نواصل في مقال اليوم الحديث عن كتاب (ابدأ مع لماذا، كيف يلهم القادة العظماء الناس للعمل/ تأليف سيمون سينك/ مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية) ونركز الحديث على المكان الثالث. المكان الثالث هو المقهى وهو اسم أطلقه السيد هوارد شولتز أحد المديرين التنفيذيين للمقهى المشهور ستاربكس، التسمية كانت تعبر عن رؤية هذا المدير للمقهى لتوفير مكان مريح بين العمل والمنزل. بتلك الرؤية تمكنت ستاربكس من نشر ثقافة المقهى في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة الأميركية بعد أن كانت سابقاً محصورة في الجامعات حسب المؤلف. مؤلف الكتاب المشار إليه يتحدث عن أهمية الغاية التي تأسست من أجلها الشركات، وأن التركيز على المواصفات والمنتجات على حساب الغاية لن يكون مفيداً على المدى البعيد. يستعرض هذا الكتاب تجارب كثيرة لدعم نظريته ومنها تجربة أحد المقاهي الشهيرة. يقول المؤلف (إن ازدهار هذا المقهى لم يكن بسبب القهوة بل بسبب التجربة التي تقدمها لزبائنها فقد كانت تستقبل 50 مليون زبون في الأسبوع، اعتمد هذا المقهى على فكرة ترمز لشيء، كانت تعكس فكرة معينة، والناس كانوا يشترون الفكرة وليس القهوة، كانت مصدراً للإلهام ولكن حدث فيها انفصال مثل الكثير من الشركات التي قبلها فنسيت غايتها وراحت تركز على النتائج والمنتجات). أخرج الآن من إطار الكتاب إلى المقهى أو المكان الثالث وهي تسمية راقتني وتنطبق على جميع المقاهي ولا أرى في الإشارة إلى ستاربكس أي نوع من الدعاية أو الإساءة فهي تجربة ناجحة ولا تزال مقصداً للرواد ومنتشرة في كل شوارع وأسواق العالم سواء كتبنا عنها أو لم نكتب، ولا تزال مقاهي القهوة الأخرى في ازدياد حول العالم والإقبال عليها يتكاثر، هل إقبال الناس على المقهى بحثاً عن القهوة أم عن (المكان الثالث) راقني مسمى المكان الثالث لأن الإنسان بحاجة إلى التغيير والبحث عن مكان يجد فيه الهدوء، ويشجعه على التأمل أو الفضفضة، أو الاستفادة من حوارات ثقافية واجتماعية قد لا تتوفر في المنزل أو بيئة العمل. المقهى تاريخ ارتبط بالثقافة والأدب والشعر والروايات والقراءة، المقهى الحديث لا يختلف عن مقهى الماضي إلا في استخدام التقنية التي أدت الى العزلة والتباعد. في زمن المقهى الحديث لا يحتاج مرتاد المقهى إلى رفيق، يكفي أن يكون معه الهاتف الجوال أو جهاز الكمبيوتر، وفي ذهني اقتراح مقهى جديد بفكرة تعيد ثقافة الحوار وتنمية العلاقات الاجتماعية وأخذ استراحة من صداع تدفق الأخبار والمعلومات، ألا يستحق الإنسان إجازة عن العالم لمدة ساعة؟، الفكرة هي إنشاء مقهى يمنع دخول الجوال والكمبيوتر، هل تتوقعون نجاح هذه الفكرة؟ أنا شخصياً سأكون من رواده، ومن يريد المبادرة فلا ينسى حقوقي الفكرية. المهم أن نحدد –وهذه فكرة المقال– الغاية (لماذا) من إنشاء هذا المقهى أو أي نشاط آخر. Your browser does not support the video tag.