قصايد لابد الملا تستفيدها لامسى غريم الروح للروح صايد أكثر ما يحرص عليه الشاعر جودة قوله وسلامة المنتج الشعري الذي بذل فيه جهده، وأيضاً أكثر ما يحرص عليه المتلقي هي الفائدة، فهو يقتطع من وقته ويبذل جهده يريد الحصول على مردود يتناسب وذلك الجهد والوقت. والشاعر عندما يعبر عن إحساسه فإنما يقصد الوصول إلى هدف، فهو يختلف عن غيره في كون الشعر لا يأتي إلا بقصد، فهو يتطلب وزناً وقافية وسلاسة وجمالاً وصوراً فنية وجمالاً وتكاملاً في سبكه وحبكه واختيار المفردة المناسبة، وبلاغة في لغته وبيانه، وكل هذا لا يأتي عفوياً بل يأتي عن قصد، لهذا سميت نتيجته "قصيدة"، والمعنى أن الشاعر قال قولاً يقصده ويعنيه، ويبوح إما بأمل أو ألم أو شكوى أو رسالة، مع قصد إيصالها إلى السامع. وعادة لا يقال للبيت قصيدة حتى لو تضمن المعاني الكبيرة، واتضحت منه مقاصد الشاعر وعبر فيه عن هدفه ورسالته، ولذلك تعليله، ولكنه يعد بيتاً من الشعر، فإن كان مميزاً وضم إلى مجموعة من الأبيات استحق أن يعطى شهرته بأن يوصف بأنه بيت القصيد. ولا يعني طول القصيدة المبالغ فيه أو قصرها المعقول (7 أبيات أو عشرة) مثلاً، لا يعني شيئاً يذكر، ولكنه يوحي في الطول بطول نفس الشاعر وغزارة مفرداته، خاصة عندما تكون القافية صعبة أو الغرض والتراكيب مختارة بدقة وعناية غير مكررة ولا فارغة المعاني، فالتطويل والإطناب والاسترسال بيتاً بعد بيت دلالة على المقدرة والثقافة وسعتها وغزارة النبع الذي ينهل منه. وتميز جيل الشعراء القدامى بطول النفس فجاءت قصائدهم طويلة، وقلّ أن يميلوا لنظم قصيدة قصيرة، وكانت سمة العصور الماضية فيما يخص الشعر والشعراء إشباع المعنى بتفصيل أو بتعدد المقاصد في القصيدة الواحدة، أي بعدد الموضوعات أو الأغراض، فلا تكون القصيدة الواحدة لموضوع واحد، مع أن وحدة الموضوع ميزة لكنهم في زمن قد يرغب المتلقي بالتعدد. وهذه الصفة في القصائد السابقة بدأت تنحسر شيئاً فشيئاً حتى إن إيصال المعنى بأقل الأبيات صار هو الغالب، وكأن مقصود الشاعر اليوم هو السبق بترجمة معنى ورد في ذهنه ولا يريد أن يبذل مجهوداً في نظم قصيدة طويلة تأخذ منه ومن المتلقي وقتاً قد لا يجد مردوداً له لا مادياً ولا معنوياً، ولا يكون طول القصيدة إلا مع المنافسة واستعراض المقدرة، لكننا اليوم في وقت ضعف فيه هذا الجانب. إذاً كل قصيدة شعر، وليس كل شعر قصيدة، ففي مقدور متذوق الشعر أن يعبر يوماً من الأيام بالبيت والبيتين عن إحساسه وشعوره، ولكنها تظل أبياتاً لا تكون قصيدة تحسب ضمن القصائد التي يقولها الشعراء، وقائلها يبقى في دائرة المتذوق له. وإذا تجاوزنا هدف القائل فإن هذا الرأي يكون منطقياً عندما نلاحظ الساحات الاجتماعية مليئة بمثل هذا التعبير الذي يأتي عفوياً ولكنه لا يعطي مسمى الشاعر للقائل. بينما اتسم نتاج الشعراء الذي استحقوا هذه التسمية بالقصد، وسبق العزم على أن يقول أحدهم قولاً موزوناً ومقفى من أجل تخليد قوله وبقائه يتردد بين الأجيال، وينتفع الآخرون به. وهذه القصائد المقصودة هي ما يوصف قائلها بالشاعر وتستحق أن تقف الأقلام عند معانيها ومبانيها للدراسة والنقد والاستفادة والتحليل والتعليل والحفظ والرواية. يقول الشاعر راشد الخلاوي رحمه الله رحمة واسعة: يقول الخلاوي والخلاوي راشد وهو قاعد يبني جديد القصايد قصايد لابد الملا تستفيدها لامسى غريم الروح للروح صايد لعل الذي يروونها يذكرونني بترحيمة تودع عظامي جدايد فالشاعر راشد الخلاوي يتضح من بداية قصيدته الطويلة هذه أنه يقصد بقاءها بعد موته حتى يترحم عليه من يتلقاها، فجود مبانيها وأتقن سبكها وحرص على معانيها ووضح مضامينها، ولو رجعنا إليها لوجدناها بالفعل قصيدة تستحق أن تروى ليتلقاها الأجيال ويترحمون على صاحبها. وسائل التواصل ساهمت بأقلال الأبيات Your browser does not support the video tag.