دفعة جديدة من المقاتلين في ميليشيات إيران قضت قبل أيام في غارات أكدت واشنطن أنها إسرائيلية شرق سورية، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن أكثر من 52 من المقاتلين قضوا في هذه الغارة من بينهم 22 من ميليشيا "حزب الله" العراقية. ويصر النظام السوري وحلفاؤه الإيرانيون على إلقاء اللوم على واشنطن في الغارات؛ حيث تدعي دمشق أنها غارات أميركية لدعم تنظيم "داعش"، بينما أكدت واشنطن أن إسرائيل هي من قام بالهجمة. ولا تخفي إسرائيل أنها تستهدف سورية في الوقت الذي تراه مناسباً لتحقيق هدفها المحدد في إبعاد ميليشيات إيران عن حدودها والجنوب السوري، لتشهد الأهداف الإسرائيلية تطوراً ملحوظاً بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي الإيراني حيث باتت تل أبيب راغبة برؤية ميليشيات إيران خلف المتوسط لتحرم طهران من أي منفذ بحري في سورية مما سيؤدي إلى ضرب مخطط ما يسمى "بالهلال الشيعي" الذي أنفقت عليه إيران في سورية وحدها ما يتراوح بين ال 10 - 36 مليار دولار للسنة الواحدة منذ العام 2012 بحسب بيانات "الديلي بيست" الأميركية. تنسيق روسي إسرائيلي قام مستشار الأمن القومي الإسرائيلي بزيارة خاطفة إلى موسكو يوم الاثنين، وفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية، حيث التقى بالمسؤولين الروس لمناقشة الوضع في سورية والوجود العسكري الإيراني. وأكد نتنياهو أثناء المكالمة لبوتين أن إسرائيل متمسكة بطلب إخراج القوات الإيرانية من سورية وتفعل وستفعل المزيد لتحقيق هذا الهدف ومنع إيران من أن ترسخ نفسها في البلاد. كما اتفق بوتين ونتنياهو على توجيه الجهود المشتركة لتوفير الأمن على الحدود السورية الإسرائيلية، ووعد بوتين نتنياهو أنه سيعمل على مكافحة الإرهاب الدولي انطلاقاً من سورية. وتنسق موسكو مع تل أبيب بشكل منتظم كل تحركاتها في سورية، وكانت ثمرة اجتماع ثنائي مغلق بين نتنياهو وبوتين الشهر الماضي غارة جوية إسرائيلية استهدفت واحدة من أكبر القواعد العسكرية الإيرانية في سورية، صرح عن الغارة وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بقوله "خلال ساعات دمرنا ما عملت عليه إيران لسنوات سورية" كما ذكرت تقارير في وقت سابق من هذا الشهر أن إسرائيل وروسيا توصلتا إلى اتفاق لانسحاب القوات الإيرانية من جنوب سورية. ليصرح مسؤول إسرائيلي للقناة العاشرة لاحقاً بأنه لم يتم التوصل إلى مثل هذه الصفقة، لأن إسرائيل باتت تريد خروجا إيرانيا كاملا من كل سورية وليس إبعادها فقط من الحدود الإسرائيلية كما تقترح موسكو. من جانب آخر حاول الرئيس الأسد مماشاة الرغبة الدولية ومطالبات زعماء العالم له بالتوقف عن التماهي مع إيران باتخاذ خطوة وإن كانت متذبذبة إلا أنها الأولى من نوعها حيث وضع الرئيس السوري قوات سورية في مقدمة معركة "درعا" التي تنطلق في أي لحظة وذلك بقيادة العميد "سهيل الحسن" المعروف بالنمر والذي يعد حليفاً قوياً للقوات الروسية وأشرف على أهم المعارك التي خاضتها روسيا ما يؤكد موافقة روسيا على استعادة درعا. وعلى الرغم من محاولة تحييد القوات المدعومة إيرانياً عن معركة الجنوب أو إبعادها عن الواجهة ترددت أنباء عن مشاركة قوات تابعة ل"حزب الله" ولكن تحت اسم مختلف هذه المرة وهو فصائل "الرضوان". وتعد درعا أولى المناطق التي خرجت عن سيطرة الحكومة السورية وآخر المناطق الصامدة خارج سيطرة الأسد، حيث يصر النظام على حسم هذه المعركة رغم الاعتراضات الدولية خوفاً من تدهور الوضع الإنساني وفتح الباب على مأساة جديدة. وترى روسيا مسألة استعادة درعا أمرا ملحا لتعلن انتصارها الكامل في سورية خاصة أن الفصائل التي تنتشر فيها استشرى فيها الفساد وبيع الذمم وأراضي المهاجرين وحالات الخطف والانتقام، وكل هذا تقوده ثلاثة جماعات في منطقة "حوران" وهي تنظيم "داعش" الذي يسمي نفسه "جيش خالد بن الوليد" وفصائل تابعة للقاعدة مع وجود محدود لما يسمى بخلايا "الجيش السوري الحر". ويلاحظ في عدة مواقع من سورية مؤخراً تواجد مكثف للقوات الروسية ما يدل على رغبة روسيا بملء الفراغ الذي سيحدثه دفع إيران من عدة مناطق تتمركز فيها، وذلك في ظل رغبة روسية بعدم توسع النفوذ الأميركي في سورية. إلى الشرق من سورية توصلت كل من الولاياتالمتحدة وتركيا إلى اتفاق يقضي بتقاسم المدينة بين النفوذ الأميركي والتركي وبدأت دوريات "أميركية - تركية" مشتركة، الاثنين، عملها في مدينة منبج بريف حلب الشرقي بسورية، بموجب خارطة الطريق التي تمّ الاتفاق عليها بين أنقرةوواشنطن. في المقابل انسحبت القوات الكردية من منبج وجرى الاتفاق على تشكيل مجالس محلية وعسكرية بحسب التوزع العرقي لسكان المدينة. من جانبه يعلق بهنام بن تاليبلو، كبير المحللين حول إيران في مؤسسة FDD، على التطورات في سورية بقوله "خلال السنة الماضية لاحظنا تغيرا كبيرا في تحركات إسرائيل التي رفعت من توقعاتها ومطالبها في سورية والتي كانت في الماضي محصورة بالرغبة بالحفاظ على الجولان وذلك لأن المناخ الدولي المعادي للسلوك الإيراني ساعد إسرائيل على هذا." ويضيف؛ لم تعد ترغب إسرائيل اليوم بوجود أي قواعد عسكرية لإيران في سورية، حيث تسعى لتدميرها واستهدافها كلها، حتى أنها تستهدف كانتونات وتجمعات سكنية لميليشيات إيرانية داخل سورية. ويتوقع بن تايبو أن ينتظر إيران في سورية صيف ساخن جداً ستستمر فيه الغارات لنرى اختلافا جذريا في الثقل الإيراني داخل سورية بعد هذا الموسم. وحول العلاقة بين الأسد وإيران يقول بهنام ل"الرياض": "لا نعرف إذا كان الوجود الإيراني يتعلق برغبة من الأسد وحسب ولا نعرف مدى قدرته على التأثير والطلب والتنفيذ" ويؤكد بهنام أن إسرائيل راغبة بإعطاء فرصة للأسد لتفصل بينه وبين إيران وهذا واضح من طبيعة الميليشيات التي تستهدفها إسرائيل بالقصف المستمر في الأراضي السورية. وعن ردات الفعل في الداخل الإيراني بعد الحديث عن تقهقر لقوات إيران داخل سورية؛ يقول بهنام "الحاضنة الشعبية لنظام ولاية الفقيه تتصرف وكأنها من أنقذ الأسد وتقول إننا لن نتخلى عنه مهمها حدث" مردفاً "ما نعرفه هو أن إيران متمسكة بشدة بالأسد لأهمية سورية ولكن لا نعرف إلى أي حد لا يزال الأسد متمسكا ومحتاجا للوجود الإيراني وإلى أي حد سيخاطر". ويختتم بن تاليبو بقوله "موقف الأسد سيحدده المستقبل ومدى تأثيره ونفوذه في بلاده بعد الإشارات الإيجابية التي تصله من المجتمع الدولي الراغب برؤية إيران خارج سورية في ظل تجاهل العالم للمطالبات الماضية للأسد بالرحيل بعد تغير المشهد في سورية والمنطقة وتركيز الجهود على الخطر الإيراني النووي والصاروخي والتوسعي". Your browser does not support the video tag.