«العهد الدولي» مقاربة شاملة لحل قضايا اللجوء من منظور عالمي واسع مجالات التمويل الإسلامي تدرس دولياً كحلول لاستدامة التمويل الإنساني الممثل الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدى دول مجلس التعاون الخليجي أ.خالد خليفة طرح على طاولة الحوار مع جريدة «الرياض» قضايا شائكة تواجه عمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وفتح ملفات عبر عنها بتحديات معاصرة تسعى المفوضية لمواجهتها، يأتي الدفاع عن حقوق اللاجئين في مقدمتها عبر المنصات الدولية التي تعنى بشأنهم، وأكد خليفة أن أزمة اللجوء المتفاقمة بحاجة إلى مقاربة شاملة وواسعة، بعيدا عن الحلول الجزئية أو المؤقتة، ولفت في حواره مع «الرياض» إلى وجود حوالي 240 ألف من الروهينغا في المملكة يتمتعون بكافة الحقوق والظروف المعيشية المناسبة، وكشف عن وجود توجه دولي للاستفادة من حلول التمويل الإسلامي كنموذج لاستدامة التمويل الإنساني. الزميلة نوال الجبر مع الأستاذ خالد خليفة تحديات متزايدة * اللاجئون والمشردون وعديمو الجنسية وغيرهم ممن تعنى بهم المفوضية لوحظ بأن أعدادهم آخذة بالازدياد هذا العام مما أدى إلى بروز تحديات جديدة لاستيعاب المفوضية لهذا التضخم.. حدثونا عن ذلك * بداية نحن نتحدث عن 67 مليون شخص ما بين لاجئ ونازح داخلي حتى الآن منهم 22 مليون لاجئ تعنى المفوضية بالعدد الأكبر منهم وتعنى منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بحوالي 4 أو 5 ملايين من هذا العدد طبعاً هذا العدد يعتبر ضخم جداً وإيجاد حلول لمثل هذه الأعداد الكبيرة يعتبر تحديا كبيرا جدا يواجه ليس فقط المفوضية ولكن دول العالم فالمفوضية أو الأممالمتحدة ليست دولة وليس من حقها أن تمنح جنسية لشخص أو تعطيه حق الإقامة في مكان ما هذا عمل الحكومات وكلما زاد عدد المحتاجين زادت التحديات في التواصل مع الحكومات وإقناعهم بإيجاد حلول إما ببقاء هؤلاء في المكان المجودين به أو إعادة توطينهم في بلدان أخرى أو السماح بعودتهم بصورة آمنة وكريمة إلى موطنهم الأصلي. كل الهجرات مشروعة! * بالرغم من الجهود والمساعي لتغيير البنود المتعلقة بالحماية الدولية في إدارة شؤون الهجرة إلا أن هناك مشكلات متصلة بالأفراد الذين تشكل لديهم هاجس الخوف من الاضطهاد في إطار التنقلات غير المنظمة للهجرة.. كيف تواجه المفوضية هذا النوع من الإشكال الفردي؟ * خلال السنوات الماضية هناك ازدياد مضطرد في أعداد الهجرة غير النظامية نحن لا نسميها هجرة غير شرعية كما يطلق عليها أحيانا في الإعلام لكن كل الهجرات مشروعة لكن هي هجرة غير نظامية لا تتبع الإجراءات القانونية المعترف بها هذا له أسباب إما بسبب النزاعات المسلحة في دول كثيرة مثل سورية والصومال ومثل دول كثيرة في القارة الأفريقية، وهناك أيضاً أسباب اقتصادية هناك من يهاجر أو يترك بلده بسبب استحالة المعيشة في بلده، وذكرت في كلمة لي أنه لا يغادر أحد بيته إلا كان بين فكي قرش مفترس هذا بيت من قصيدة في الواقع كتبته ورسان شرى (warsan shire) وهي شاعرة صومالية بريطانية، يجب أن ندرك أن الشخص لا يترك بيته وهو بمحض إرادته فهو مضطر لذلك ولكن هناك مخاطرات كبيرة يقوم بها اللاجئون وخصوصاً من القارة الأفريقية ويستعينون بالكثير من تجار البشر أحياناً الذين يساعدونهم عبر الطرق غير المشروعة وهناك مخاطر كبيرة في عبور البحار وعبور الصحراء والانتقال والتسلل داخل الحدود الدولية وما إلى ذلك، والمفوضية قامت بالتعاون مع الشركاء في أماكن كثيرة من الدول المصدرة للاجئين بحملات توعية لتوعية اللاجئين أو توعية من لديهم الرغبة في ترك بلدانهم على الأقل بالمخاطر المرتبطة بالاتجار بالبشر والدعارة في بعض الأماكن، وبعض الأشخاص يفقدون حياتهم وممتلكاتهم وأحياناً لا يصلون إلى مبتغاهم في النهاية فهناك توعية كبيرة وهناك مشروعات ضخمة للمفوضية في ليبيا وهي واحدة من الدول التي يعبر من خلالها اللاجئون والمهاجرون إلى القارة الأوروبية، هناك برامج كبيرة لمن يرغبون بالعودة إلى بلدانهم بصورة آمنة وكريمة وتوفير بعض البرامج في بلدانهم الأصل للتأكد من إمكانية المعيشة. المفوضية تقرع جرس الإنذار * هل أعلنت يوماً المفوضية بشراكاتها حالات الطوارئ وقرعت جرس الإنذار المبكر بسبب تفاقم أوضاع المشردين؟ -المفوضية معنية جداً بالشراكات وهي ترأس مجموعة الحماية الدولية وهي الجهة الأممية المنوطة بالحماية الدولية وحماية الأفراد في حالات الطوارئ وغير الطوارئ لمن يتعرضون لأي نوع من أنواع الاضطهاد سواء كان اضطهاد ديني أو اجتماعي أو سياسي أو يخافون على حياتهم لسبب أو لآخر، والمفوضية تقرع جرس الإنذار طول الوقت نحن نهتم بفئات معينة نعتبرها هشة أو مهمشة والمفوضية تنادي طول الوقت بحماية حقوق الضعفاء وحمايتهم، وتوفير الحلول البديلة لمن يرغبون في ترك بلدانهم لسبب أو لآخر فالمفوضية تعمل مع الشركاء ليس فقط في حالات الطوارئ ولكن طول الوقت للتأكد أن الحقوق مصانة وأن الأفراد التي تعنى بهم المفوضية يتلقون الحماية اللازمة سواء كان داخل بلدانهم أو في مراحل العبور أو في البلدان التي يقيمون فيها بالنهاية. * ماهي آخر المستجدات بالنسبة لعديمي الجنسية وأبرز تطوراتها في المنطقة العربية؟ * الآن نحن نتحدث عن حوالي 10 ملايين شخص حول العالم من عديمي الجنسية، ربما الوطن العربي فيه جزء من هذا العدد ولكن هناك دولا أخرى بها مشكلات تتعلق بعديمي الجنسية ربما أبرزها (الروهينغا)، نحن نتحدث عن مليون شخص من الروهينغا يعتبرون عديمي الجنسية غير معترف بهم داخل ميانمار وغير معترف بهم داخل بنغلاديش وليس لديهم أي جنسية، ومن الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية يعيش بها حوالي 240 ألفا من الروهينغا بالتحديد في إمارة مكة معظمهم يتلقون الرعاية المطلوبة وبإمكانهم إرسال أطفالهم للتعليم والرعاية الصحية ولديهم الفرصة في العمل، وربما في بعض الحالات يعطى لهم الأولوية في التعيين مثلهم مثل السعوديين في برامج السعودة لكن هذا أيضاً لا يعني أن هؤلاء لديهم جنسية في المستقبل، لذلك القضية نفسها نحن نتعامل معها بصورة غير فردية، أعتقد أن الحل الأمثل لقضايا انعدام الجنسية هي التعامل مع القضية ككل نحن نتعامل مع انعدام الجنسية كشاغل لمجموعة من الناس لو تعاملنا معها كأفراد أعتقد أنها ستتفتت ولن تحقق المطلوب منها، في قضية الروهينغا نحن نتحدث عن شعب كامل والدفاع عن حقوقهم في المنصات الدولية هو الطريق في هذا المجال. الاستجابة الشاملة * هل من تقدم محرز في وضع القضايا الراهنة من خلال الأنشطة الإقليمية التي تبنتها المفوضية؟ * نحن نتحدث الآن في المحافل الدولية وخصوصا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة عن ما نسميه بالإطار الشامل للاجئين (إطار الاستجابة الشاملة لقضايا اللاجئين)، الأساس في هذا الموضوع هو النظر لتلك القضايا من منظور إقليمي. لو أخذنا مثلاً سورية هي مشكلة في دولة واحدة ولكنها تؤثر على خمس دول حولها منها بالتأكيد الأردن ولبنان وتركيا في المقام الأول وبعدها مصر والعراق في المقام الثاني ثم تؤثر على العالم كله فيما بعد فتصبح قضية عالمية، لا يمكن التعامل مع هذه القضايا بصورة ناجحة وناجعة إلا لو وضعناها في إطار إقليمي. ذات الشيء بالنسبة لجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى والاستضافة الكبيرة لهؤلاء اللاجئين في أوغندا والصوماليين في أثيوبيا وفي كينيا لا يمكن النظر إلى تلك القضايا كقضية دولة واحدة لأنه لو فعلنا ذلك لتركنا بعض البلدان تتحمل المسؤولية بمفردها وإحصائياً أن 84 % من اللاجئين يعيشون في دول نامية منهم ربما ربع هذا العدد يعيش في دول فقيرة جداً أو الدول الأكثر فقراً في العالم، فالمفوضية أطلقت هذه المبادرة منذ سنتين وسيتم عرض ما نسميه (العهد الدولي) بالجمعية العمومية القادمة لتبنيه والهدف منه هو النظر لقضايا اللاجئين والتشرد من منظور إقليمي ومنظور عالمي يهدف إلى المشاركة في تحمل العبء. الحاجة للإصلاح مستمرة *هل هناك مساعٍ لإعادة عملية الإصلاح الهيكلي والإداري في مجالي الإدارة والرقابة للمفوضية؟ * بالتأكيد كل المنظمات بحاجة للإصلاح المستمر، هناك دعوة كبيرة من الدول الأعضاء ومن الجمعية العمومية إلى إعادة الهيكلة في بعض المنظمات وفي سكرتارية الأممالمتحدة والمنظومة بالكامل. الأمين العام الحالي أنطونيو غوتيريش أعلن في برنامجه الانتخابي أن عملية إعادة هيكلة الأممالمتحدة وإصلاح المنظومة هي على رأس أولوياته وبدأ بالفعل في تنفيذ بعض تلك النقاط، والمفوضية جزء من المنظومة إذا تغير أي شيء في منظومة الأممالمتحدة يجب أن يوازيه أيضاً تغيير إداري وهيكلي في المفوضية كواحدة من المنظمات الرئيسة داخل المنظومة فهناك حديث مستمر عن عملية إعادة الهيكلة والتنظيم وإعطاء القيادة السليمة اهتمام أكبر في المستقبل. دور كبير للمنظمات الإسلامية *المنظمات الإغاثية الإسلامية كيف جاء تأثيرها على قضية اللاجئين؟ -المنظمات الإغاثية الإسلامية لها باع وذراع في البرامج التنفيذية في الميدان لمستها بنفسي في بلدان كثيرة جداً بدأت المنظمات الإسلامية ربما تظهر بصورة مؤسسية في بداية الثمانينات وخصوصا في منطقة القرن الأفريقي وجنوب الصحراء في أفريقيا ثم بدأت تتوسع هذه المؤسسات وأصبح لدينا مؤسسات ضخمة جداً، مؤسسات مبنية على مبادئ الدين الإسلامي ولكنها تعمل من أجل الجميع تساعد المحتاج بغض النظر عن دينه وعرقه وجنسه ومكانه أو لونه تعمل في بقاع الأرض في أماكن كثيرة جداً نتحدث الآن عن إمكانات كبيرة جداً للتمويل الإسلامي واستخدام التمويل الإسلامي سواء إن كنا نتحدث عن الزكاة، الوقف، المرابحة، المشاركة، والمضاربة هناك بنود كثيرة جداً تندرج تحت مجالات التمويل الإسلامي يتم دراستها الآن كنماذج يجب تبنيها من قبل المنظمات الدولية كحلول لاستدامة التمويل الإنساني. كلمة اعتراف بالدور الكبير الذي لعبته المنظمات الإسلامية في أماكن كثيرة حول العالم ونتمنى أن تتم أو تستمر تلك المؤسسات في تطوير نفسها من الداخل، تطوير منظومتها، شركاتها، والكوادر الفنية العاملة فيها. * ماهي القضايا المستقبلية التي تسعى المفوضية لتبنيها؟ * واحدة من القضايا الرئيسة التي نسعى إلى تبنيها في المستقبل هي المشاركة في تحمل الأعباء عن الدول التي لا تستطيع استقبال الأفراد واللاجئين بالتمويل والمساعدة الفنية والمناصرة في المحافل الدولية، لأن جزءا كبيرا من اللاجئين في العالم يعيشون في عدد قليل من الدول وهناك عدد قليل من الدول يصدر عدد أكبر من اللاجئين، فنصف سكان سورية وسكان اليمن - رغم جهود المملكة والإمارات- بحاجة إلى المزيد من المساعدات الإنسانية. *هل تهدف المفوضية لتوسيع أنشطتها؟ -أعداد المشردين واللاجئين تتزايد بسبب النزاعات المسلحة وهذا مؤسف جداً فمعظمها مشكلات من صنع الإنسان وليس أمامنا بديل سوى التوسع في برامجنا في الأماكن التي تستقبل أعدادا كبيرة من اللاجئين وهذا يتم بصورة استباقية أحياناً كما حدث في بنغلاديش، فنحو 700 ألف شخص خرجوا في أيام وانتقلوا من دولة إلى أخرى مشياً على الأقدام، وهنا تتوسع المفوضية في برامجها وتعين موظفين أكثر، لكن يحب التفريق بين طريقة عمل المفوضية والمنظمات الأخرى، فنحن نعتمد على مواردنا العامة في الاستجابة الإنسانية ولا ننتظر لحين توفر التمويل، فلا نخاطب المانحين إلا بعد أن نقوم بواجبنا في كل الحالات. * توفرون المخيمات والخدمات الأساسية والمساعدات، ماذا عن الوجه الثقافي؟ -الجانب الثقافي يعتمد على التوعية من قبل المفوضية للأفراد حول العالم وللمجتمعات فهناك نظرة سلبية للاجئين في بعض المجتمعات وهناك عدم قبول لهم في بعض الأماكن وبعض المجتمعات تشعر بالمنافسة من اللاجئين وأنهم يأخذون وظائفهم أو يأخذون أماكنهم في التعليم لكن الدراسات العلمية أثبتت أن اللاجئين في الواقع يضيفون إلى اقتصادات وإمكانات الدول التي يقيمون فيها ولديهم إمكانات ومنهم الباحثون ومنهم المتعلمون ومنهم أساتذة الجامعة ومنهم كوادر نجدها الآن في أوروبا ويقومون بخدمات جليلة في المجتمع. وهناك دراسات في القارة الأفريقية أثبتت أن اللاجئين في مخيمات في بعض الأماكن الفقيرة تضيف 10 % لاقتصاد المنطقة المحيطة بها. والمفوضية تقدم برامج توعوية للاجئين أنفسهم لتعريفهم بحقوقهم وأيضاً بالتزاماتهم وتوعية الجمهور والحكومات بإمكانات اللاجئين وما يمكن أن يقدموه لاقتصادات تلك الدول. * كيف ساهمت المفوضية في تقليص التحرش بالنساء في المخيمات؟ * للأسف المرأة اللاجئة تواجه مشكلات مختلفة عن الرجال والمفوضية تقوم ببرامج خاصة لحماية النساء اللاجئات منها إضاءة المخيم التي توفر جزءا كبيرا جداً من الحماية للإنسان، وبعض المخيمات لا يتوفر فيها إضاءة والمانح قد يتخيل أن الإضاءة جزء غير مهم ويريد أن تذهب مبالغه للأكل والشراب والصحة وثبت في بعض الأماكن التي يوجد بها مشكلات للتحرش، نقص في التغذية بالنسبة للسيدات لأنهن يفضلن عدم الأكل على استخدام دورات المياه في المخيمات المظلمة، تجنباً لتعريض أنفسهن للتحرش. ومن البرامج الأساسية لحماية المرأة اللاجئة إنارة المخيمات وبتنظيمها ووضع النساء في أماكن آمنة داخل المخيم للحفاظ على وحدة الأسرة وتوفير الخدمات اللازمة لهن بما يقلل من حركتهن. * اللاجئة المسلمة لديها خصوصية ثقافية، كيف أدت المفوضية دورها تجاهها؟ -المفوضية تأخذ الثقافة في الاعتبار في كل مكان سواء كنا نتحدث عن الثقافة الدينية أو الثقافة المجتمعية وقد رأيت سيدات بمفردهن في مخيمات الروهينغا، ولهن أماكن خاصة، فحقوق المرأة المسلمة تؤخذ في الاعتبار تماما في توفير مكان لدورات المياه وغسيل الملابس وهناك متخصصين في هذا المجال. * ما دور المفوضية تجاه ظاهرة تجنيد الأطفال في الميليشيات ؟ -هذا شيء مخالف لكل الأعراف الدولية وكل القوانين الدولية والمفوضية من المنظمات المعارضة لهذا التوجه بصورة كبيرة ونحن نحاربه في العالم كله. أزمة الروهينغا تدمي الضمير الدولي Your browser does not support the video tag.