ودرجة مهمة لا تُعطى إلا للقبائل المتنفذة القوية، وإردافُ الملوك في الجاهلية: هو أن يجلس الملك، ويجلس الرّدفُ عن يمينه، فإذا شرب الملك شرب الرِّدفُ قبل الناس، وإذا غزا الملك جلس الرِّدفُ مكانَه، وكان خليفَتَه على الناس حتى ينصرف، وقد نالوا هذا الشرف لأنه لم يكن في العرب أحد أكثر غارةً على ملوك الحيرة منهم، فصالحوهم، على أن جعلوا لهم الردافة، ويكِفّوا عن أهل العراق الغارة وكان جرير يذكر ذلك فيقول: ربعنا وأردفنا الملوك فظلّلوا.. وطاب الأحاليب الثّمام المنزّعا ومن أيامهم يوم مَنْعِج وهو من أيام العرب المشهورة، ومن نسل يربوع هذا الفُرسان والصحابة والشُّعراء ومن ذلك الفارس الصحابي مالك بن نويره والشاعر المشهور جرير، ويربوع من الأسماء العربية التي اشتقت من الدويبة المعروفة وينطق اليوم جربوع بالجيم المهملة كعادة العامّة في قلب الياء جيماً كقولهم لليراع الخشب المعروف (جراع)، وهو من الأسماء التي مازالت تسمع حتى اليوم. شاعر رثاء ومن شعره يرثي أخاه بِشْراً: يُذَكِّرَني بِشْراً بُكَاءُ حَمامةٍ.. على فَنَن من بَطْنِ (بِيشَةَ) مائِلِ فَتى مِثْلُ صَفْوِ الماءِ ليسَ بباخلٍ بخيرٍ ولا مُهْدٍ مَلاماً لباخِلِ يتذكر شاعرنا صوت حمامة بيشة، ذلك الصوت الحزين على غُصن غَضّ بَضّ رطِيب تدلت ثمرته وارتوت عروق أرضه من حوض وادي بيشة والتي تشاركه تلك النائحة في الندب والبكاء في فَقْد المضنون لاسيّما إذا كان أخاه الشقيق الذي استوفى شروط الرجولة فهو نقيّ السريرة خالٍ مما يشين. والقصيدة جاءت في نقد الشعر لابن قُدامه من القافية اللامية عدتها أربعة أبيات من (البحر الطويل)، وفي الأشباه والنظائر للخالديان يذكرني عَمْراً. Your browser does not support the video tag.