تتهاوى المصائب على إيران من كل حدب وصوب بعد الخروج الأميركي من الاتفاق النووي، لتستمر موجة الاحتجاجات بزخم أكبر لمختلف الأسباب، آخرها كان صباح أمس في مدينة كازرون احتجاجاً على جرائم النظام الكهنوتي التي ارتكبها ليلة أمس الأول حيث شنّت عناصر القمع هجوماً عليهم. وفتحت عناصر المخابرات وقوى الأمن الداخلي النيران على المدنيين الإيرانيين الذين تجمعوا للتظاهر على اعتقال مجموعة كبيرة من شبان المدينة، مما نتج عنه مقتل عدد من المحتجين وإصابة واعتقال أعداد أكبر. وأيضاً تظاهر مزارعو الأرز في إقليم جنوبإيران، ضد قرار الحكومة المحلية بحظر زراعة الأرز بسبب نقص المياه في المقاطعة بشكل خاص وفي إيران عموماً. وبينما يتظاهر المزارعون منذ أكثر من شهر ونصف، ازداد زخم الاحتجاجات مؤخراً في ظل التخوف الشعبي الكبير داخل إيران من مستقبل اقتصاد البلاد. وبالإضافة إلى احتجاجات المزارعين، أعلن بعض كبار التجار في سوق وسط طهران إضرابهم عن العمل، الخطوة التي ترعب نظام الملالي، حيث يقول معارض إيرانيل»الرياض»: «إضراب سوق طهران (بازار طهران) يعني أن نهاية الملالي قد بدأت». وأضاف: «الإيرانيون لم يعتادوا على احتمال هذه المستوى المتدني جداً من المعيشة فبينما كان الراتب التقاعدي يصل الى 300 دولار، أصبح اليوم لا يتجاوز 180 دولاراً في أحسن الأحوال، في حين كان اللحم طعام يومي للإيرانيين لم يعودوا يرونه أكثر من ثلاث مرات في الشهر». استعرض المتشددون في إيران حرق العلم الأميركي في البرلمان الإيراني، وحاولوا الحشد لإظهار الموقف الشعبي الايراني على أنه مخالف لرأي دونالد ترمب، فبدت المظاهرات المعارضة للقرار الأميركي في طهران هزيلة جداً وقليلة الشعبية، حيث لا تتجاوز نسبة الغاضبين من إلغاء الاتفاق سوى 5% من الإيرانيين وهم الفئة النافذة المقرب من الحرس الثوري الإيراني والتي ستتضرر مصالحها بشكل مباشر. أما الباقي من الشعب الايراني فلا يتخوف إلا من المستقبل المجهول في ظل نظام أفقر شعبه، ليستفز أميركا التي كان انسحابها من الاتفاق النووي بمثابة الضربة القاضية لاقتصاد إيران. وما يجعل الإصلاح في إيران أو ترميم الوضع مستحيلاً هو الانقسام الحاد داخل نظام ولاية الفقيه بين متشددين يسعون بكل الطرق إلى عرقلة عمل حسن روحاني، ومعتدلين يسعون للتمسك بالسلطة. ولأن السياسة تلقي بظلالها بثقل كبير على الاقتصاد، أعلنت شركة توتال الفرنسية عن وقف أعمالها في إيران مفسرة ذلك بعدم رغبتها بالمخاطرة لأنها تملك نشاطات كبيرة في الولاياتالمتحدة كما تعتمد على بنوك أميركية لتمويل عملياتها.وتعتبر شركة توتال أول شرطة نفطية غربية وقعت اتفاقات ملزمة لتطوير حقول النفط والغاز في إيران (مشروع جنوب فارس) في أعقاب رفع العقوبات عن إيران في 201، التحدي الذي أعادته قرارات ترمب بتطبيق أقسى ترسانة من العقوبات على إيران. ومن المتوقع أن تحذو شركات أخرى متعلقة بقطاع السيارات والطيران والهندسة وتجارة النفط حذو شركة توتال. Your browser does not support the video tag.