الروايات بالنسبة لي مثل المسلسلات، قد تكون جميلة ولكنها أطول من أي وقت أملكه.. لهذا السبب توقفت عن متابعة المسلسلات وقراءة الروايات من سن الثانية عشرة والاكتفاء في أحسن الأحوال بمتابعة الأخبار والتقارير المتعلقة بها.. ولكن؛ بين الحين والآخر تشتهر روايات معينة (لدرجة تحثني على شرائها) ولكنني أفشل مرة أخرى في إكمالها.. حدث لي ذلك مع رواية «آيات شيطانية» و «الفيل الأزرق» و «مئة عام من العزلة» و «بنات الرياض» و»ترمي بشرر» و«رموز دي فنشي»... وجميعها حققت في وقتها شهرة مفاجئة أو كثر اللغط حولها لدرجة اشتريتها وحاولت قراءتها فعلاً.. والطريف أنني كنت أشتريها رغم علمي باحتمال عدم قرائتها (وعشاق الكتب يفهمون قصدي جيداً).. وحين أشعر بتأنيب الضمير -على بقائها في مكتبتي دون فتحها- أفتح الانترنت لأقرأ ملخصات سريعة عنها. ويمكن القول إن رواية رموز دي فنشي كانت أقل الروايات التي أصابتني بتأنيب الضمير كوني شاهدتها لاحقا كفيلم وقرأت عنها أكثر من ملخص على الإنترنت. وهي رواية لكاتب يدعى «دان براون» بيع منها عشرون مليون نسخة بأكثر من 45 لغة. وما يهمنا اليوم ليس الرواية نفسها بل عزفها على وتر حساس وشائك في تاريخ الديانة المسيحية.. منعت في دول مسيحية كثيرة بما في ذلك لبنان والأردن بعد ضغوط من التجمعات المسيحية كونها - من وجهة نظرهم - تشكك في نقاء الديانة النصرانية. والحقيقة هي أن الرواية تحاول كشف التأثيرات المتبادلة بين الطقوس المسيحية الشائعة اليوم والأديان الوثنية التي سبقتها واقتبست منها. وتبدأ القصة في باريس حيث يقتل مدير متحف اللوفر بطريقة غامضة. وحينها تشتبه الشرطة بالبروفيسور «روبرت لانغدون» المتخصص في تاريخ الأديان وتستعين بخبيرة في الشيفرة تدعى نوفوو لتحليل «شفرة» كتبها مدير المتحف قبل مقتله. غير أن صوفي تكتشف براءة البروفيسور لانغدون فتهرب معه وتحصل (بواسطة الشفرة) على مفتاح لوديعه خاصة في بنك زيوريخ السويسري. ومن البنك يستخرجان صندوقا أودعه مدير المتحف المقتول يضم وثائق وأسراراً مهمة تعود إلى جمعية سايون الدينية (تكشف زيف المسيحية المنتشرة هذه الأيام).. و»سايون» جمعية مسيحية حقيقية أسسها العام 1099 في القدس قائد فرنسي يدعى غودفروا دوبويون بعد احتلاله المدينة مباشرة. ويعتقد «السايونيون» أن المسيحية انحرفت عن مسارها حين تنصر الإمبراطور قسطنطين وأدخل عليها تعديلات جذرية. ففي عهد الإمبراطور قسطنطين كان الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية هو الوثنية وعبادة آلهة إغريقية.. وحين تضاعف أتباع المسيحية في روما وبدأ المسيحيون والوثنيون يتصارعون إلى درجة هددت الإمبراطورية الرومانية بالانقسام قرر قسطنطين العام 325 توحيد الجميع تحت دين واحد هجين. وهكذا أنشأ دينا مقبولا من الطرفين من خلال دمج الرموز والأصنام والطقوس الوثنية داخل الديانة المسيحية (بدليل سلامة المسيحية قبل هذا التاريخ من وجود التماثيل وعبادة الصلبان وفكرة التثليث وتطابق الأعياد السنوية). غير أن قلة قليلة من المسيحيين المخلصين بقوا على ديانتهم النقية (وهذه حقيقة تاريخية) واستمروا على موقفهم لأكثر من ألف عام من خلال جمعية سايون الفرنسية التي اتضح من خلال الرواية أن أعضاء منها ما يزالون يعملون حتى يومنا هذا في الخفاء على مقاومة التعديلات القديمة.. Your browser does not support the video tag.