الأزمة أكثر احتدادًا من المشكلة، فتفاقم المشكلة أو تكرارها وتراكمها قد يُنشئ الأزمة؛ لذلك وقع اختياري على كلمة أزمة فحديثي يعود على التراكم. يحدث أن تقع في مشاجرة عابرة أدنى من أن تُقال أو تُكتب، فتغلي إثرها وتتوقّد! ما الذي أثار مشاعرك الهادئة وأودى بها إلى الهيجان بلمح البصر؟ ربما تظن ويظنون بتفكيرٍ سطحي أن الغضب الذي انتابك سببه تلك المشاجرة العابرة، بينما أن الأمر ليس كذلك، العلّة ومافيها أنّك مُثقّل! بداخلك الكثير من المشاجرات العالقة، والكلمات غير المغفورة، والجروح التي لمْ تبرأ بعد! كل تلك الأمور حدثت لك دون أن تتجاوزها لربما أمسكت بقدمك أو كبّلت يديكَ، أو وضعت اللثام على فمك، لقد حدث شيء ما دون وعيك واكتراثك، ثمّ أتت مشاجرة صغيرة كهذه وأوقدت العاصفة. الحل لا يحتاج إلى قدرات خارقة! ولا إلى لوائح مكتظة بالنصائح بل بحاجة لأمرٍ واحد وهو قدرتك على التجاوز. يتحتم على الإنسان ألّا يقف عند أي عارِض يعتريه إلا في حالة إرادته القوية لإزالة ذلك العارض والسيطرة عليه. التجاوز لايحدث إلا من قناعة داخلية ومحاولات جدية تخفّف من المستوى الذي آلت إليه المشكلة. فلولا التجاوز لتوقف النهر عن الجريان بفعل النفايات المترامية في أطرافه! لكنّه يسير معها بخفّة إلى أن يتركها تعلق بالصخور أو أي مؤثر آخر، ويستمر في السريان! تجاوز حتى تتخلص من مشاكلك كلها وتخرج منها نقيًّا مطمئنًا. فبالتجاوز تستطيع تقبل أي مشكلة وكأنها المشكلة الأولى، بالتجاوز لاتحمّل من أخطؤوا بحقك اليوم وزر السابقين، وتتمكن من إنصافهم ومحاسبتهم على فعلتهم دون غيرهم، بالتجاوز يمكنك التعامل مع مأزقكِ بشكلٍ منفرد واستثنائي والتمكن منه بشكل أسرع، فمواجهة مشكلة واحدة أيسر من مواجهة مشاكل عديدة متكدّسة بداخلك. وأخيرًا، بالتجاوز يمكنك السير بهدوء أنت الذي لم تكن ترى في طريقك سوى الازدحام! Your browser does not support the video tag.