تتنوع برامج التمويل والتقسيط، وتتنوع الجهات المقدمة لتلك البرامج. ولعل جانب موافقة الشريعة الإسلامية هو المعيار الأبرز في قبول تلك البرامج من قبل الشريحة الأوسع من العملاء الراغبين بالحصول على احتياجاتهم عبر التمويل والتقسيط. ويختلف الموقف الشرعي من المنتجات التمويلية باختلاف الآليات التي تتم وفقها عملية الحصول على الخدمة؛ فلكل حالة حيثياتها وشروطها الخاصة. وفيما يلي إضاءات على بعض الحالات من خلال فتاوى متعددة. فتوى مجمع الفقه الإسلامي الدولي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين قرار رقم: 13 (1/3) بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8-13 صفر 1407ه، الموافق 11 - 16 تشرين الأول ( أكتوبر ) 1986م، بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لجميع الاستفسارات التي تقدم بها البنك إلى المجمع، قرر ما يلي: بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية أولاً: يجوز أخذ أجور عن خدمات القروض على أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية. ثانياً: كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً. بخصوص عمليات الإيجار أولاً: إن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية بإيجار المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً. ثانياً: إن توكيل البنك الإسلامي للتنمية أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك بغية أن يؤجره البنك تلك الأشياء بعد حيازة الوكيل لها، هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك. ثالثاً: إن عقد الإيجار يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد. رابعاً: إن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الإجارة جائز بعقد منفصل. خامساً: إن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك بصفته مالكاً للمعدات ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير من المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه. سادساً: إن نفقات التأمين لدى الشركات الإسلامية، كلما أمكن ذلك، يتحملها البنك. بخصوص عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن أولاً: إن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعاً. ثانياً: إن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصولها وحصولها في يد الوكيل، هو توكيل مقبول شرعاً، والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا تيسر ذلك. ثالثاً: إن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملك الحقيقي للمعدات والقبض لها، وأن يبرم بعقد منفصل. بخصوص عمليات تمويل التجارة الخارجية ينطبق على هذه العمليات المبادئ المطبقة على عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن. والله أعلم ؛؛ مجلة المجمع (العدد الثالث ج1 ص 77). فتاوى الدكتور الشبيلي بتقسيط السلع والمساكن: * ما حكم بيع التقسيط الذي تجريه البنوك اليوم؟ وما الحكم لو كانت السلعة التي أرغب في شرائها ليست عند البنك؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد : فالمقصود ببيع التقسيط أن تباع سلعةٌ بثمن مؤجل بأكثر من ثمنها الحال، يدفع مفرقاً على أجزاء معلومة، في أوقات معلومة، مثل أن تكون سيارة ثمنها نقداً أربعون ألف ريال، فيشتريها شخص بالتقسيط بخمسين ألف ريال، يدفعها مقسطة كل شهر ألف ريال. وبيع التقسيط جائز بشروطه؛ لقوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه». فالآية عامة في جميع عقود المداينات ومنها بيع التقسيط. ويشترط لصحته أربعة شروط : - ألا يكون المبيع ذهباً أو فضة أو ما ألحق بهما من الأثمان. فلا يجوز مثلاً بيع الذهب بالتقسيط؛ لوجوب التقابض في مبادلة الذهب بالنقود. - أن يكون المبيع مملوكاً للبائع وقت العقد، فلا يجوز أن يبيع سلعة قبل أن يملكها ثم يذهب فيشتريها ويسلمها للمشتري. - أن يكون المبيع مقبوضاً للبائع، فلا يجوز أن يبيع سلعة قد اشتراها ولكنه لم يقبضها. - ألا يشترط البائع على المشتري زيادة في الثمن إذا تأخر عن أداء ما عليه في الوقت المحدد؛ لأن هذا من الربا، كأن يقول: تدفع عن كل قسطٍ تتأخر في أدائه غرامة عن التأخير. ومن الصور السائدة من بيوع التقسيط لدى المصارف «بيع المرابحة للواعد بالشراء» وهو شراء سلعة نقداً بناء على طلب شخص، ثم بيعها بالأجل بربحٍ معلومٍ لذلك الشخص. مثل أن يرغب شخص في شراء سيارةٍ ثمنها خمسون ألف ريال، فيطلب من المصرف أن يشتريها لنفسه، ويعده بأنه إذا تملكها -أي المصرف- فإنه يشتريها منه بالأجل بثمنها الأول وربح 10%، أي بخمسةٍ وخمسين ألف ريال يدفعها بالتقسيط خلال سنتين. وقد تكون السلعة معينة، كأن يقول: اشتروا هذه الدار، أو هذه السيارة، أو هذه الأسهم، ثم سأبتاعها منكم. وقد تكون موصوفة من غير تعيين، كأن يقول: اشتروا سيارةً مواصفاتها كذا وكذا، أو حديداً مواصفاته كذا وكذا، ثم سأبتاعه منكم. وهذا البيع جائز إذا تحققت شروطه؛ لعموم قول الله تعالى:» وأحل الله البيع وحرم الربا». ويشترط لصحته الشروط الأربعة السابقة المذكورة في بيع التقسيط، فلا يجوز للمصرف (البائع) أن يبيع السلع على العميل حتى يملكها ملكاً حقيقياً لا صورياً، ويقبضها القبض المعتبر شرعاً بحيث تدخل في ضمانه؛ لحديث حكيم بن حزام قال : { قلت: يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني عن البيع ليس عندي ما أبيعه منه، ثم أبتاعه من السوق فقال :»لا تبع ما ليس عندك»، وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى اله عليه وسلم قال له: « ابن أخي إذا اشتريت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه». ويضاف إلى الشروط السابقة شرط واحدٌ وهو: ألا يكون الوعد السابق ملزماً لأي منهما، بل يجب أن يبقى الخيار لهما جميعاً، فإذا اشترى المصرف السلعة بناء على طلب عميله، فله أن يبيعها عليه أو على غيره، كما أن للعميل أن يشتريها أو أن يعدل عن الشراء؛ لأن الإلزام بالشراء أو بالبيع ينافي الرضا بالعقد وهو شرط لصحة البيع. تصرفات خاطئة لبعض البنوك وهناك بعض التصرفات الخاطئة التي تجريها بعض المصارف، ومنها - أن بعض المصارف تأخذ من العميل عربوناً للتأكد من التزامه بتنفيذ وعده، فإذا اشترى المصرف السلعة ثم عدل العميل عن الشراء منه لم يرد إليه ذلك العربون، وهذا محرم ومن أكل المال بالباطل. - وبعض المصارف توكل العميل بالشراء الأول والقبض. فمثلاً قد يرغب العميل في شراء سيارة ثمنها ثمانون ألف ريال، فيعطيه المصرف شيكاً بذلك المبلغ، ويوكله بشراء السيارة وتسلمها من المعرض ، وفي الوقت نفسه يقيد في ذمة العميل تسعين ألف ريال ثمناً لبيع السيارة عليه بالأجل. وهذا التصرف يعد حيلة على الربا، لأن تملك المصرف صوري، فإن حقيقة هذه المعاملة أن المصرف أقرضه ثمانين ليردها تسعين، فهو قرض بفائدة. - وبعض المصارف تبيع السلع قبل أن تقبضها القبض المعتبر شرعاً. فمثلاً قد يشتري المصرف أسهماً مباحة بناءً على طلب العميل ثم يبيعها قبل أن تسجل في محفظته، فهذا لا يجوز؛ لأن قبض الأسهم يكون بتسجيلها في المحفظة الاستثمارية. * أعمل في شركة تمنح قرض إسكان لشراء شقق من أجل السكن والية القرض كآلاتي: - إعطاء الموظف قرض بقيمة 50 ضعف راتبه الأساسي - أخذ مبلغ من قيمة القرض بنسبة 2 % على طريقة المرابحة ولكامل المدة التي سيتم تسديد القرض فيها وهي بين 12 و 17 سنه - يتم كتابة عقدين العقد الأول بين المالك والصندوق (الشركة) والعقد الثاني بين (الصندوق) الشركة والموظف - يتم التنازل من صاحب الشقة للموظف ويقوم الموظف برهن الشقة للشركة في دائرة الأراضي ويقوم الموظف بدفع نسبة الرهن وهي 16 بالألف من قيمة العقار ويدفعها الموظف - لا يقبل أن يتم تنزيل أي مبلغ من قيمة المرابحة ولو قام الموظف بتسديد المبالغ قبل المدة المقررة والمتفق عليها - تقوم الشركة بالتأمين على الحياة في شركة التأمين الإسلامية لأغراض سداد القرض على الموظف ويتحمل الموظف قيمة التأمين وعلى أقساط شهريه أريد جوابا لهذا السؤال هل هذا يتفق والشريعة الإسلامية أم فيه نوع من الربا لأنني محتار هل أخذ هذا القرض أم لا لخوفي أن يكون فيه نوع من الربا المحرم وشكرا، وهل تكون العقود الابتدائية بين الشركة وصاحب العقار بمثابة امتلاك للشقة بدون التسجيل في دائرة الأراضي بينما يتم تسجيل العقد الذي أشتري به الشقة من الشركة مع تنازل صاحب العقار لي ويتم رهن الشقة للشركة أرجو تبيان الطريقة الصحيحة لبيع المرابحة وشكرا. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فالمعاملة المذكورة جائزة بشروطٍ ثلاثة: الشرط الأول: أن تتملك شركة التمويل (الصندوق) الشقة قبل بيعها للموظف، لئلا تكون المعاقدة من بيع ما لم يُملك، ولا يلزم تسجيل الشقة باسم الشركة في دائرة العقار إذا ترتب على ذلك زيادة في الرسوم ونحوه، بل يكفي التوقيع على عقود معتمدة بين الطرفين تثبت ملكية الشركة للشقة قبل بيعها للموظف. أما إذا قامت الشركة بعملية التمويل دون أن تتملك الشقة فالمعاملة في هذه الحال محرمة لأن حقيقة العقد قرضٌ بفائدة ربوية ولو سمي مرابحة . الشرط الثاني : أن يكون ثمن شراء الشقة ثابتاً لا يزداد بزيادة المدة ، فإذا اتفق الطرفان على مبلغٍ معين، وفترة محددة للسداد، فلا يجوز فرض غرامة عن التأخير أو إعادة جدولة الدين بزيادته عن المبلغ المتفق عليه حتى ولو كان ذلك مشروطاً في العقد لأن هذا الشرط باطل لاشتماله على الربا. الشرط الثالث: أن يكون التأمين المشار إليه تأميناً تعاونياً لا تجارياً، والفرق بينهما أن التأمين التجاري تتولاه مؤسسات أو شركات يكون الغرض من تأسيسها ربحياً بحيث تقوم بتحصيل أقساط التأمين ودفع التعويضات والاحتفاظ بما تبقى من الأقساط بعد دفع التعويضات وعائد استثماره لصالح ملاك الشركة وهذا محرم شرعاً لأنه ينطوي على شبهات شرعية عديدة منها الغرر وأكل أموال الناس بالباطل، أما التأمين التعاوني فهو قائم على أساس التكافل والتعاون، حيث تتولاه جمعيات أو مؤسسات لا تهدف إلى الاسترباح من أقساط التأمين، وإنما يكون الغرض من إنشائها تفتيت المخاطر التي تقع على المشتركين وذلك بتجميع أقساط التأمين من المشتركين في صندوق جماعي، وما كان من فائضٍ أو ربحٍ فيه فيعود للمشتركين أنفسهم وما كان من نقصٍ أو خسارة فعليهم، ولا مانع من أن تتقاضى الجهة التي تقوم بإدارة هذا العمل أجوراً أو عمولات مقابل ذلك بشرط أن تكون تلك الأجور أو العمولات معلومة للطرفين. فإذا تحققت الشروط الثلاثة فالمعاملة جائزة، والله أعلم. * موقع الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي