"كرة القدم صنعتها إنجلترا، واتقنتها البرازيل"، مثل شعبي دارج في عالم كرة القدم، ويبدو أن ذلك مطابقٌ للواقع تماماً، فرغم أن إنجلترا كان لها الدور الأكبر في صناعة كرة القدم، والمساهمة بانتشارها حول العالم، وذلك من خلال الرحالة الإنجليز أو الطلبة الذين ابتعثوا للدراسة في الجامعات الإنجليزية، إلا أنه وبالرغم من هذا الجهد الكبير في تأسيس ونشر كرة القدم، لكن المنتخب فشل في أن يصنع نفسه كأحد أبزر المنتخبات تحقيقاً للألقاب في البطولات العالمية والقارية، وهذا يلخص سبب عدم وجوده على رأس المجموعة السابعة، والتي تضم إلى جواره تونس وبنما وبلجيكا، حيث سيخوض معها منتخب إنجلترا مباريات دور المجموعات في مونديال روسيا. إنجلترا، واحدة من أكبر دول المملكة البريطانية، وكانت أرضها هي الموطن الأول للإنسان في العصر الحجري، وقد سكنتها ابتداءً قبائل جرمانية في أوائل العصور الوسطى، ولذلك جاءت كلمة إنجلترا اشتقاقاً من "أرض الأنجل"، وكان استخدام كلمة إنجلترا معروفاً في عام 897م، ويقصد به الإشارة للجزء الجنوبي من جزيرة بريطانيا، وعزا مؤرخون آخرون أن كلمة إنجلترا، من شبه جزيرة أنغلن مثلما أورده المؤرخ الروماني تأسيتس في كتابه "جرمانيا". الكرة في مهدها إنجلترا، هي مهد كرة القدم مثلما يطلق عليها، فقد كانت انطلاقة الساحرة المستديرة من أراضيها، ويعود تاريخ بدء مزاولتها إلى عام 1314م، والتي لم تكن تتم بشكل احترافي إطلاقاً، وإنما كانت تحركات بدائية غير مقيدة بأنظمة قوانين خاصة، وظلت كرة القدم على حالها تلعب في شوارع وحواري إنجلترا، وسط معارضة الكثير من المسؤولين والساكنين فيها، باعتبار لعبة تحمل عنفاً وقد تلحق أذى بمن يخوضها، وقد أصدر بعض المسؤولين في إنجلترا قرارات لفرض عقوبات وغرامات مالية على من يمارس هذه اللعبة العنيفة على حدٍ وصفهم، وهو الأمر الذي لا يتفق معه الباحث ريتشارد مولكاستر والذي قال: إن كرة القدم قيمة تعليمية إيجابية لأنها تعزز الصحة والقوة، وبقيت كرة القدم تركل في ملاعب الحواري والمدن الريفية، وغير حاضرة في المؤسسات الحكومية لإنجلترا. تعليم كرة القدم في عام 1801م انتقلت كرة القدم إلى مرحلة جديدة، فقد دخلت المداس الإنجليزية، وباتت جزءاً من الحركة التعليمية للطلبة الإنجليز، وأصبحت كرة القدم تنافس لعبة الكريكت والركبي من حيث الشعبية، وفي عام 1839م كان موعد تنظيم المباراة الأولى على مستوى المؤسسة التعليمية في إنجلترا، فقد أقام ألبرت بيل أول مباراة كروية في جامعة كامبردج، وهي المباراة التي لعبت دون أي قواعد خاصة بكرة القدم، وإنما ظهرت القواعد الأولى لكرة القدم في 1843م والتي تبدو مختلفة بشكل كبير عما وصلت إليه كرة القدم اليوم، وكان الهدف من تشريع هذه القواعد وتأسيسها هو احتواء كرة القدم، وإذابة العداء الظاهر بينها وبين المؤسسات الحكومية في إنجلترا، والتي كانت تقف ضد انتشار اللعبة. أول الأندية مع ازدياد الحركة الكروية في إنجلترا، انجذب لاعبو نادي شيفيلد للكريكت إلى الساحرة المستديرة، وقاموا بتنظيم مباراة كرة قدم عام 1855م وذلك بهدف المحافظة على لياقتهم البدنية، إلا أن هذه التجربة كانت لافتة لهم بشكل كبير، وقادتهم إلى تأسيس أول أندية كرة القدم في العالم، فتم خلال عام 1857م الإعلان عن إنشاء أول فريق كرة قدم في العالم، يحمل اسم شيفيلد كذلك وبفضل تأسيسه تشكلت قواعد وأنظمة كرة القدم، وذلك على يد الثنائي ناثانيال كريسفيك وويليام بريست، فقد عمدا إلى وضع أنظمة قواعد خاصة بكرة القدم، عرفت فيما بعد بقواعد شيفيلد الكروية، والتي كانت مرجعاً في الكثير من اللحظات للعديد من الدول والأندية حول العالم، وبعد أن ازداد توسع الأندية الكروية في شيفيلد حتى وصل عددها 15 نادياً، تقرر إنشاء اتحاد شيفيلد لكرة القدم، والذي تحول لاحقاً إلى مسمى رابطة أندية شيفيلد لكرة القدم، وخاض نادي شيفيلد أول مباراة له خارج إطار مدينته ضد نوتنغهام في عام 1865م. أندية إنجلترا لقد ساهم نمو وتطور كرة القدم في إنجلترا، إلى ولادة العديد من الأندية الإنجليزية، والتي يصعب بشكل واضح حصرها، أو التطرق إلى تاريخ كل منها، لاسيما تلك الأندية التي سبقت في عملية التأسيس لكنها بقيت حبيسة الدرجات المتدنية في كرة القدم الإنجليزية، إلا أنه من السهل الإشارة إلى أعرق أندية إنجلترا، والتي صنعت تاريخاً كروياً كبيراً لها في إنجلترا وخارجه، وفي مقدمة هذه الأندية هو زعيم الكرة الإنجليزية ليفربول، والذي تأسس عام 1892، وحقق الدوري المحلي 18 مرة، وحصد على مستوى القارة الأوروبية 11 لقباً كأكثر أندية إنجلترا تحقيقاً للألقاب أوروبياً، وفي المرتبة الثانية يأتي مانشستر يونايتد والذي لا يحمل ألقاباً كبيرة على مستوى القارة الأوروبية، بخلاف توهجه وتألقه داخلياً حيث يعتبر هو أكثر أندية إنجلترا تتويجاً بلقب الدوري المحلي، بعد أن حققه 20 مرة، وكان تاريخ تأسيسه تم عام 1878م، ورغم أن جاره مانشستر سيتي تأسس بعده بعامين، إلا أن الفوارق الفنية والتاريخية بين الناديين كبيرة جداً، فلم يستفق مان سيتي من غيابه عن البطولات إلا مؤخراً، حيث انتفع من انتقال ملكيته إلى مستثمر إماراتي ساهم في أن يحقق السيتي ألقاباً جديدة على الصعيد المحلي، وبفضل الاستثمارات فقد ارتفعت أسهم فريق تشيلسي الذي تأسس عام 1905م، ولم يكن رغم أقدمية تأسيسه واحداً من الأندية المؤثرة في رياضة إنجلترا، إلا أنه وبعد انتقال ملكيته إلى المستثمر الروسي، أصبح منافساً شرساً في الدوري المحلي. أبطال العالم كان مونديال عام 1950م هو الظهور الأول لمنتخب إنجلترا في كؤوس العالم، إلا أن هذه المشاركة اقتصرت على دور المجموعات، وفي نهائيات عام 1954 توقفت مشاركة إنجلترا عند ربع النهائي، وهو الدور الذي لم تصله في حضورها الثالث عام 1958م ، وظهر منتخب إنجلترا للمرة الرابعة في نسخة عام 1962م وتوقفت مسيرته عند ربع النهائي، وفي نسخة كأس العالم 1966م استطاع الاتحاد الإنجليزي أن تكون ملاعب إنجلترا هي المستضيفة لمباريات البطولة، وابتدأ المنتخب الإنجليزي البطولة على نحو جيد، حيث تجاوز دور المجموعات، وفي ربع نهائي البطولة استطاعت إنجلترا أن تهزم الأرجنتين 1/0، وكان موعدها في نصف النهائي أمام منتخب البرتغال، وفي تلك المباراة نجح منتخب إنجلترا من الوصول للمباراة النهائية بعد فوزه على البرتغال 2/1، وفي ملعب ويمبلي وتحت أنظار الجماهير الإنجليزية، استطاع منتخب ألمانيا أن يخطف هدف التعادل في الثواني الأخيرة من المباراة النهائية، ويؤجل تتويج إنجلترا بأول ألقاب كؤوس العالم، إلى الأشواط الإضافية، والتي شهدت تفوق إنجليزي استطاع أن يحسم نتيجة المباراة لصالحه بنتيجة 4/2 ، ويتوج نفسه بطلاً للعالم للمرة الأولى بتاريخ الكرة الإنجليزية. حضور متواضع رغم تتويج إنجلترا بلقب كأس العالم 1966م، إلا أنه ظل بعيداً عن تقديم مستوى متميز في بطولات العالم، فقد كان ظهوره في النسخ الماضية ضعيفاً، ولا يليق على الإطلاق بحجم وتاريخ كرة القدم الإنجليزية، فكان ثمن النهائي الذي وصله في نسختي عام 1998 و2010م، هي أفضل المراحل التي وصلها منتخب إنجلترا، وأما على صعيد بطولة أمم أوروبا والتي شارك فيها منتخب إنجلترا تسع مرات، فكان وصوله لنصف نهائي بطولة عام 1996م هي أفضل حضور يسجله المنتخب الإنجليزي في بطولات اليورو الأوروبية، ومن المؤكد أن هذه الأرقام تبدو مستفزة للشعب الإنجليزي، والذي بات محبطاً من الأداء الذي يقدمه منتخبه في كل مرة يشارك ببطولات عالمية أو قارية. إلى روسيا رغم أن منتخب إنجلترا غني بالأسماء المميزة، ويمتلك الإمكانات التي تؤهله لأن يكون بطلاً على الدوام، إلا أنه حضوره المخجل في بطولات كأس العالم، وبطولة أمم أوروبا ظل لغزاً لا يعرف جوابه، ففي تصفيات أوروبا المؤهلة لمونديال روسيا، قدم منتخب إنجلترا تحت قيادة مديره الفني غاريث ساوثغيت أداءً مميزاً، تصدر بفضله مجموعته دونما أي خسارة طيلة مباريات التصفيات، ويمتلك كوكبة من النجوم في صفوفه أصبحوا جاهزين للذهاب إلى موسكو وتمثيل المنتخب الإنجليزي، وفي مقدمتهم هداف المنتخب هاري كين، والذي نافس الموسم الماضي على تحقيق لقب هداف البريمرليغ قبل أن يخسره لصالح المصري محمد صلاح، إلا أنه وبالرغم من هذه الكوكبة من النجوم الذين سيرتدون قميص إنجلترا في روسيا، فإن إمكانية تحقيق المنتخب الإنجليزي لأي نجاح في ملاعب موسكو يبدو أمراً غير متوقع، فقد باتت الشكوك في قدرة منتخب إنجلترا على تحقيق أي نجاح هي الملازمة له قبل التوجه لأي بطولة، رغم الغربلة الكبيرة التي أجريت على تشكيلة المنتخب قبل توجهه إلى موسكو، حيث شهدت انضمام ظهير ليفربول الناشئ ترينت ارنولد للمرة الأولى، إلا أنه ومع هذه التغييرات التي أجراها ساوثغيت، يبقى إمكانية منافسة إنجلترا على تحقيق شيء في روسيا أمراً صعباً للغاية. الظهور الأول أمام المنتخب الأسكتلندي ظهر منتخب إنجلترا لكرة القدم، لأول مرة في العام 1872م إذ خاض مباراة دولية أمام منتخب أسكتلندا، وذلك لأول مرة في تاريخ كرة القدم، وانتهت المباراة بالتعادل بين المنتخبين صفر - صفر، وكانت هذه المباراة هي الولادة الحقيقية لمنتخب إنجلترا، الذي كان خاضعاً تحت إشراف ورقابة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، وازداد نشاطه في العام 1907م حيث قام المنتخب بعملية التوسع والانتشار في خوض مباريات ودية خارج إطار المملكة البريطانية، إلا أنه وبالرغم من أقدمية منتخب إنجلترا، وكذلك أقدمية كرة القدم كاملة في الأراضي الإنجليزية، لكن المنتخب غاب عن الوجود في النسخ الأولى من مسابقة كأس العالم، حيث لم يشارك منتخب إنجلترا في نهائيات كأس العالم للأعوام 1930 و1934 و1938. المرجع الرئيس لكرة القدم في العالم اتحاد رياضي مع ازدياد الحركة الرياضية في إنجلترا، تمت فكرة تأسيس وإنشاء الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، وذلك في العام 1863م، وذلك من خلال الاجتماع الذي عقد في لندن، وتم خلاله الاتفاق على إعادة صياغة القوانين التي وضعها اتحاد شيفيلد مسبقاً، لتكون هي القواعد المقبولة عالمياً والمرجع الرئيس لكرة القدم حول العالم، وشمل الاجتماع حضور الأندية الرياضية، وكذلك عدد من المدارس التعليمية التي كانت تولي كرة القدم اهتماماً كبيراً، ونتج عن هذا الاجتماع فكرة إنشاء الاتحاد الإنجليزي، وإقامة البطولات الكروية تحت إشرافه وتنظيمه، ورغم أصوات المعارضة التي ظهرت في هذا الاجتماع، إلا أن فكرة التأسيس كانت ناجحة، وترتب عليها مضي كرة القدم في العالم الإنجليزي نحو الأمام. منتخب إنجلترا.. أسماء لامعة وأداء باهت هاري كين.. مدفع إنجلترا الهجومي ارنولد سيحضر بقميص إنجلترا للمرة الأولى Your browser does not support the video tag.