معضلة جديدة تضاف إلى مأساة الشعب الإيراني، وصعوبات الحياة في إيران، تنذر ب»كارثة أخلاقية» باتت تهدد المجتمع الإيراني، بعد انتشار ظاهرة التحرش بالأطفال والنساء جراء ممارسات النظام الإيراني، فقبل أيام هزت واقعة تحرش جنسي جديدة ايران، ارتكبها مدير مدرسة في العاصمة طهران، وهو حفيد العضو السابق في مجلس خبراء القيادة الإيرانية، المرجع آية الله محيي الدين حائري، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية «إرنا». وتورط المدير الذي يعمل بمدرسة للذكور والمقرب من النظام الإيراني في إجبار الأطفال على مشاهدة مقاطع جنسية وممارسات مخله، مما أثار حالة من الغضب العارم في صفوف أهالي الأطفال الضحايا الذين تجمّعوا آباءا وأمهات أمام مكتب القاضي، مرددين هتافات ضد مدير المدرسة وجرائم اغتصاب الأطفال، قبل أن تتدخل الشرطة الإيرانية لمنعهم. وانتشرت القضية في أرجاء إيران بعد بث مقطع مصور من محاكمة مغتصب الأطفال، حيث ضجت مواقع التواصل بالغضب والاستنكار، حيث برزت مخاوف مجتمعية من انتشار الظاهرة وإفلات المتهم المتورط من العقاب على غرار قضايا سابقة تورط فيها أعضاء بالنظام الإيراني. وتعيد الفضيحة الجنسية لمدير المدرسة الإيراني، التذكير بعدد من الفضائح الأخلاقية والجنسية التي تورط فيها أشخاص بارزون من «نظام الملالي» خلال السنوات الماضية، والذين اتخذوا من عباءة الدين ونفوذهم الاجتماعي والسياسي ستارا لممارسة أهوائهم، وجرائم تتناقض مع ما يروجون له من شعارات باتت معروفة لدى غالبية الإيرانيين. فالصدمة التي أحدثها مدير المدرسة، تلقى الإيرانيون مثلها في قضية فتى المرشد المدلل سعيد طوسي، المعروف بأنه أشهر قارئ للقرآن في إيران، حيث كانت وسائل الإعلام الإيرانية قد كشفت عن تورطه في اغتصاب 19 طفلا من طلابه، بينهم ثلاثة أصبحوا الآن رجالا واعترفوا أن طوسي قد اعتدى عليهم جنسيا وهم بعمر ال12، مؤكدين أن لديهم تسجيلات يعترف فيها بأفعاله، ويعرب عن ندمه بحسب ما ذكرت إذاعة شبكة «صوت أميركا» بالفارسية. إلا أن المحكمة العامة في طهران، قد فاجأت الجميع بتبرئة طوسي من اغتصاب طلابه، معللة ذلك بأنه الشهادات حول إقدامه لا تعني أنه ارتكب جريمة يحاسب عليها القانون والقضاء؛ مما أثار موجة انتقادات حادة ضد السلطة القضائية في ايران. كما تبرز أيضا القضية الشهيرة للشابة «ريحانة جباري» مهندسة الديكور الإيرانية، التي حُكم عليها بالإعدام في أكتوبر عام 2014م بعد حبسها انفراديا لمدة 7 سنوات، بسبب دفاعها عن شرفها، باتهامها بقتل مرتضى عبد العلي سارابندي، الموظف السابق في وزارة الاستخبارات الإيرانية، والمقرب من رؤوس النظام الإيراني، والذي كان قد نصب لها كمينا للاعتداء عليها بطلبه منها القدوم لمكتبه لتغيير نظام الديكور، إلا أنها قاومت الاغتصاب بطعنه طعنة واحدة، والفرار من المكان في قضية أخلاقية أخرى ضد أحد أعضاء النظام الإيراني، حيث أكدت معلومات منظمة العفو الدولية أن جباري مُنعت من الوصول لعائلتها ومحاميها، وتمت محاكمتها بصورة جائرة، كما تم تجاهل شهادة أحد الأشخاص بأن الطعنة التي سددتها المهندسة للقتيل لم تنهي حياته، وأن من قتله هو شخص آخر كان موجودا بالمنزل. في غضون ذلك، أكد خبراء ل «الرياض» أن المجتمع الإيراني بات يواجه ظاهرة الانهيار الأخلاقي منذ قيام الثورة الخمينية، بسبب ممارسات النظام الإيراني، وانتشار الفقر المدقع وتعطيل القوانين. فأكدت نورها أحمد الباحثة في الشأن الإيراني، أن الإيرانيين يواجهون مشكلة الانحراف الأخلاقي التي تزايدت خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن منظمة الخدمات الاجتماعية في بلدية طهران، قد كشفت في إحصائيتها أواخر العام الماضي، عن أن 90 بالمئة من الأطفال العاملين في طهران يتعرضون للتحرش الجنسي والاغتصاب، موضحة أنه رقم خطير جدا يهز أي مجتمع، ويشكل انحرافا شديدا. «ابحث عن الفقر المدقع!».. تقول الباحثة نورها في شرحها لأسباب ظاهرة اغتصاب الأطفال، في إيران، موضحة أن العائلات الإيرانية الفقيرة لا تستطيع الإنفاق على أطفالها؛ فتدفعهم للأسواق، لافتة إلى أن هذه الظاهرة ترتبط أيضا بظاهرة «بيع الأطفال» التي تضطر إليها الأمهات الفقيرات في ايران. وفيما يخص الانحراف الأخلاقي ضد النساء، أكدت نورها أن النساء في إيران يتجرعن من نفس كأس المعاناة الذي يتجرع منه الأطفال، مدللة على ذلك بتصريح فاطمة درويش سكرتيرة اتحاد النساء العاملات في إقليم فارس، أن الإيرانيات فريسة لأصحاب العمل، ويتعرضن للتحرش الجنسي والسلوك غير المرضي من قبل مدرائهن، مضيفة أن هذه الظاهرة تجبر العاملات على ترك عملهن غير أنهن لم يستطعن الحديث عن ما يواجهونه في ظل التقاليد المتشددة، والتي في النهاية تلقي بالعبء الأكبر على النساء. وأضافت: «يندرج ضمن ذلك، سن تحمل المسؤولية الجنائية أي تتحمل الأنثى المسؤولية عندما تبلغ 9 سنوات والصبي 15 سنة، ويعاقبون بكافة أنواع العقوبات وبما فيها الإعدام أو التحفظ عليهم في مؤسسات الأحداث حتى بلوغ عمر ال 18 عاما». فيما أكد الخبير في الشأن الإيراني أحمد فاروق أن الانحراف الأخلاقي في إيران، نتاج سياسات النظام على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، موضحا أن العاصمة الإيرانيةطهران تضم أكثر من 15 ألف شخص بلا مأوى بينهم 5 آلاف امرأة، إضافة إلى الظاهرة التي تعرف باسم «ساكني علب الكرتون» في غرب وجنوب العاصمة، والتي تضم فئات عمرية مختلفة؛ مما يجعل منهم بيئة خصبة لظاهرة الانحراف. وأوضح فاروق أنه إلى جانب الفقر والتشرد يبرز «الاستغلال الاقطاعي، وتعطيل القوانين» كعاملين آخرين في انتشار اغتصاب الأطفال والنساء، مشيرا إلى أن ذلك يشكل عقبات وخيمة أمام المرأة أو أهالي الضحايا للحصول على حقوقهم من الجناة، إضافة إلى تدخل النظام الإيراني في القضاء، واستطاعته تبرئة من يريد لهم ذلك من أتباعه ورجاله. وأكد الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، أن النظام الإيراني يستخدم التعذيب والاغتصاب كأداة سياسية للسيطرة وقمع المعارضين، مما يجعله لا يرى بشاعة الظاهرة، وتأثيراتها النفسية على الضحايا، موضحا أن النظام يختلف عن دول العالم المتحضر التي تضع القوانين المغلظة ضد هذه الجريمة ولا تأخذها أي أعذار ضد مرتكبيها حتى إذا كانوا شخصيات متنفذة. وأشار عامر إلى أن النظام الإيراني يهتم بأيديولوجياته السياسية أكثر من مكافحة ظاهرة اغتصاب الأطفال والنساء، فلا يهمه شيئا سوى الاستمرار في سياساته بغض النظر عن مصلحة المجتمع أو المخاطر التي تحيط به، كما أنه يقمع الصحفيين والحقوقيين الذين يكشفون عن تقاعس حكومي في مواجهة الظواهر الخطيرة. وأضاف: «النظام الإيراني أصبح لا يساعد الأطفال والنساء الضحايا الذين سيضطرون إلى قضاء ما بقي لهم من عمرهم يعانون إما من المشكلات النفسية للاغتصاب أو ملاحقين بالشبهات، فيما ستبقى الذئاب البشرية التي اعتدت عليهم طلقاء بلا عقاب رادع». وتابع «ما يزيد من خطورة ظاهرة الاغتصاب في إيران، أن ما يتعرض له الأطفال والنساء في المجتمع، لا يختلف كثيرا عما يجري داخل السجون الإيرانية التي من المفترض أن تكون الرادع لهذه الظاهرة، حيث تشير التقارير الحقوقية إلى تعرض السجينات الإيرانيات اللاتي يعارضن النظام إلى التعذيب والاغتصاب والضغوط النفسية المهلكة». Your browser does not support the video tag.