من خلال عرض الكيفية التي تجرى على وفقها هذه العقود، وما يلحقها من بياعات يتبين حرمتها، فهي لا تتوافق وقواعد الشريعة، وتصادم أحكام شرعية واضحة، ومفاسدها تربو على مصالحها، وقد صدر بعدم جواز هذه العقود قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي. وبالرجوع إلى الجزء الأول من هذا المقال، يتبين أن السلعة محل العقد تباع عدة بيوعات، وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين ما بين البائع الأول والمشتري الأخير، مخاطرة منهم على الكسب والربح، مما عدّه "المجمع" كالمقامرة سواء بسواء. كما أن هذه السلعة تباع وهي ليست في ملك البائع، وهذا غير جائز شرعاً؛ لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تبع ما ليس عندك)، والحديث الآخر أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم). ولا يصح تخريج هذه البيوع على بيع "السَّلَم" الجائز في الشريعة الإسلامية، وذلك للفرق بينهما من وجهين: 1- في هذه العقود لا يدفع الثمن في مجلس العقد بخلاف السلم. 2- في هذه العقود تباع السلعة المتعاقد عليها عدة بيوعات - كما تقدم - بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه. وبالتالي لا يمكن أن تخرج عقود "المستقبليات" على عقد "السلم"، وهو متاجرة مالٍ في مال لا يخلق اقتصاداً حقيقياً، ولا يحقق نمواً صحيحاً بل هي مجال للتلاعب في الأسعار الذي قد يجر إلى كوارث مالية، وبينما ذهب بعض الباحثين إلى دراسة إمكانية تطويرها بما يتفق والشريعة الإسلامية؛ ذهب آخرون وهو الأصح إلى: أنه ليس للمستقبليات غرض مشروع يعتدُّ به، ومن ثم فلا حاجة إلى تطويرها أو البحث في بدائلها. على الطريق: لا نحتاج إلى كلام كثير؛ بقدر ما نحتاج إلى علم دقيق؛ يختصر لنا الكلام الكثير. Your browser does not support the video tag.